لم يسبق أن عرفت المدارس الجزائرية عنفا كالذي تعرفه في السنوات الأخيرة، حيث تحولت إلى مكان غير آمن للأساتذة والمتمدرسين بسبب اقتحام حرمتها من قبل الغرباء، في غياب تطبيق صارم للمخططات الأمنية التي تنادي بها وزارة التربية ومصالح الأمن في كل مرة. خلفت حادثة متوسطة علا لطيفة بحي داودي موسى وسط مدينة سعيدة رعبا وذعرا كبيرين لدى الأساتذة والإداريين العاملين بالمؤسسة التربوية ذاتها، بعد الاعتداء على زميلهم الأستاذ الذي تلقى طعنات على مستوى يده اليمنى من قبل أحد تلاميذ المؤسسة. وأودع الضحية شكوى لدى مصالح الأمن المختصة، في حين لاذ الفاعل بالفرار من الجدار الخلفي القصير للمؤسسة، ما يؤكد صعوبة التحكم في الأوضاع داخل المؤسسة. من جهة أخرى، أرجع الأساتذة المشاكل العديدة التي يعانون منها إلى الوضع المتهالك لمتوسطة علا لطيفة، حيث قالوا إنها غير صالحة للتأطير رغم الوعود المقدمة بإعادة الاعتبار لها كونها قديمة جدا، بالإضافة إلى غياب الأمن. وجدير بالذكر أن المؤسسة التربوية تقع بحي شعبي ساخن يعيش ظروفا اجتماعية صعبة، ما نتج عنه تعرض العديد من الأساتذة إلى تهديدات من طرف تلاميذ فصلوا من الدراسة وآخرين لازالوا يدرسون. أساتذة قاطعوا التدريس وحسب معاينتنا الميدانية، بدت المؤسسة وكأنها خاوية على عروشها بعد عزوف العديد من الأساتذة عن التدريس بسبب الصدمة النفسية التي تعرضوا لها، ودعوا إلى ضرورة التدخل السريع للجهات الوصية، بما في ذلك توفير الأمن لوضع حد لهذه التصرفات. وتضاف هذه الحادثة لسلسلة من الاعتداءات التي وقعت داخل المدارس في الأيام الأخيرة، ومنها ما حدث في البليدة خلال الأيام القليلة الماضية، عقب اقتحام مجهولين حرم متوسطة 520 مسكن بأولاد يعيش، بدافع الانتقام والنيل من أستاذة أرادت معاقبة أحد التلاميذ وألزمته بإحضار ولي أمره لتخبره بطيشه وتصرفاته غير المقبولة بحرم المؤسسة وداخل القسم. وتمكن زملاء الأستاذة من إنقاذها ومنع المعتدين من الوصول إليها والاستنجاد بالأمن، خاصة أن الغرباء تمكنوا من التوغل إلى داخل المتوسطة والاعتداء على حارس البوابة والوصول إلى محيط الأقسام، وكادت الأمور تنزلق وتعرف تطورا خطيرا في الوضع، ما أدى إلى توقف الدراسة. كما شهدت ثانوية عين البنيان الجديدة السنة الجارية، بحي 1600 مسكن "كوميباط" محاولة اعتداء غرباء عن المؤسسة على التلاميذ والأساتذة بالأسلحة البيضاء، الأمر الذي أجبر طاقم الثانوية على تعليق الدراسة لثلاثة أيام متتالية إلى حين توفير الأمن في المنطقة. وعاشت الثانوية فوضى وشجارات دامية بين طلبة وغرباء منحرفين اقتحموا المؤسسة مدججين بالأسلحة البيضاء ووصلوا إلى قاعات التدريس، مهددين الأساتذة بالأسلحة البيضاء، ما أحدث حالة هلع وذعر وسط الطلبة والأولياء. وفي الجلفة، اقتحم مجموعة منحرفين، في فيفري الماضي، ثانوية المجاهد عديلة احمد بحي الفصحى واعتدوا على مساعدين تربويين وقت دخول التلاميذ في الساعة الثانية بعد الزوال، حيث اعتدى أحدهم على تلميذة بالثانوية، ما جعل مساعدا تربويا يسعى لنجدتها ليلتحق بقية أفراد العصابة بصديقهم ويعتدوا جماعيا بضرب مساعدين تربويين مع السب والشتم والكلام القبيح أمام الجميع تلاميذ وأساتذة، وتسببت الجريمة في إصابة مساعد على مستوى الوجه، في حين أُصيب زميله على مستوى الرجل بعد إسقاطه أرضا وضربه بحجر. كما تعرض أستاذ مادة الفلسفة بثانوية محمد بوبلنزة بحي أوجليدة في تلمسان، جيلالي بلعابد، مؤخرا، لاعتداء تلاميذ قسمه الذين احتجوا بطريقتهم لعدم رضاهم عن نقاط الفروض، حيث حاولوا مغادرة القاعة قبل الوقت المحدد للحصة، فمنعهم الأستاذ، قبل أن يدخل معهم في مناوشات أفضت إلى اعتداء أربعة من الطلبة عليه بتوجيه لكمات وركلات له أدت إلى تكسير أسنانه، مسببين له عجزا عن العمل. وعاش قطاع التربية شرقي ولاية بتيبازة، في السنة الجارية أيضا، اضطرابات نتيجة شجارات شهدتها ثانوية الصديق بن يحي في القليعة، وسلوكات مخلة بالآداب بكل من متوسطتي الأمير عبد القادر وابن باديس ببواسماعيل.