تاريخ الجزائريين حافل بالإنجازات والأمجاد مجاهدون ل السياسي : الإستقلال أعظم يوم في تاريخ الجزائر يحيي الشعب الجزائري، يوم غد، الذكرى ال57 لعيد الاستقلال والشباب المصادفة للخامس جويلية من كل سنة، أين تتزامن الاحتفالات مع الجمعة العشرين من الحراك الشعبي الذي انطلق في ال22 فيفري المنصرم للمطالبة بالتغيير الجذري ومحاسبة رموز الفساد. وعاشت الجزائر تاريخا حافلا، بدءا من مقاومة المستعمر الفرنسي منذ 1830، مرورا باندلاع ثورة التحرير المجيدة في أول نوفمبر 1954 والتي أنهت عقودا من الألم والمعاناة، وكلفت الشعب مليونا ونصف المليون شهيد، ليبزغ فجر الاستقلال في 5 جويلية 1962 بعد 7 سنوات من الكفاح المسلح، لتنتقل الجزائر بعدها إلى معترك بناء الدولة والتعددية. كما لا يمكن الحديث عن استقلال الجزائر وإثبات حضورها في الصرح العالمي دون الإشارة إلى الإنجازات العديدة التي حققتها الدبلوماسية الجزائرية إقليميا ودوليا، ما دفع بالعديد من الدول لطلب الوساطة جزائرية لحل العديد من الأزمات الإقليمية والدولية. وتقيم الدولة الجزائريةُ احتفالات وطنية على مستوى الدولة بشكل عام، وذلك تخليداً لذكرى الاستقلال والحرية، ويترافق مع هذه الاحتفالات بعض البروتوكولات الرسميّة مثل: رفع علم الجزائر في جميع أنحاء الجمهوريّة الجزائرية، بالإضافة إلى بثّ البرامج التلفزيونية والإذاعيّة التي تتوافق مع هذه المناسبة لتكريم شخصيّات وطنيّة، والتلاميذ المُتفوّقين في المدارس، وكذلك مراسم عفو عن السجناء في السجون. المجاهد رابح مشحود: الإستقلال أعظم يوم في تاريخ الجزائر وأوضح المجاهد رابح مشحود، في كلمة خص بها جريدة السياسي ، أن فرحة الاستقلال لا توصف، إذ كان شعورا ممزوجا بين فرحة نشوة الانتصار وفرحة التحرر من الاستعمار الفرنسي بعد 130 سنة تخلله القتل والحرمان والاضطهاد والتشريد والترحيل وتشتيت للأسر وتفكيك للعائلات، ليكون الاستقلال بالنسبة للجزائريين انتصارا لا مثيل له ولا يضاهيه انتصار آخر مهما كانت عظمته، ليضيف المتحدث أن الجزائريين استقبلوا الأمر بفرحة لا يمكن وصفها مهما تحدّث عنها الزمن مطولا، إذ خرج الشعب وفودا وأفواجا رجالا ونساء وحتى أطفالا لتمتلئ الشوارع والمدن وتكتظ عن آخرها بالشعب الجزائري الذي صنع الفرجة بتعبيره عن الاستقلال، بتنظيم عرس كبير تسوده نشوة الانتصار على العدوان الفرنسي الغاشم، إذ أن الشعب شعر في ذلك اليوم بنشوة الانتصار التي أتت بفضل تكاتف الجهود وتضافرها ووقوفها كيد واحدة وتقديم الصفعة للمستعمر والحصول على الاستقلال وبناء دولة من العدم رغم الظروف القاسية والقوية التي واجهها الشعب آنذاك من تجويع ونقص في الإمكانات والأموال والأسلحة، ليكون انتصار شعب أعزل على قوة مستعمر كفرنسا هو أعظم يوم في تاريخ الجزائريين والجزائر على حد سواء. من التحرير إلى إعادة البناء وبالنظر إلى المسار السياسي الذي عرفته الجزائر منذ الاستقلال، يمكن أن نستعرض أبرز المراحل التي ميزت العمل السياسي بعد الاستقلال مع أول رئيس للجمهورية الجزائرية، أحمد بن بلة (1963-1965)، الذي تسلم رئاسة البلد منتصف أكتوبر 1963، عقب عملية استفتاء، ثم عين أمينا عاما للمكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني في مؤتمره المنعقد في أفريل 1964، بعدها حلت فترة هواري بومدين (1965-1978) الذي تولى حكم الجزائر في جوان 1965، ويمكن القول أن هواري بومدين بدأ فعليا في إعادة بناء الدولة من خلال ثلاثية الثورة الزراعية والثورة الثقافية والثورة الصناعية على غرار بعض التجارب في المحور الاشتراكي التي كان بومدين معجبا بها. وقد عمل هواري بومدين بعد استلامه الحكم على تكريس هيبة الدولة الجزائرية داخليا وخارجيا، وفي بداية السبعينات توهجّت صورة الجزائر إقليميا ودوليا وباتت تساند بقوة القضية الفلسطينية وبقية حركات التحرر في العالم، ولعبت الجزائر في ذلك الوقت أدوارا كبيرة من خلال منظمة الوحدة الإفريقية ومنظمة دول عدم الانحياز. بعدها، بدأت فترة حكم الشادلي بن جديد في 7 فيفري 1979 وانتهت في 11 جانفي 1992، وهي فترة ميزتها أحداث ورياح سياسية كبيرة، وعرفت الجزائر منعرجات فارقة في تاريخها، تتمثل في التعددية السياسية والإعلامية التي أعقبت أحداث 5 أكتوبر 1988، ثم استدعاء محمد بوضياف (16 جانفي- 29 جوان 1992)، وتسلم اللواء المتقاعد يومئذ اليمين زروال (1994-1999) الرئاسةالجزائرية رسميا في 1995، وفاجأ الرئيس اليامين زروال الجميع في 11 سبتمبر 1998 بأنه سيختصر ولايته الرئاسية التي كان يفترض أن تنتهي في سنة 2000، وأعلن أيضا أنه سيجري انتخابات رئاسية مبكرة. وفي 11 سبتمبر 1998، أعلن زروال إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، في 15 أفريل 1999، وسلم الرئاسة لعبد العزيز بوتفليقة في 27 أفريل 1999، بعد انتخابات رئاسية فاز بها. إنجازات كبيرة ومواقف تاريخية وتحتفل الجزائر بالذكرى السابعة والخمسين لاستقلالها، في ظل إنجازات عديدة حققتها الحركية الدبلوماسية الجزائرية إقليميا ودوليا، ما دفع العديد من الدول لطلب الوساطة جزائرية لحل عدد من الأزمات. وعرفت الدبلوماسية الجزائرية بالحكمة وميزات التصقت بها منذ الثورة التحريرية، وبعد الاستقلال، من خلال الحفاظ على ثوابت رسمت السياسة الخارجية الجزائرية على مدار عقود خلت، أولها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وحق الشعوب في تقرير مصيرها، بالإضافة إلى رفض استعمال القوة لحل الأزمات والنزاعات الدولية مع اعتماد الحلول السياسية والطرق الدبلوماسية. وأثبتت الدبلوماسية الجزائرية هذه المبادئ، في العديد من المناسبات وحل الأزمات وعديد المحافل الدولية، على غرار حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ومناصرتها لقضيته العادلة. ولم تتراجع الجزائر قط عن مواقفها الثابتة حتى عندما كانت في عز أزمتها الأمنية وعزلتها الدولية تجاه القضايا العادلة في العالم، حيث أعربت في كل مناسبة متاحة عن موقفها الراسخ بشأن تأسيس دولة فلسطينية موحدة وعاصمتها القدس الشريف، حيث أعلنت عن قيام الدولة الفلسطينية في الجزائر في 15 نوفمبر سنة 1988، فضلا عن دفاعها عن القضية الصحراوية العادلة التي رافعت الجزائر في كل مرة عن أحقية الشعب الصحراوي في تقرير مصيره والاستقلال من الاحتلال المغربي، ولم يكن ما تقوم به الديبلوماسية الجزائرية مجرد كلام بل أفعال ونشاط دؤوب من أجل تحقيق الحرية للشعوب. مواقف الجزائر كثيرا ما أثارت تحفظ بعض الدول من منطلق أنها ترفض تأجيج الخلافات وتعقيد الأوضاع التي قد تنعكس بالسلب على الواقع العربي المتردي، مثلما كان الأمر مع أزمة اليمن برفض الجزائر الانضمام إلى التحالف العربي العسكري، في إطار ما يسمى ب عاصفة الحزم ، من منطلق أن دستورها يمنع مشاركة قواتها العسكرية خارج الحدود، كما أن سياستها الخارجية تتمسك باحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤون الغير، علاوة على استبعاد الحل العسكري في حل النزاعات، وهو ذات الموقف الذي عبرت عنه بخصوص أزمة ليبيا عندما عارضت منذ البداية التدخل العسكري في هذا البلد، ولا تزال كذلك بعد أن زاد هذا التدخل في تعقيد الأمور، من خلال انتشار الأسلحة غير الشرعية والتطاحن بين الفرقاء، مما أدخل المنطقة في دوامة من العنف انعكست على باقي دول الجوار مثل مالي التي لعبت فيها الجزائر دورا بارزا في حلحلة الأزمة بإبرام اتفاق الجزائر. غير أن الدول العربية سرعان ما أعادت حساباتها في ظل التحديات الأمنية التي تعرفها المنطقة وتأثيراتها على استقرار وأمن المنطقة التي تعيش على صفيح ساخن، وأقرت بأهمية الحل السياسي كأداة ضرورية في تسوية النزاعات وفق رؤى جيوإستراتيجية. وسبق للجزائر أن تمسكت بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول خلال الاضطرابات التي عرفتها بعض الدول العربية في إطار ما سمي ب الربيع العربي ، مؤكدة احترام إرادة الشعوب في اختيار مصائرها، مثلما كان الحال مع تونس ومصر. عيد الإستقلال والحراك الشعبي هذا وستتزامن الذكرى ال57 للاحتفالات المخلدة لعيد الاستقلال والشباب مع الجمعة العشرون من الحراك الشعبي، أين سيحول الجزائريون عيدهم إلى عيدين، وهو الاحتفال بعيد الاستقلال الذي يعد أكبر عيد تاريخي يليه الشعب الجزائري اهتماما بالغا لأنه وببساطة استرجعت فيه السيادة الوطنية لهذا الشعب الأبي الذي ثار ضد القهر والتعذيب وكل أشكال الاستعمار الجغرافي والسياسي، وها هو اليوم عيد الاستقلال يأتي مع موعد آخر من فصول الحراك الشعبي الذي يمتد منذ حوالي أربعة أشهر، وهذا ما يجعله يأخذ طابعا آخر واغتنام فرصة الاحتفالات وجعلها عيدين عيد يوم أخرج المستعمر وعيد برحيل باقي أوجه النظام المرفوضة شعبيا وصناعة تاريخ جديد من فصول تاريخ الجزائر الحافل بالأمجاد، ومواصلة المطالبة بالتغيير الجذري للأوضاع والذهاب إلى مرحلة بناء جزائر قوية ومزدهرة، ضحت من أجلها قوافل من الشهداء لكي ننعم بالحرية ونواصل مسيرة التشييد والبناء.