تحتفل العائلات الجزائرية للاحتفال بليلة النصف من شهر رمضان المبارك من كل سنة، وسط أجواء خاصة تطبعها مظاهر التراحم والتآزر، إضافة إلى طقوس أخرى على غرار ختان وتصويم الأطفال لأول مرة. ختان الأطفال عادة راسخة لدى الأسر الجزائرية من بين أبرز العادات التي تواظب عليها العائلات الجزائرية خلال ليلة النصف من رمضان هي القيام بختان الأطفال، إذ تختار العائلات مناسبة شهر رمضان والقيام بالأمر في ليلة النصفية بالتحديد، وذلك لما تحمله هذه الليلة من بركة وأبعاد روحانية في نفوس الجزائريين والمسلمين على وجه العموم، وينتظر كثيرون حلول هذه الليلة المباركة وختان أطفالهم أين تقام لهم احتفالات ومظاهر خاصة تجتمع فيها العائلات والأهل والأقارب للمشاركة في الاحتفالات التي تقام، أين يخص الطفل باحتفالات استثنائية يشارك بها الجميع، ويختار الكثيرون هذه الليلة لتكون مناسبة استثنائية تجمع بين قداسة الليلة وعملية الختان. الأطباق التقليدية حاضرة بليلة النصفية وما يطبع هذه الليلة المباركة أيضا هو تحضير العائلات للأطباق التقليدية تقليدية الخاصة بتلك الليلة، على غرار الكسكس و الرشتة أو الشخشوخة ، لكي يتبين للجميع خصوصية ذلك اليوم، بحيث يتميز الشهر الفضيل بأيامه المباركة التي لا تخلو من الخير والرحمة والمغفرة والثواب، لكن وحسب العادات المتوارثة في الجزائر فان ليلة النصف تطبعها خصوصيات وتحضيرات مميزة، بحيث تقف ربات البيوت على قدم وساق لإعداد الوجبات التقليدية. ولا يقتصر الأمر على هذا فحسب، بحيث يمتد إلى دعوة الأهل ومشاركتهم، فيما تعمد عائلات أخرى إلى تبادل الأطباق فيما بينها في صور من التراحم والتآزر والتلاحم. عائلات تفضل تصويم أطفالها ومن جهته، تختار عائلات كثر تصويم أطفالها في هذه الليلة المباركة، بحيث تعتبر عادة تصويم الطفل الصغير في ليلة النصف أمرا سائدا ومتداولا في أوساط العائلات، بحيث لا تفوت ربات البيوت حث أطفالها على الصوم. وبين هذا وذاك، فصوم الطفل لأول مرة له طابعه الخاص، بحيث يحبذ تصويم الطفل لأول مرة في هذا اليوم المبارك، وهو ما تحرص عليه العائلات عادة بحيث تنتظر المناسبة لتصادف صيام أطفالها لأول مرة، إذ تحضر للمناسبة مسبقا بتهيئة الطفل بدءا من تمكينه من السحور ليكون جاهزا للصوم. ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد فحسب، ليمتد إلى موعد الإفطار بحيث يخص و يحظى الأطفال ممن صاموا لأول مرة برعاية وعناية خاصة، بحيث تعمل الأمهات على تدليلهم وطبخ كل ما تشتهي أنفاسهم من مأكولات شهية لتكون جاهزة على مائدة الإفطار. ويمتد الأمر إلى ما بعد الإفطار، أين يكون الطفل من صام أتمم يومه حيث سيحظى أيضا باحتفالية مصغرة على شرفه لا تخلو من أجواء البهجة والسرور بمشاركة الأهل والأقارب. تبادل الزيارات بين الأهل والأقارب ولا تقتصر مظاهر الاحتفال بليلة النصفية من شهر رمضان المبارك على الوجبات والأكلات وإعداد الموائد وتزيينها، بل تمتد إلى مظاهر أخرى أبرزها تبادل الزيارات بين الأهل والأقارب وهو ما نشاهده عادة، إذ لا تتوانى العائلات الجزائرية عن زيارة بعضها البعض، فبعد الإفطار تشد العائلات رحالها لزيارة الأهل والأقارب لتمضية سهرة رمضانية خالصة يتبادلون من خلالها أطراف الحديث والسمر، إذ يبرزون فيها مظاهر الفرحة والسرور ببلوغهم هذه الليلة المباركة من الشهر الفضيل، والتي لها أبعادها الروحانية الخاصة، إذ تواظب العائلات الجزائرية على هذا الأمر مع حلول المناسبة كل سنة، إذ تعد مناسبة لصلة الرحم فيما بين العائلات والتي تختارها للاحتفال بها بكل تفاصيلها وحذافيرها بما فيها إحياء صلة الرحم وتبادل الزيارات العائلية فيما بين العائلات. العبادة والتقرب من الله جزء من ليلة النصفية بعيدا عن الطقوس والعادات والتقاليد التي ترافق ليلة النصف من رمضان، لا يفوت الكثيرون الجانب الروحاني لهذه الليلة المباركة لنجد الكثيرون يحرصون على أداء الجانب الروحاني وإحيائه بكل حذافيره دون تفويت جزء منه، بحيث يقضي كثيرون من المؤمنين ليلة النصفية في الصلاة والدعاء والتقرب إلى الله تعالى، باعتبارها ليلة مباركة في شهر مبارك، فبمجرد الانتهاء من وجبة الإفطار يبدأ توافد المصلين على المساجد، التي تشهد حضورا مكثفا لهؤلاء من الجنسين ومن مختلف الأعمار، ويحرص الكثيرون على قيام الليل والإكثار من الدعاء لغاية انتهاء هذه الليلة المباركة والتي تعد فرصة كبيرة للتقرب من الله عز وجل عن طريق الدعاء والابتهالات والإكثار من الصلوات.