وكشف المصدر ذاته أن رئيس الحكومة السابق، عبد العزير بلخادم، طلب في وقت سابق، نهاية سنة 2007 ، فتح تحقيق في الملفات الخاصة بمحافظة السهوب والمتعلقة ب500 عقد ممضى و800 أمر خدمة ممضاة على بياض، تحمل توقيع محافظ السهوب السابق "ق•ب"، الذي شغل هذا المنصب من سنة 1994 إلى سنة 2007 قبل أن يعين على رأس المديرية العامة للعامة للامتياز الفلاحي، والتي شغلها مدة 11 شهرا، من فيفري إلى ديسمبر 2007 ، قبل أن تنهى مهامه على خلفية الفضائح الثقيلة التي عرفتها المؤسستان في عهد وزير الفلاحة السابق سعيد بركات• وأفاد مصدر "الفجر" أن المستحقات المالية الخاصة بالعقود التي سويت ملفاتها بناء على "شهادة مطابقة القوانين" قدرت بأزيد من 200 مليار سنتيم، عقب التقرير الذي أنجزته المفتشية العامة لوزارة الفلاحة بين سنة 2006 و2007 ، الفترة التي كان فيها سعيد بركات على رأس القطاع• وتمثلت هذه العقود في إنجاز الأشغال الخاصة بالمناطق السهبية، على غرار ولايات الأغواط، النعامة، ورفلة، الجلفة، المدية والشلف، من خلال استصلاح الأراضي الفلاحية وصيانة وفتح طرقات المناطق الريفية، حفر الآبار، غرس الأشجار المثمرة وغيرها من الأشغال• رسالة مجهولة تحرك رئاسة الحكومة ومصالح الدرك الوطني وسبق لمصالح الدرك الوطني على مستوى ولاية الجلفة أن فتحت تحقيقا على خلفية الرسالة المجهولة التي وصلت إلى رئاسة الحكومة، التي تفيد بوجود تجاوزات على مستوى المحافظة السامية للسهوب وتطويرها، من خلال منح صفقات مشبوهة مع خرق إجراءات منح صفقات وتضخيم الفواتير وإنجاز عقود وهمية، قبل أن يرفع التحقيق الذي أنجزته الضبطية القضائية للدرك الوطني لوكيل الجمهورية لدى محكمة الجلفة• وأضاف مصدر من محيط وزارة الفلاحة والتنمية الرفية ل"الفجر" أن المفتشية العامة لوزارة الفلاحة سبق لها أن وقفت بين سنة 2006 و2007 على هذه التجاوزات، مشيرا إلى أنه بالرغم من وجود هذه الخروقات التي وقفت عليها الوزارة في عهد الوزير السابق، إلا أنه تم تسديد مستحقات المئات من المقاولين، في حين كان حريا، يقول المصدر ذاته، أن يتم تثبيت هذه الخروقات بمحاضر رسمية، واتخاذ الإجراءات الإدارية والقضائية المعمول بها في هذا الشأن، وليس تسوية المئات من العقود، ومن ثمة السماح بدفع الملايير من السنتيمات مقابل هذه الأشغال، التي قال عنها وزير الفلاحة والتنمية الريفية على هامش اجتماعه بالمدراء الولائيين بمقر وزارته "أن عملية التدقيق في المشاريع الوهمية أو التي أنجزت فيما يخص برنامج مكافحة التصحر جارية لتحديد المسؤولية والضرر المادي"، وقدر مصدرنا قيمة المبالغ المالية التي سددت بأزيد من 200 مليار سنتيم• فلاحون يطالبون بمعاملتهم بالمثل وعن الآلية التي اتخذت وبموجبها تحصلت العديد من المقاولات الخاصة على مستحقاتها المالية، رغم ما شاب العملية من خروقات، أوضح مصدرنا أنها كانت نتيجة لقيام المفتشية العامة لوزارة الفلاحة، والتي كان من المفروض أن ينحصر عملها على التحقيق للوقوف على حقيقة وجود تجاوزات وخروقات من عدمها، وليس في إيجاد حلول لوضعيات غير قانونية، وهذا من خلال إصدارها ما أسمته "شهادة مطابقة للقوانين"، ما مكن من تسوية وضعية المئات من العقود بعد الاستعانة بهذه الشهادة، التي اعتبرها مصدرنا غير قانونية وبموجبها قام الآمر بالصرف بدفع مستحقات المقاولين الخواص• وبينما تمكن بعض المقاولين من الحصول على مستحقاتهم، لا يزال البقية يطالبون لحد الساعة بتسوية ملفاتهم العالقة وتسديد مستحقاتهم ودفعها لهم بنفس الطريقة التي اعتمدت مع نظرائهم• ويأتي تسديد المستحقات ومطالبة المقاولين الآخرين بتسديدها في الوقت الذي تطرح فيه إشكالية إنجاز هذه المشاريع، حسب وزير الفلاحة، الذي ورث ملفات تشوبها العديد من الخروقات، على غرار ملف العامة للامتياز الفلاحي، الذي تمت إحالته على محكمة جنايات الجلفة، قبل أن يقوم المتهمون بالطعن في قرار الإحالة لدى المحكمة العليا، حيث صرح بأنه "يتم التدقيق في هذه المشاريع"• تجاهل قانون الصفقات العمومية وشرطه وراء التجاوزات وعدّد مصدر "الفجر" الخروقات التي وقف عليها المحققون، والتي صاحبت هذه العمليات، في كون أشغال الإنجاز تمت بدون الاستشارات التي ينص عليها قانون الصفقات العمومية والقانون الخاص بالمنافسة، ما أدى لاحقا إلى تسوية بعض هذه الملفات من خلال "فبركة" وثائق خاصة بهذه الاستشارة بتواريخ سابقة، وهو ما يعد حسب مصدرنا "تزويرا"، مضيفا أن بعض الأشغال أنجزت أيضا دون إبرام عقود، وعند القيام بدفع المستحقات تم أيضا "فبركة" عقود بتواريخ سابقة لدفع هذه المستحقات التي لم تكن مبنية على أساس سند قانوني أو تعاقدي• كما كشف المصدر ل"الفجر" عن إجراء هام جدا يتمثل في غياب دفتر الشروط التقني الذي بموجبه يتم استلام الأشغال النهائية، وهو ما يفتح الباب للتساؤل عما إذا كانت الأشغال أنجزت وفق ما تم الاتفاق عليه، ووفقا للمعاير المنصوص عليها في دفتر الشروط• وبخصوص طريقة اختيار المتعامل للفوز بالصفقات التي أعلنت عنها المحافظة السامية لتطوير السهوب، في ظل عدم التقيد بكل هذه الإجراءات، كشف مصدرنا عن أن العمليات تمت عن طريق التراضي وتم لاحقا، حسب وصف مصدرنا، "بتمويهها" عن طريق استشارات وهمية، وهو ما أدى إلى خرق مبدأ التنافس والمساواة بين المتعاملين في المشاركة في الصفقات المعلن عنها، وهو ما يفتح بابا آخرا للتساؤل بخصوص المعيار الذي بموجبه تم تحديد أسعار هذه الصفقات• ورغم هذه الخروقات، تم إيجاد حلول لدفع هذه المستحقات للمئات من المؤسسات الخاصة، وهو ما أدى لاحقا إلى مطالبة العديد من المؤسسات الأخرى التي لم تتحصل على مستحقاتها لحد الساعة بتسوية ملفاتهم ودفعها لهم بنفس الطريقة التي اعتمدت مع نظرائهم• وزارة الفلاحة مهتمة بضمان الأمن الغذائي وأفاد المكلف بالإعلام على مستوى خلية الاتصال بوزارة الفلاحة، بأن الملف موجود على مستوى المصالح المعنية بالتحقيق، وأن اهتمام الوزارة في الوقت الراهن منصب على تحقيق نظرتها المستقبلية من خلال تحقيق تحدياتها بخصوص تحقيق الاكتفاء الذاتي في الأمن الغذائي وخلق ظروف مناسبة لتحسين الإنتاج وتنمية الأرياف للوصول إلى الهدف المتمثل في عصرنة قطاع الفلاحة•