*- وثيقة سرية فرنسية تكشف تفاصيل عار اليربوع الأزرق * آثار الإشعاعات لازالت تلاحق أهالي رڤان وتهدّد حياتهم مرت، أول أمس، الذكرى ال54 للتفجيرات النووية الفرنسية برڤان بولاية أدرار الواقعة بالجنوب الغربي الجزائري، لتعود معها صور الدمار والخراب لأبشع جرائم الإنسانية على الإطلاق وتبقى دليلا ماديا آخر على بشاعة المستعمر في حق الأبرياء العزل. مضى أربعة وخمسون عاما على التفجيرات والتجارب النووية الفرنسية، المصادفة ليوم 13 فيفري 1960، والتي ماتزال تخلّف ضحايا في الجنوبالجزائري الشاسع، وتهدّد سكان المنطقة الذين يعانون، حتى الآن، من مخلفات الإشعاعات النووية لتلك التفجيرات، وهو ما أكده خبراء ومختصون وأوضحوا أنها ستبقى على امتداد آلاف السنين مخلفة آثارها على الإنسان والبيئة على حد سواء، وقد أطلق اسم اليربوع الأزرق على التفجيرات النووية الفرنسية بمنطقة الحمودية برڤان عام 1960 بطاقة تفجيرية بلغت 60 كيلو طن، أي ما يعادل 70 مرة قنبلة هيروشيما، لتواصل هذه النفايات النووية تخليف ضحايا بشرية وبيئية من كل الجوانب لحد الآن. وفي هذا الصدد، أشار عمار منصور، مهندس في العلوم النووية، إلى أن هذه التجارب ينجم عنها إشعاعات ومنها البليتونيوم الذي تبقى آثاره قائمة على مدى 24 ألف سنة، لتبقى حياة الأفراد القاطنين بمنطقة أدرار الجنوبية وما جاورها مهددة، في ظل استمرار مخلفات الإشعاعات المغروسة في عمق الأراضي بالتحديق بها، وقد عمدت فرنسا الى تسجيل دخولها الهمجي إلى نادي القوى النووية يوم 13 فيفري 1960، وما اعترافها بما فعلته في الآونة الأخيرة، إلا لتزكية هذا المنحى والابتعاد بملف التعويضات. وفي هذا الصدد، أوضح الدكتور عمار منصور، أن هذا الاعتراف يقصد به ما قام به الفرنسيون بهذا البرنامج النووي من أجل ولوج فرنسا النادي النووي، وقانون الاعتراف هو بمثابة ذر الرماد على الأعين، وقد خلّفت التجارب النووية معاقين ومشوهين من أهالي المنطقة حيث يعيش الكثيرون على وقع صدمة محتملة، ولاتزال آلات قياس الأشعة النووية تسجل أعلى معدلاتها في منطقة رڤان. * اليربوع الأزرق .. هكذا نسبت فرنسا تسمية حيوان بريء إلى جريمة ضد الإنسانية من بشاعة ما أقدمت عليه فرنسا الاستعمارية، وبعد التنكيل بالشعب الجزائري طيلة 132 سنة، جاءت الفرصة لها أيضا مواتية لكي تتعدى في بشاعة غطرستها كل وصف، فبعد البشر، جاء دور الحيوانات حيث قامت بإطلاق تجاربها النووية في رڤان باسم أجمل حيوان يعيش في المنطقة وهو اليربوع، الذي يعتبر من بين أجمل القوارض في الصحراء ولونه رمادي وبني ينسجم مع الرمال والذي يكسو فروه، وقد أقدمت فرنسا على إطلاق اللون الأزرق، تيمنا باللون الأزرق في علمها، وبذلك، استخدمت مصطلح هذا اللون. ويذهب بعض المحليين على أن اللون الذي تم استخدامه أيضا هو نسبة إلى احد ألوان علم الكيان الصهيوني الذي تيمنت به فرنسا في أبشع جريمة إنسانية قامت بها. ومن لا يعرف اليربوع، فهو حيوان من أسرة اليرابيع في رتبة القوارض، يشمل نحو ستين نوعاً تنتشر في المناطق الجافة من شمال وشرق إفريقيا وجنوب غرب آسيا، وهي حيوانات صغيرة طول جسمها 5-13 سم وذيلها 7-18 سم ووزنها 10-63 غ، والسمة المميزة لهذا الحيوان أنه لا يقرب الماء طوال حياته ولكنه يتغذي على ساق النباتات العصارية ويستخلص الماء اللازم منها، وهو يعيش في مناطق مرتفعة الحرارة، ولهذا، فهو دائما ما ينشط ليلا، ويركّز البول حتى لا يفقد الكثير من الماء وغالبا ما يعيش في كهوف رطبه أثناء النهار. * وثيقة سرية فرنسية تكشف تفاصيل عار اليربوع الأزرق رفعت الحكومة الفرنسية للمرة الأولى، السرية عن الأضرار التي كانت تتوقّع حدوثها بسبب التجارب النووية التي أجرتها بجنوبالجزائر من العام 1960 إلى 1970، وبالضبط تلك التي أجريت في منطقة رڤان، والتي أسمتها اليربوع الأزرق ، وكم كانت المفاجأة كبيرة عندما تبين أن مخاطر الإشعاعات النووية تجاوزت حدود الجزائر. وكشفت خريطة بتداعيات التفجير أوردتها، أمس، جريدة لوباريزيان الفرنسية، أن الإشعاعات النووية، وبعد أن عمّت مساحات واسعة جدا من التراب الوطني، بما فيها مساحات شاسعة في الشمال، انتشرت في كافة المناطق الجنوبية للبلاد، قبل أن تمتد أيضا إلى تونس وليبيا والمغرب والصحراء الغربية وموريتانيا ومالي والنيجر، بل ووصلت إلى عاصمة التشاد، نجامينا، بحسب الخريطة سالفة الذكر. وكان الفرنسيون، الذين خطّطوا لهذه التجارب، يعتقدون أن تداعيات التفجيرات، التي ظلت سرا محميا من طرف وزارة الدفاع الفرنسية، ستقتصر على مناطق بعينها، غير أن المفاجأة كشفت عن تهور الفرنسيين، بعدما عمّت الإشعاعات كافة المناطق الشمالية لإفريقيا الشمالية ومنطقة الساحل وبعض دول ما وراء الصحراء. وقد اتخذ هذا القرار بعد الضغوط الكبيرة التي قادها بعض الجنود الفرنسيين الذين شاركوا في التجارب النووية في جنوبالجزائر وفي جزيرة بولينيزيا التي تقع بالمحيط الهادي، على حكومة بلادهم، وانتهت في بداية الأمر بالموافقة على إجراء التحقيقات الجنائية والاستجابة لطلبات التعويض التي تقدم بها الضحايا. *الاشعاعات طالت كل من اسبانيا وايطاليا وأشارت الوثيقة التي سربتها لوباريزيان ، إلى أنه بعد ثلاثة عشر يوما من تفجيرات أول قنبلة نووية من الجو، وصلت الإشعاعات إلى السواحل الإسبانية في الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، وعمّت نصف جزيرة صقلية في الجنوب الإيطالي، ما يعني أن الجزائروتونس والمغرب قد اجتاحها الإشعاع بصفة تامة، غير أن التساؤل يبقى قائما حول حجم الإشعاعات النووية، التي تبين أنها سبّبت الكثير من الأمراض السرطانية المستعصية على العلاج لكل من يتعرض لهذه الإشعاعات. ونقلت الصحيفة تعليقا للخبير الفرنسي برينو باريو، المتخصص في التفجيرات النووية جاء فيه، أن التقدم العلمي في شقه المتعلق بالطب، أثبت أن الإشعاعات النووية حتى ولو كانت ضعيفة، إلا أنها يمكن أن تسبّب أمراضا مستعصية على عشر أو عشرين سنة من بعد، علما أن بعض الجنود الفرنسيين، الذين اشتغلوا على التفجيرات، أكدوا أن نسبة الإشعاعات في بعض المناطق مثل منطقة آراك، القريبة من تمنراست، كانت مرتفعة جدا إلى درجة أنها تسبّبت في تلوث المياه. ووفقا للمصدر، فإن تداعيات اليربوع الأزرق تظهر الانتشار الكبير لبعض النويدات المشعة في الغلاف الجوي، مثل اليود 131 و السيزيوم137 ، اللذان يمكن استنشاقهما من قبل الناس، وهي النويدات التي لا أحد يعرف اليوم أن مدى انتشار هذه العناصر المشعة وعلاقتها بأمراض السرطان أو أمراض القلب والأوعية الدموية، التي انتشرت بقوة لدى الجزائريين في جنوب البلاد.