رحل الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم عن عمر يناهز 75 عاما، لتغيب كلماته المقاومة ضد الكيان العبري الغاصب. كرس حياته بالقلم لقضية الثورة لتحرير الأم فلسطين ، فبعد أن خطف الموت صديقه ورفيقه محمود درويش منذ سنوات، تجلى أيضا ليرحل عنا صاحب قصيدة منتصب القامة أمشي أمسية أول أمس على سرير المرض، ولسان حاله مجسدا في قصيدته التي تحدى فيها الموت بالقول (أنا لا أحبك يا موت.. لكنني لا أخافك.. أعلمُ أنّي تضيق عليّ ضفافك.. وأعلمُ أن سريرك جسمي.. وروحي لحافك.. أنا لا أحبك يا موت.. لكنني لا أخافك). يعتبر الشاعر سميح القاسم من أبرز الشعراء المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والمقاومة، وهو رفيق درب شاعر فلسطين الراحل محمود درويش. ولد القاسم وهو متزوج وأب لأربعة أولاد هم (وطن ووضاح وعمر وياسر) في مدينة الزرقاء الأردنية في ال11 من ماي عام 1939 لعائلة عربية فلسطينية من قرية الرامة وتعلّم في مدارس الرامة والناصرة، وعلّم في إحدى المدارس، ثم انصرف بعدها إلى نشاطه السياسي في الحزب الشيوعي، قبل أن يترك الحزب ليتفرغ لعمله الأدبي. ونعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الشاعر الراحل. ونقلت عنه الوكالة الفلسطينية قوله (الشاعر القاسم صاحب الصوت الوطني الشامخ رحل بعد مسيرة حافلة بالعطاء والذي كرّس جلّ حياته مدافعا عن الحق والعدل والأرض). سُجِن سميح القاسم أكثر من مرة، كما وُضِعَ رهن الإقامة الجبرية والاعتقال المنزلي وطُرِدَ مِن عمله مرَّات عدّة بسبب نشاطه الشِّعري والسياسي وواجَهَ أكثر مِن تهديد بالقتل. رئِسَ اتحاد الكتاب العرب والاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين في فلسطين منذ تأسيسهما. ورئيس تحرير الفصلية الثقافية إضاءات التي أصدرها بالتعاون مع الكاتب الدكتور نبيه القاسم، كما أسس صحيفة كل العرب في الناصرة. صَدَرَ له أكثر من 60 كتاباً في الشعر والقصة والمسرح والمقالة والترجمة، وصدَرتْ أعماله الناجزة في سبعة مجلّدات عن دور نشر عدّة في القدسوبيروت والقاهرة. وترجِمَت العديد من أعمال الشاعر الراحل سميح القاسم وقصائده إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية والعبرية واللغات الأخرى. كتب سميح القاسم العديد من القصائد المعروفة والمشهورة من بينها تلك التي غناها مرسيل خليفة ويغنيها كل اطفال فلسطين وتغنى في كل مناسبة قومية (منتصب القامة أمشي.. مرفوع الهامة أمشي... في كفي قصفة زيتون... وعلى كتفي نعشي، وأنا أمشي وأنا أمشي). كان القاسم ثالث ثلاثة، صحبة محمود درويش وتوفيق زياد، طوّروا تلك الجماليات الشعرية الرفيعة التي ستستقبلها الذائقة الأدبية العربية تحت مسمى شعر المقاومة، والتي لن تكتفي باقتراح حداثة ذات نكهة خاصة، في الشكل والموضوعات، فحسب، بل ستردّ الكثير من الكبرياء إلى الوجدان العربي الجريح، قبل ذاك الفلسطيني، خاصة بعد هزيمة 1967. من أهم أعماله الشعرية - مواكب الشمس (مطبعة الحكيم، الناصرة، 1958م). - أغاني الدروب (مطبعة الحكيم، الناصرة، 1964م). - دمي على كتفي (مطبعة الحكيم، الناصرة، 1968م). - دخان البراكين (شركة المكتبة الشعبية، الناصرة، 1968م). - سقوط الأقنعة (منشورات دار الآداب، بيروت، 1969م). - ويكون أن يأتي طائر الرعد (دار الجليل للطباعة والنشر، عكا، 1969م). - رحلة السراديب الموحشة / شعر (دار العودة، بيروت، 1969م). - طلب انتساب للحزب / شعر (دار العودة، بيروت، 1970م). - ديوان سميح القاسم (دار العودة، بيروت، 1970م). - قرآن الموت والياسمين (مكتبة المحتسب، القدس، 1971م). - الموت الكبير (دار الآداب، بيروت، 1972م). - وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم (منشورات صلاح الدين، القدس، 1971م). - ديوان الحماسة / ج 1 (منشورات الأسوار، عكا، 1978م). - ديوان الحماسة / ج 2 (منشورات الأسوار، عكا، 1979م). - أحبك كما يشتهي الموت (منشورات أبو رحمون، عكا، 1980م). - ديوان الحماسة / ج 3 (منشورات الأسوار، عكا، 1081م). - الجانب المعتم من التفاحة، الجانب المضيء من القلب (دار الفارابي، بيروت، 1981م). - جهات الروح (منشورات عربسك، حيفا، 1983م). - قرابين (مركز لندن للطباعة والنشر، لندن، 1983م). - برسونا نون غراتا : شخص غير مرغوب فيه (دار العماد، حيفا، 1986م). - لا أستأذن أحداً (رياض الريس للكتب والنشر، لندن، 1988م). - سبحة للسجلات (دار الأسوار، عكا، 1989م). - أخذة الأميرة يبوس (دار النورس، القدس، 1990م). - الكتب السبعة / شعر (دار الجديد، بيروت، 1994م). - أرض مراوغة. حرير كاسد. لا بأس (منشورات إبداع، الناصرة، 1995م). - سأخرج من صورتي ذات يوم (مؤسسة الأسوار، عكا، 2000م). حصل سميح القاسم على العديد من الجوائز والدروع وشهادات التقدير وعضوية الشرف في عدّة مؤسسات. فنالَ جائزة غار الشعر من إسبانيا.وحصل على جائزتين من فرنسا عن مختاراته التي ترجمها إلى الفرنسية الشاعر والكاتب المغربي عبد اللطيف اللعبي. وحصلَ على جائزة البابطين. وحصل مرتين على وسام القدس للثقافة من الرئيس ياسر عرفات، وحصلَ على جائزة نجيب محفوظ من مصر، وجائزة السلام من واحة السلام، وجائزة الشعر الفلسطينية. مقطع من القصيدة التي تحدّى بها الصهاينة تقدموا تقدموا.. تقدموا! كل سماء فوقكم جهنم وكل أرض تحتكم جهنم تقدموا يموت منا الطفل والشيخ ولا يستسلم وتسقط الأم على أبنائها القتلى ولا تستسلم تقدموا بناقلات جندكم وراجمات حقدكم وهددوا وشردوا ويتموا وهدموا لن تكسروا أعماقنا لن تهزموا أشواقنا نحن القضاء المبرم تقدموا طريقكم وراءكم وغدكم وراءكم وبحركم وراءكم وبركم وراءكم ولم يزل أمامنا طريقنا وغدنا وبرنا وبحرنا وخيرنا وشرنا فما الذي يدفعكم من جثة لجثة وكيف يستدرجكم من لوثة للوثة سفر الجنون المبهم تقدموا وراء كل حجر كف وخلف كل عشبة حتف وبعد كل جثة فخ جميل محكم وإن نجت ساق يظل ساعد ومعصم تقدموا كل سماء فوقكم جهنم وكل أرض تحتكم جهنم