يعتبر الموقع السياحي (ثبورث لعينصر)، متحف مفتوح على الطبيعة يحوي التراث الذي يحكي تاريخ منطقة القبائل بصورة حية، فهو تحفة جمالية خلابة، يتميز بالهدوء والسكينة والمناخ الصحي، ويعد أحد أهم الوجهات السياحية التي تستقطب عشاق السياحة الجبلية خاصة خلال فصل الصيف بعاصمة جرجرة. يقع (ثبورث لعينصر) بمرتفعات بلدية أسي يوسف في دائرة بوغني حوالي 60 كلم جنوب عاصمة الولاية تيزي وزو، الزائر له يؤسر بسحره وينبهر من عظمة الخالق في صنعه، يوجد به منبع مائي يتزود من مياهه العذبة السكان من مختلف مناطق ولاية تيزي وزو والمجاورة لها. (ثبورث لعينصر) يعني (باب المنبع) باللغة العربية، كونه يقع بين جبلين شامخين يشقان السماء بارتفاع 850 متر، يوجد بينهما رواق واسع يعبر منه السياح إلى الجهة المقابلة ليصلوا إلى الصخور الشاهقة المنقوشة التي تحيط به من كل جانب وكأنها صقلت يدويا، كما يمكن للزائر أن يصل عبر هذا الرواق إلى الموقع السياحي (ثمذة أوقلميم) أو (بحيرة أقولميم) التي تعتبر أعلى بحيرة في قارة إفريقيا، بعلو 1750 متر عن سطح البحر من خلال تسلق الجبال والصخور دون أن يشعر بالتعب، وذلك بالنظر للمشاهد الطبيعية الفريدة من نوعها التي يستمتع بها من قمم الصخور العالية التي تحيط بها العديد من الأودية والينابيع وأشجار الزيتون والبلوط والتين والرمان، إضافة إلى الشلالات والبحيرات والصخور العالية كأنها لوحة فنية مرسومة تبهر ناظرها. ويتميز هذا الموقع بتضاريس مذهلة ومناظر أخاذة، ورغم ذلك لم يحظ بنصيبه من الاهتمام، إلاّ أن السياح لا يتوقفون عن زيارته في كل لحظة حتى في الأيام الشتوية كونه يزداد جمالا بالثلوج التي تغطي قمم الجبال، أما في فصل الصيف فيتضاعف عددهم لاستنشاق الهواء النقي والاستمتاع بلحظات من التأمل في عظمة الخالق. بالرغم من المقومات السياحية التي تتميز بها (ثبورث لعينصر)، إلاّ أن الموقع يفتقر إلى المرافق الخدماتية والتجارية، حيث يجب على السائح جلب طعامه معه وتناوله بين أحضان الطبيعة، وهو ما أخبرتنا به السيدة ليندة التي جاءت رفقة عائلتها لقضاء يوم كامل في هذا المكان، حيث أكدت أنّها تحب المجيء إلى هذا الموقع الجميل للترويح عن النفس، وتجلب معها كل ما يلزم من بيتها من مأكل وشراب وتستمتع بتناوله وسط المناظر الفاتنة والأخاذة. أثناء تواجدنا بهذا الموقع السياحي، التقينا بعائلة (بلكحل) المغتربة في سويسرا، تتكون من الأب والأم وابنيهما، كانوا في طريقهم لتسلق القمم العالية، وقد انبهروا بجمال المكان، إلاّ أنهم عبّروا عن أسفهم من الإهمال الذي طاله وعدم تهيئته. وقد تم تهيئة المنبع المائي للزوار حتى يرتووا منه، حيث تم تخصيص ثلاثة عيون منه للرجال وثلاثة أخرى للنساء، كما يستغله سكان قرى أسي يوسف وبونوح ومختلف المناطق الأخرى في الشرب والطبخ، وتؤكد سيدة وجدناها أمام المنبع أنّها لا تستعمل مياه الحنفيات في استعمالاتها اليومية، بل تعتمد على مياه المنبع المائي التي لها مذاق عذب، مضيفة أنّ المكان يعج بالزوار خلال الفترة المسائية لدرجة أنه لا يمكنك ملء قارورات المياه إلا بصعوبة كبيرة وتمضي وقتا طويلا في الطوابير، مضيفة أن الكثير من سكان أسي يوسف ومشطراس وبوغني ومعاتقة وغيرها من بلديات ودوائر تيزي وزو يفضلون مياه هذا المنبع للشرب رغم توفر هذه المادة في منازل بعض السكان، إلا أنهم يقطعون عدة كيلومترات من أجل التزود بمياهه، كما يغتنمون الفرصة للتجول في هذا المتحف الطبيعي والاستمتاع بالبرودة المنبعثة بين ظلال الجبال الشامخة في انتظار دورهم لملء القارورات. عند الوصول إلى (ثبورث لعينصر) يقابلك شباب يقومون بتنظيم حركة السيارات وحراستها في الحظيرة، وعند سؤالنا ما إذا كانت البلدية منحت لهم ترخيصا مقابل هذا العمل، أكدوا لنا بأنهم يحرسون سيارات السياح دون مقابل مادي، ووجودهم في هذا المكان هو لتوجيه الضيوف وتعريفهم بما يزخر به، كما يسهرون على راحتهم وأمنهم وسلامتهم وحمايتهم من المنحرفين الذين يمكن أن يفسدوا عليهم راحتهم، مؤكدين أن كل من يدخل (ثبورث لعينصر) فهو آمن.