استبعد خبراء ومختصون في المجال الاقتصادي، أن يتأثر الاقتصاد الوطني بالتقهقر في أسعار الخام الجزائري «صحارى بلاند» في السوق العالمية على الأقل في المرحلة الراهنة، الذي تراجع في شهر أفريل الماضي، ليفقد أكثر من 5 دولارات جراء تراجع سوق البرنت بلندن إلى 97. 102 دولار للبرميل، مقابل 87 108 دولار في شهر مارس، ورغم ذلك، دعا الخبراء الحكومة إلى ترشيد نفقاتها تحسبا لأي مفاجأة قد تحدث على مستوى الأسعار خلال الأشهر المقبلة، في حين حذّر آخرون من تجدّد نفس الأزمة الاجتماعية بمنتصف الثمانينيات بعد انهيار أسعار البترول إلى مستوى 4 دولار للبرميل.
ليس هناك تخوف على الاقتصاد الوطني قبل 2018
أفاد عبد المالك سراي، الخبير الاقتصادي، انه لا خوف على الجزائر في الوقت الراهن على جميع المستويات من انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية، وهذا راجع، حسبه، إلى البحبوحة المالية التي تعيشها الجزائر والتي تجاوزت ال190 مليار دولار والتي رسمت على إثرها سياسة تمتد إلى خمس سنوات قادمة، داعيا في ذات السياق، الحكومة إلى ترشيد النفقات حتى يتم تجنّب أي انعكاسات سلبية على المستوى الاقتصادي مستقبلا في حال انهيار الأسعار تحت السعر المرجعي والمقدر ب37 مليون دولار سنويا. وأشار إلى انه لن يكون هناك تغيّر على مستوى النفقات خاصة على المشاريع الاقتصادية الكبيرة قبل الخمس سنوات المقبلة، موضحا أن الدولة وضعت برنامجا من اجل استكمال العديد من المشاريع الكبرى ضمن ميزانية حددتها قبل أن يتم تراجع الأسواق العالمية فيما يخص سعر البترول، وبالتالي، ليس هناك تخوف واضح المعالم في الوقت الراهن على السوق الوطنية التي أصبحت تجلب العديد من الشركات من اجل الاستثمار. ومن جهة أخرى، ذهب الدكتور والأستاذ في الاقتصاد عبد القادر هدير بجامعة الجزائر إلى نفس الاتجاه، مؤكدا ان الاقتصاد الوطني والميزانية المدرجة حيز التنفيذ خلال هذه السنة لن يمسها الانخفاض الذي شهدته الأسواق العالمية بالنسبة للبترول، داعيا في ذات السياق، الدولة إلى ترشيد نفقاتها خاصة فيما يخص القروض التي ستقدم إلى الشباب في إطار «لونساج» بعدما تم إلغاء الفوائد والتي يرى أنها ستنعكس بصورة سلبية على ميزانية الدولة، كما أكد المتحدث. وبالنسبة لإمكانية تأثر المشاريع الكبرى التي تقوم بها الدولة على غرار السكن والمنشآت القاعدية الأخرى، أشار المتحدث إلى انه لن يكون هناك تأثير واضح في الوقت الحالي، مرجحا ان يظهر هذا التأثر إذا استمرت الأسعار في الانخفاض خلال السنوات القليلة المقبلة، مؤكدا على لزومية اتخاذ الدولة احتياطاتها كخطوات بعيدة المدى إذا تواصل سقف أسعار النفط في الانهيار.
- مبتول: «الأجور الضخمة للموظفين قد تخلّف أزمة كبيرة»
وعلى العكس من الخبراء السابقين، لم يخف عبد القادر مبتول تخوفه من المرحلة القادمة من الحياة الاقتصادية الجزائرية التي تعتمد بنسبة أكثر 95 بالمائة على عائدات البترول، وأعطى موقفه من التحولات التي قد تطرأ على الساحة الاقتصادية في سنوات 2020 و2030 والتي قد ينتهي بها البترول والغاز في الجزائر مع ازدياد حجم التعداد السكاني والذي سيؤثر على نفقات الدولة في تلك الفترة، مما قد يعيد إلى الأذهان أزمة أسعار النفط خلال منتصف الثمانينيات والتي تسبّبت في تزايد المطالب الاجتماعية التي تحولت فيما بعد إلى مطالب سياسية أسفرت عن أحداث 5 أكتوبر 1988.
وأكد مبتول أن أسعار البترول حاليا لن تتراجع إلى مستويات جد منخفضة مثلما حدث في الثمانينيات، كما سيكون تراجعها إلى حدود ال90 دولار للبرميل، رغم هذا، دعا المتحدث الحكومة والدولة إلى إتباع خطة اقتصادية طارئة تكون بديلة للوضع الحالي الذي يعتمد على الريع البترولي من اجل إنقاذ الجزائر من أي مشكلة سواء في إنتاج البترول أوانخفاض أسعاره. وفي نفس السياق، عرج محدثنا إلى أن الأجور الضخمة التي تضخها الحكومة بالنسبة للموظفين قد تخلّف أزمة كبيرة مستقبلا في الاقتصاد الوطني الذي يعتمد في أساسه على الريع النفطي.
إعادة النظر في السعر المرجعي.. هو الحل
ومن جهة أخرى، فقد اتجهت الحكومة إلى تصور العديد من الحلول التي قد يقتضيها الظرف الراهن والتي أكد فيها كريم جودي، وزير المالية، في وقت سابق أنه في حال استمرار تدهور أسعار النفط بسبب تأثير الأزمة المالية العالمية، سيتم اتخاذ إجراءات وقائية للاقتصاد الجزائري، كإعادة النظر في السعر المرجعي للبترول المعتمد عليه وسياسة النفقات العمومية. ورجّح جودي في ذات السياق، أن التأثر بالأزمة في الجزائر قد يكون خلال العامين المقبلين، خاصة في حال استمرار تراجع أسعار البترول، المورد الوحيد للعملة الصعبة في الجزائر، مشيرا إلى أنه سيتم الاستمرار في اتخاذ الإجراءات الوقائية مستقبلا في حال استمرار هذه الظروف على حالها، بإعادة النظر في سياسة النفقات العمومية وكذا إعادة النظر في السعر المرجعي للبترول المطبّق حاليا والمعتمد عليه في وضع الميزانية.