أكد وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي أمس الأحد بالدوحة أن الجزائر عاشت "ربيعها" منذ أكثر من عشرين سنة و أنها من بين البلدان التي تسعى إلى "توسيع فضاءات الحرية" لفائدة المواطنين. و أوضح مدلسي خلال أشغال منتدى الدوحة ال 12 أن "الجزائر التي عاشت (ربيعها) منذ أكثر من عشرين سنة خلت تعد من بين البلدان التي تركز جميع جهودها على توسيع فضاءات الحرية لفائدة المواطنين". و ذكر في هذا الصدد بأن الجزائر "بفضل تجربتها الرائدة" منخرطة منذ عام في "مسار عميق من الإصلاحات السياسية و المؤسساتية و الاقتصادية الذي يمثل تقدما نوعيا في استكمال المسار الديمقراطي". و من من جهة أخرى دعا وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي بالعاصمة القطرية الدوحة الى ضرورة تطوير المسارات الديمقراطية و تمكين كل شعب من أن يكون سيد مصيره من خلال مقاربة "شاملة و توافقية" تساهم في معالجة الاختلالات التي تطبع العلاقات الدولية حاليا. وأوضح مدلسي في مداخلة له خلال منتدى الدوحة و مؤتمر إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط أن الجزائر "من البلدان التي تبذل جهودا مضنية في هذا الاتجاه" مشيرا الى أن الاصلاحات التي تمت مباشرتها خلال هذه السنة "تشكل مرحلة مشجعة لتوطيد هذا المسار". وأكد أن الحكامة العالمية بالنسبة للجزائر "لا يمكن تصورها إلا في إطار مقاربة شاملة و توافقية ترمي الى معالجة الاختلالات الهيكلية الكبرى باتخاذ إجراءات ملموسة تساهم في تجاوز التباينات التي تطبع العلاقات الدولية حاليا". كما جدد التزام الجزائر بتقديم "مساهمتها الكاملة" في "التكفل المشترك" بالانشغالات المطروحة في هذا المنتدى على أساس "رؤية مستنيرة مسؤولة و استشرافية حول المسائل التي تستوقفنا على المستويين الفردي و الجماعي". وأضاف رئيس الديبلوماسية الجزائرية أن هذا المنتدى ينعقد في "سياق دولي وإقليمي يحمل في طياته إنشغالات عديدة مردها التحديات الكبيرة التي يثيرها وكذا الفرص التي يتيحها" معتبرا أن عالم اليوم "يمر بأزمة غير مسبوقة و متعددة الأبعاد تستدعي استفاقة عاجلة للضمائر من أجل ترقية حكامة عالمية عادلة و متوازنة تستمد وجاهتها من دمقرطة العلاقات الدولية". وذكر بأن المجموعة الدولية تلقت في البداية مسار العولمة على أنه "مفتاح حل مشاكل التنمية غير أننا -كما قال- نلمس اليوم عدم التمكن من تحقيق تنمية مستدامة ومتوازنة خاصة و أن العولمة لم تنعكس على بعض الدول لا سيما الافريقية منها إلا بآثارها السلبية". وأشار الى أن العولمة "ألحقت الضرر بجميع البلدان بما فيها المتقدمة التي تسببت في أزمة اقتصادية و مالية غير مسبوقة" مشددا على أن العولمة "التي تقوم على هدف تضامني تواجه تحديات بسبب الاستمرار في تغليب المصالح الخاصة على المصالح الجماعية". ولدى تطرقه الى ظاهرة الارهاب الدولي أعرب مدلسي عن اعتقاده بأنها "مرتبطة أساسا بأسباب سياسية لم يتم التكفل بها الا بصفة غير متكافئة و ظرفية" مستدلا في ذلك بتجربة الجزائر التي بينت أن معالجة مسألة الارهاب "لا يمكن إلا أن تكون شاملة". وخلص وزير الخارجية الجزائري الى القول: "أننا لا نزعم إيجاد الحلول لقضايا بهذه الحدة مهما كانت الدول التي نمثلها غير أنه بإمكاننا -مثلما أوضح- أن نبعث رسائل من أجل عالم أكثر توازنا يعطي الحظ للجميع على الرغم من اقتناعنا بأن الأمر يتعلق بهدف لا يمكن تحقيقه دون وعي شامل لا ينحصر في المستوى الفكري فحسب بل يترجم عملنا في المجال السياسي باحترام الإطار متعدد الأطراف الذي نعتقد أنه خيار لا يمكن تجاوزه لتسيير شؤون العالم". و يقود مدلسي الوفد الجزائري المشارك في أشغال منتدى الدوحة ال 12 (من 20 إلى 22 ماي) بدعوة من الشيخ حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني الوزير الأول و وزير الشؤون الخارجية القطري. و تجدر الإشارة إلى أن اللقاء مخصص لبحث جملة من القضايا و في مقدمتها "تطورات المشهد الاقتصادي و السياسي العالمي و الديمقراطية والتنمية و الإصلاحات السياسية و المالية و الحفاظ على الأمن و الاستقرار الدوليين". و يشارك في هذا المنتدى رؤساء دول و حكومات و شخصيات سياسية و صناع قرار و رجال أعمال و أكادميون و برلمانيون و ممثلون عن المجتمع المدني و منظمات دولية و إقليمية.