كثير من أصحاب المطاعم والمقاهي والمواطنين عامة لازالوا يجهلون أن صهاريج المياه لا بد أن يتم تنظيفها وتعقيمها بشكل دوري، لأجل ضمان سلامتهم وصحتهم وكذا استبدالها إن لزم الأمر، خاصة إذا استعملت لأعوام طويلة دون مراقبة مدى صلاحيتها، حيث تصبح المكان الملائم لتكاثر ونمو مختلف أنواع الجراثيم التي تتسبّب بمخاطر صحية وأمراض فتّاكة وخطيرة تودي بحياة المستهلك، الذي لا يزال يفتقد إلى ثقافة تنظيف الخزان المائي الذي تستعمل مياهه للاستهلاك اليومي، خاصة إذا بقي معرضا لأشعة الشمس والتقلبات الجوية بشكل مستمر، كل هذه العوامل تجعل من الماء غير صالح للاستعمال. «السياسي» تسلط الضوء على موضوع إهمال مراقبة وتعقيم الخزّانات والنتائح السلبية المتمخضة عنها، خاصة ونحن على مشارف فصل الصيف الذي تزيد فيه التسممات الغذائية بسبب قلة النظافة التي تعمل على الانتشار السريع للأوبئة خاصة المتنقلة عبر المياه طارحين عدة تساؤلات في الصميم: ما هو نوع الماء الذي نشربه، هل ندرك مضار المياه المخزنة بصهريج لا يخضع للصيانة الدورية لأكثر من أسبوع؟ هل يقوم أصحاب المطاعم والمقاهي والمؤسسات التربوية من الجامعات والاقامات بتنظيف الخزانات بمواد معقمة؟ الصهاريج.. حل قصري لقاطني الطوابق العليا
وهو ما لاحظته «السياسي» خلال زيارتها لعدد من الأحياء خاصة التي تتميز بناياتها بطوابقها العديدة على غرار أحياء بلدية مفتاح التي يعتمد بها الكثير من قاطني الطوابق العليا على خزانات المياه نظرا لصعوبة وصولها إلى الأدوار الاخيرة، حيث أكد أحدهم أن العمارة التي يقطن بها منذ سنوات يعتمد السكان بها على مياه الخزّان عوض الانتظار إلى غاية الساعات الأولى من الصباح لأجل ملأ الدلاء والبراميل بحكم أن المياه تزور حنفياتهم مرة كل يومين، مشيرا إلى أن لا أحد منهم يقوم بتنظيف الصهريج الخاص به منذ تركيبة مع استعمال مياهه للشرب والطبخ أيضا.
خزّانات معدنية لم تغير منذ 20 سنة
أكد بعض المواطنين أنهم يعتمدون على خزان مائي واحد منذ سنوات عديدة دون أن يفكّروا في تغييره، ظنا منهم أن المياه بداخله سليمة رغم طعمها ولونها الغريب، حيث أشار أحدهم إلى أنه رغم تنظيفه للخزان مرات عدّة في السنة، غير أن طعم الماء لا يزال غريبا دون التفكير في استبداله.
طعم ولون غريبين يفرض اقتناء المياه المعدنية
أشار معظم السكان القاطنين بكل من حي 216 مسكن التابع لبلدية الرغاية، وكذا عين الكحلة المتواجدة على مستوى بلدية هراوة، إلى أن مياه الحنفيات لا يمكن شربها أو استعمالها للطبخ فهي ذات لون ورائحة وطعم غريب وهو الوضع الذي منعهم من استعماله خوفا على صحتهم من التدهور ما أجبرهم على الاقتناء اليومي للقارورات المعدنية التي تضمن سلامتهم وسلامة أبنائهم من التسممات.
نقص التوعية والتحسيس.. سبب الإهمال
أكد مواطنون أن حملات التوعية والتحسيس حول موضوع تنظيف الصهاريج من طرف جهات مختصة من واجبها تقديم طرق الصيانة والتعقيم السليم جدّ ناقصة، وهو ما جعل معظم مستخدمي هذه الخزانات يجهلون التعليمات الواجب اتباعها لأجل الحصول على ماء نقي خال من الشوائب والرواسب التي تؤثر على صحتهم بشكل سلبي.
مصطفى زبدي: «الخزّانات المفتوحة تستدعي التنظيف الدوري»
أكد مصطفى زبدي، رئيس جمعية حماية المستهلك، في اتصال ل«السياسي»، أن خزانات المياه أنواع منها ما هي مغلقة ولا يوجد بها خطر ومع ذالك يجب تنظيفها من خلال تفريغها كليا من المياه، أما الأخرى المفتوحة، فهي تستدعي مراقبة دورية وتنظيف مستمر نظرا لإمكانية دخول الأتربة والغبار وكذا الحشرات التي تترسب في القاع. كما أشار زبدي في حديثه، إلى أن الخطر الكبير يكمن في الخزانات الجوفية التي تبنا في جوف الأرض فهي لا معدنية ولا بلاستيكية ما يستدعي أن تولى عنابة فائقة بها من طرف مكاتب الوقاية التابع للبلديات خاصة إذا كانت تستعمل للاستهلاك العام على غرار المقاهي والمطاعم وغيرها، مع ضرورة تجهيزها بموزّع لماء الجافيل الذي يعمل على التنظيف بشكل الكتروني مستمر، وفي حال عدم تواجد ذات الجهاز على مستخدميها أن يقوموا بالتطهير اليدوي ولو لمرة كل سنة.
طلاء الخزّان ضروري لمنع الصدأ وتفتت الحديد
ومن جهته، نصح مصطفى زبدي، المستهلك باقتناء خزانات حديدية ذات نوعية جيدة من المحلاّت المعتمدة التي تحوي على ضمان كما يجب أن تكون مطلية من الداخل بمادة تمنع الصدأ وذوبان الحديد خاصة بالنسبة للخزانات المعدنية، لأن الاتصال اليومي للماء والحديد يعمل على التآكل في حال عدم طلائها جيّدا وهو ما يضر بصحة المستهلك. أما بالنسبة للخزّانات المفتوحة المصنوعة من الحديد الرفيع، فلا داعي لشرائها، ناصحا مستعمليها من أصحاب محلات المطاعم والمقاهي على أن تكون خاضعة لمعايير السلامة مع مراقبة دورية للخزانات المفتوحة.
مهتمون يشدّدون على مراقبة أعوان التجارة لخزانات المطاعم والمقاهي
شدّد مهتمون بحماية المستهلك بقالمة مأخرا على ضرورة إخضاع الخزانات المعدنية للمياه المستعملة بالمطاعم والمقاهي ومحلات الحلويات للمراقبة الدورية لأعوان التجارة بسبب المخاطر الصحية التي تشكلها، وتطرق متدخلون من أعوان المراقبة وتجار وناشطين في مجال حماية المستهلك في يوم دراسي إعلامي نظم بمقر مديرية التجارة حول المخاطر الصحية لخزانات المياه المصنوعة من المعدن، إلى جملة من التهديدات الحقيقية التي تشكلها هذه المعدات المستعملة لتخزين المياه على صحة المستهلكين والتي تصل حسب بعض المشاركين إلى حد الإصابة بأمراض مزمنة. كما خلص المشاركون إلى أن الصدأ والتآكل الناتج من الصفائح المستخدمة في الخزانات ينتج مياها متشبعة بمادة الحديد تتسبب بإحداث إصابات خطيرة في جسم المستهلك مركزين في هذا الشأن على ضرورة التنظيف المنتظم للبطانة الداخلية للخزانات ووضعها في الظل وأماكن بعيدة عن الحرارة الشديدة وأشعة الشمس وتجنّب خاصة أسقف البنايات.
ارتفاع مستوى الحديد بالماء يؤثر على أهم أعضاء الجسم
وفي مداخلته بعنوان «مخاطر التسمم المزمن بالحديد المذاب»، أشار فريد ضواوية، ممثل المديرية الجهوية للتجارة بعنابة، إلى أن الأبحاث العلمية بينت بشكل لا يدعو أي مجال للشك بأن ارتفاع مستوى الحديد في المياه المستهلكة يؤثر مباشرة على أهم أعضاء جسم الإنسان وهي القلب والكبد والبنكرياس، وأضاف نفس المتدخل بأن التجربة والعمل الميداني الذي قامت به المصالح المختصة بالتجارة على مستوى ولاية عنابة أظهرت بأن 50 بالمائة من المياه المستعملة بالخزانات المعدنية بالمطاعم والمقاهي ومحلات بيع الحلويات غير مطابقة للمقاييس المحددة في النصوص القانونية المنظمة لنوعية المياه الموجهة للاستهلاك في الجزائر، والتي تشترط عدم تجاوز كمية الحديد في الماء 0,3 مليغرام في اللتر الواحد. وأوضح بأن هذا الملف جديد نسبيا وهو يشكل في الوقت الحالي أحد اهتمامات عمل المصالح المركزية للتجارة التي تتجه نحو تقنين مجال وشروط تصنيع واستعمال الخزانات المائية بصفة عامة والمواصفات التقنية الواجب توفرها في هذه المعدات. وفي نظر ممثل المديرية الجهوية للتجارة بعنابة، فإن الموضوع لا بد أن يحظى كخطوة أولى بالقدر الكافي من الاهتمام عن طريق تكثيف العمل التحسيسي والتوعوي في أوساط التجار وأصحاب المحلات مشيرا إلى أن عدة لقاءات مماثلة سيتم عقدها بولايات أخرى بشرق البلاد.