38: وهناك صفة أخرى ملازمة لعدم الإحسان إلى الأصناف السابقة، فإن المختال الذي لا يُحسن ويبخل لابدّ وأن يكون إنفاقه رئاءً وسمعة لأن كبريائه يجبره على أن يشوب إنفاقه بما يلائم صفته، فقال سبحانه (وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاء النَّاسِ) وهذه الجملة عطف على قوله «الذين يبخلون» يعني أن إنفاقهم لأجل رؤية الناس حتى يعظمون في نفوسهم ويُمدحون بأنهم أهل خير وإنفاق، والمراد بالرئاء المثال وإلا فالسمعة كذلك (وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ) حتى يكون مخفّزهم على الإنفاق أمر الله سبحانه ورضاه (وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ) حتى يكون باعثهم على البذل رجاء الثواب وخوف العقاب، ثم إنّه كثيراً ما يعبّر بهذا التعبير عن عدم الإيمان الكامل لا مطلق الإيمان أو عدم الإيمان من هذه الجهة، وإن كان هناك إيمان من سائر الجهات، إذ الإيمان الكامل والإيمان من جميع الجهات يقتضي أن يكون باعث كل حركة وسكون هو الإيمان لا غيره، وذلك كما يُقال : فلان لا يطيع أباه، إذا لم يطع إطاعة كاملة أو إطاعة من جميع الجهات، فإنه لا يُراد بذلك عدم الإطاعة مطلقاً بل عدم الإطاعة الكاملة من جميع النواحي (وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا) مقترناً، بأن صاحبه ولازمه وائتمر بأوامره في البخل والرياء وعدم الإيمان (فَسَاء قِرِينًا) لأنه يدعوه إلى المعصية الموجبة لذهاب دينه ودنياه.