الإنسان يجب عليه أن يتقي اللّه قبل أن يتكلم بما يقتضيه النظر، وهذه من المسائل التي تفوت كثيرًا من طلبة العلم، يكون عند الإنسان علم نظري ويحكم بما يقتضيه هذا العلم النظري دون أن يرى إلى أحوال الناس ونتائج القوم. عمر بن الخطاب -رضي اللّه عنه- كان أحيانا يمنع من شيء أباحه الشارع جلبًا للمصلحة، كان الطلاق في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، أي أن الرجل إذا طلق زوجته ثلاثا بكلمة واحد جعلوا ذلك واحدًا، أو بكلمات متعاقبات على ما اختار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو الراجح فإن هذا الطلاق يعتبر واحدا لكن لما كثر هذا في الناس قال أمير المؤمنين عمر: إن الناس قد تعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم ومنعهم من مراجعة الزوجات، لأنهم تعجلوا هذا الأمر وتعجله حرام. أقول: حتى لو قلنا بإباحة كشف الوجه فإن الأمانة العلمية والرعاية المبنية على الأمانة، تقتضي ألا نقول بجوازة في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن، وأن نمنعه من باب تحريم الوسائل مع أن الذي يتبين من الأدلة من كتاب اللّه وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن كشف الوجه محرم تحريم المقاصد لا تحريم الوسائل، وأن تحريم كشفه أولى من تحريم كشف القدم أو الساق أو نحو ذلك.