لأنهم بارعون في تقليد الماركات العالمية ولم يستثن تقليدهم ، كريم"نيفيا"، لماذا لا يصنعون موادهم ويسجلونها ، ويسوقونها؟، ويتخلصون بالتالي من إرهاق الشرطة وملاحقات أعوانها، الإجابة عن هذا السؤال، هي أن تجارة المواد المقلدة أربح بكثير من صنع مواد محلية حتى وإن حصل صاحبها على براءة اختراع، كما أن السجن لمدة ستة أشهر أهون من التخلي على حرفة التقليد، التي تكاد تدخل في قوائم حيازة السجلات التجارية الرسمية. هناك نوعان من التقليد في الجزائر، الأول: تقليد بالاستيراد، حيث تدخل إلى الجزائر عبر الحدود مواد مقلدة عن ماركات عالمية من بلدان غير تلك المصنعة بها، وغالبا ما تكون المواد المقلدة قطع غيار السيارات ، والسجائر، و النوع الثاني هو التقليد ذا الصنع المحلي، حيث يقوم أشخاص بإعادة صناعة ماركات دولية بوسائل بسيطة، وفي أمكنة لا تخطر على بال، ومواد التجميل و الزينة للنساء، مثال بسيط على هذا النوع.وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن "أكثر من 40 بالمائة من مواد الزينة و التجميل التي بيعت طيلة سنة 2008 ، مواد مقلدة، وهذا يضر بالاقتصاد الوطني، قبل أن يضر بصحة الإنسان "، وأن 60 بالمائة من خرطوشات السجائر التي تباع مقلدة كذلك"، الرقم خطير ومهول حقيقة، لكن لماذا هذا الصمت، لماذا لا يلاحقون المقلدين وشبكات توريد المواد المقلدة؟.وقد داهمت فرق الشرطة العديد من المحلات التي يقلد أصحابها الماركات الدولية، وأحالتهم على القضاء، وغالبا ما تكون مدة السجن ستة أشهر، وذلك لم يمنع من نمو محلات التقليد، تنموا كالفطريات، ويشتغل بها العشرات من الشباب خاصة في ظل انتشار البطالة، العجيب في الأمر أن الشرطة اكتشفت محلات"نظامية" تباع بها مواد غذائية لكن غرفها الخلفية تشكل "مصانع" كبيرة لتقليد مواد مختلفة، كذلك المحل الذي اكتشفته وسط العاصمة شهر فيفري المنصرم، حيث يحوز صاحبه على رخصة لبيع مواد التنظيف ك" الإزيس" الذي يستعمل في غسل الأواني المنزلية، وهي رخصة سليمة، كما أنه يدفع الضرائب بانتظام، لكن المفاجأة كانت كبيرة لما دخل أحد أعوان الأمن إلى خلفية المحل، ليجد أمامه شباب يحملون أكياس تحوي مسحوقات مختلفة الألوان، اكتشفت أنها لصناعة كريم" نيفيا"، وقد وجدت علبا جاهزة بها ملصقات مكتوب عليها " صنع بإسبانيا".كما أن " ربع عدد حوادث السير سببها قطع الغيار المقلدة"، حيث يموت أكثر من 4 ألاف شخص سنويا، ما يعني أن ألف قتيل يموت كل عام بسبب التقليد، أما السجائر، فتلك قصة أخرى، فتقليد صناعة العلامات الأمريكية، يقع في المرتبة الأولى ك" المارلبورو والوستن" بالإضافة إلى النوع المسمى" ليجاند" حيث يهرب إلى الجزائر عبر بوابة الصحراء، بعدما يتم إنتاجه بالنيجر حسب اعترافات مهربين تم القبض عليهم من قبل حراس الحدود، ويمكن لأي مدخن اكتشاف الفرق بين السيجارة الأصلية و المقلدة، إذ يجد الأخيرة صلبة عند لمسها بالإضافة إلى أن رائحتها الكريهة.ويؤكد بوعلام مراكش، رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل أن خسائر الجزائر تراوحت سنة 2008 بين 350 مليون دولار إلى 400 مليون، بسبب التقليد، ويرى أن الحل يكمن في " إنشاء لجان تحريات ومتابعة شريطة أن تقوم بدورها كاملا ، وأن لا يقتصر التحري على أشخاص معينين دون الخوض في عمق المشكل ، فهذا الشخص الذي امتلك أموالا طائلة في وقت قصير وراءه اشخاص آخرين يستفيدون " ، لكن نائب رئيس الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية محمد ميقاتلي، ، يقدم نظرة مخالفة عما يجب فعله، ويتعلق الأمر بإرساء نظام بنكي يدفع لاستعمال بطاقات الدفع و الصكوك والقضاء نهائيا على التعاملات النقدية في البيع و الشراء، حيث يغطي هذا النوع من التعامل المالي على الكثير من الهفوات ويحد من اكتشاف المواد المقلدة.