متعة، فرجة وإثارة ... هكذا تمر بسرعة أيام الطبعة 21 من كأس إفريقيا للأمم 2014 لكرة اليد (16-25 جانفي)،رجال وسيدات، التي تحتضنها الجزائر بقاعاتها الثلاثة حرشة-البيضوية والشراقة. فالجمهور الجزائري، خاصة منه المحظوظ بالإقامة في الأحياء القريبة من القاعات التي تحتضن المنافسة، يعيش هذه الأيام على وقع أنغام وان تو ثري.. فيفا لالجيري لكن العرس هذه المرة مرتبط بالكرة الصغيرة التي استحوذت على اهتمام ومتابعة مختلف الشرائح من صغار وكبار، نساء ورجال وحتى العجائز، التي توحدت جميعها في صيحة واحدة من اجل مؤازة سيدات ورجال المنتخب الجزائري في هذا العرس الإفريقي البهيج. ليس فقط قاعة حرشة، بل شغف المناصر الجزائري بهذه اللعبة زاد عن كل التكهنات، عندما راحت مختلف العائلات تتسابق من اجل حجز مكان لها في مدرجات القاعات التي تحتضن هذه الفعاليات، أين لا تتوقف هتافات الأنصار واهازيجهم جماعة هنا تؤازر منتخبا وأخرى تدعم آخر، هذه هي ذكريات النسخة الواحدة والعشرين لكأس إفريقيا لكرة اليد, التي جددت الجزائر العهد بتنظيمها بعد آخر مرة سنة 2000, علما وأن هدف التشكيلتين الوطنيتين يبقى يتمثل في المرور إلى مونديال 2015 (قطر-رجال) والدانمارك-سيدات. رايات.. أهازيج.. وأضواء الهواتف النقالة تنير القاعة بات عشاق الالوان الوطنية يصنعون ألواحا فنية مميزة بمدرجات قاعة حرشة, مهللين بحياة المنتخبين الوطنيين وبحياة رفقاء هشام بودرالي (منتخب الذكور) ونبيلة تيزي (منتخب الاناث)، منتظرين بشغف التأهل إلى النهائي الكبير ومعانقة الكأس التي غابت عن الذكور منذ 1996 ولم لا الاناث ايضا لاول مرة رايات وطنية، اهازيج صادرة من حناجر منفجرة, تهز من يوم لآخر كيان قاعة حرشة التي باتت ترقص على الاغاني الممجدة للجزائر ومنتخبها، تطلقها اصوات تتعإلى عندما يدخل منتخبا الاناث او الذكور للميدان. فقد تفنن الشبان في التقاط وتسجيل أروع لحظات الفرجة والإثارة خلال مباريات المنتخبين الجزائريين، صور، فيديوهات، يخطفها هؤلاء بهواتفهم المحمولة التي أشعت بضوئها لتصنع أجواء غاية في الروعة، وستبقى دون شك راسخة في الذاكرة. قاعة حرشة قبلة المناصرين.. والباب موصدة أمام المتأخرين من يوم إلى آخر، ومع ارتفاع وتيرة اللقاءات يتضاعف عدد الوافدين إلى قاعة حرشة، وبات من المستحيل ان يلج اليها الجميع، حيث اصبحت هذه القاعة، المتواجدة في قلب بلدية سيدي امحمد، محجا للجماهير، فمن اسعفه الحظ وحل باكرا دخل، أما المتأخر عليه أن يعود أدراجه لأن القاعة مكتظة. فلم يقتصر الامر على حضور عائلات اللاعبين واللاعبات فقط، بل حتى الفضوليين وعشاق اندية كرة القدم، تسجل تواجدها في لقاءات الكرة الصغيرة . عائلات غلقت أبواب بيوتها مسرعة إلى حرشة التي جمعت اطفال وشباب وبنات وحتى شيوخ وعجائز الشعب الجزائري، سيما سكان العاصمة والقاطنين بمحيطها، على غرار شوارع أول ماي وبلوزداد وعيسات إيدير. وقد اتخذت العائلات، بما فيها أهالي اللاعبين واللاعبات، المدرجات الرئيسية للقاعة مقرا لها، برفقة الصبيان الذين بهتوا لتلك الاثارة الكبيرة. هذه هي كرة اليد التي سحرت عقول المتتبعين, فمنهم من أجل مواعيده والآخر يخرج باكرا من عمله كي لا يضيع الفرصة لمتابعة الكان عن كثب. غير أن الذين لم يسعفهم الحظ للدخول، فقد عبروا عن امتعاضهم الشديد خاصة المرافقين لأفراد العائلة، في الوقت الذي راحت فيه مصالح الشرطة تهدئ الوضع معللة ذلك أن المدرجات لا تتسع للجمع الغفير، كما منعت كل من لم يحمل بطاقة الهوية من الدخول، ليبقى العديد من القصر خارج القاعة باستثناء القادمين مع أوليائهم. التلاميذ والطلبة يؤجلون مراجعة الدروس والنسوة يكسرن الرتابة في ظل شغف الشباب بالرياضة، ونظرا لأهمية الموعد القاري، قرر تلاميذ الثانوية والمتوسط تأجيل مراجعة دروسهم إلى غاية انتهاء المنافسة مثل ما كان الشأن بالنسبة لمجيد. ش، شاب من العاصمة مقبل على شهادة البكالوريا, يقول هذه فرصة قد تأتي مرة في العشرين سنة، لا ينبغي تضييعها. صحيح ان الامتحان الصعب في انتظاري شهر جوان المقبل, لكن علي ان اجعل هذه الايام متنفس لي. لا أناصر فقط الذكور بل حتى الاناث . بالنسبة للجنس اللطيف، فقد تمكنت النسوة من كسر الروتين الذي ابقاهن على مدار الساعة وسط حيطان البيت، ليتنقلن إلى جدران القاعة، حيث تؤكد نعيمة.ن, ربة بيت كي نعيش لحظات الفرجة، ألححت على زوجي من اجل حضور لقاءات الاناث لاني كنت احلم أن اصبح رياضية ايام طفولتي ولم يسعفني الحظ. الآن أحضر الأكل وأقوم بأشغال البيت وأنظفه ثم نتوجه إلى القاعة مباشرة إلى غاية انتهاء المنافسة ليلا . إخوة إخوة في الراية والوطن .. وفلسطين دائما في القلب شهدت مدرجات قاعة حرشة توافد انصار الاندية الوطنية لكرة القدم، فبالرغم من التنافس الشديد بينهم، غير انهم التفوا حول الخضر، مرددين عبارة خاوة- خاوة في اشارة إلى ان الجزائريين يد واحدة عندما يتعلق الامر بالراية الوطنية. أما الامر الذي ادهش الجميع، هي ترديد أبناء المليون شهيد، عبارة فلسطين الشهداء، حيث يقف الجمهور كرجل واحد في لقطة اهتزت لها أركان القاعة.