أبرز رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، أمس، بجنيف (سويسرا) التقدم الذي سجلته الجزائر في مجال ترقية المرأة وفي وضع حد للعنف الممارس ضدها. وقال بن صالح في كلمة له بمناسبة أشغال الجمعية ال131 للاتحاد البرلماني الدولي، أن الجزائر عاشت مرحلة كان فيها الحق في الحياة مرادفا لحق المرأة في الحياة مبرزا أنه مباشرة بعد استعادة السلم والمصالحة، حظيت مسألة حقوق المرأة بالأولوية، بل أصبحت موضوع إجماع لدى كافة مكونات المجتمع . وأضاف أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة باشر منذ 2005 في تنفيذ برنامج سياسي طموح يرمي إلى الرفع من مكانة المرأة الجزائرية وتحقيق المساواة فيما بين النساء والرجال عامة . وفي هذا الشأن اغتنم السد بن صالح المناسبة ليستعرض الاستراتيجية الوطنية لإدماج وترقية المرأة في الجزائر التي تضمنت مخطط عمل وطني شارك في إعداده خبراء من قطاعات مختلفة ذات علاقة بشؤون المرأة وخاصة بحقوقها السياسية . وقد توجت هذه الخطة -- يضيف رئيس مجلس الأمة- بتوصيات تم التكفل بها عمليا ووجدت ترجمتها في قوانين عضوية هامة صادق عليها البرلمان الجزائري بغرفتيه، وهي الآن حيز التطبيق . وفي هذا الصدد ذكر بن صالح بواحد منها يتعلق بمبدأ توسيع فضاء تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة من خلال اعتماد نظام حصص يقضي بترتيب المترشحات من النساء في رتبة تساعدها على حيازة حصة محترمة من مقاعد المجالس المنتخبة، حصة تتراوح ما بين 20 و50 بالمائة. وتابع في هذا الصدد أن ذلك تحقق فعلا في الانتخابات التشريعية سنة 2012، حيث انتقلت نسبة تمثيل المرأة في البرلمان من 7,7 إلى 31,6 % وبذلك أصبحت الجزائر تحتل بفضل هذا القانون المرتبة 26 عالميا والأولى عربيا . كما أشار إلى أن الجزائر وضعت مخططا حددت بموجبه معالم سياسة وطنية شاملة لوضع حد للعنف ضد النساء، مستعملة حينا قوة القانون وحينا آخر حجة التبليغ، الأمر الذي أعطى نتائج مرضية . وخلص في هذا الشأن الى أن مسألة المرأة في الجزائر ليست مناسباتية تثار مرة في العام (مناسبة 08 مارس) بقدر ما هي تمثل واحدا من خياراتنا الأساسية في بناء وتجانس واستقرار مجتمعنا ككل . واستطرد بأن الجزائر لم تتوقف عن البحث عن الآليات التي تهدف إلى إرساء المساواة بين الجنسين ووضع حد لكل أشكال العنف ضد المرأة . كما أننا كبرلمانيين-- يضيف بن صالح-- لم يتوقف دورنا في العمل على تطوير التشريع في هذا الاتجاه بشكل عام، بل أننا نسعى باستمرار إلى ترقية المرأة البرلمانية والعمل على تمكينها من مناصب المسؤولية وصولا إلى تحقيق المساواة التي تعمل الدولة إلى بلوغها . من جهة أخرى أعرب رئيس مجلس الامة عن ارتياحه لاعتماد نقاش الدورة لموضوع: تكريس المساواة بين الرجل والمرأة و وضع حد للعنف الممارس ضد النساء ، لافتا إلى أن هذا الموضوع أضحى يشكل مطلبا يفرض نفسه علينا جميعا نحن الذين نريد أن تسير الإنسانية على قدميها الاثنين . وفي هذا الشأن ذكر بن صالح أن الدراسات تبين بأن المجتمعات المنسجمة والتي تتقدم هي تلك التي تعمل على تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة . وأضاف في هذا الإطار قائلا: صحيح أن التطور الذي تحقق لهذه المجتمعات كان بفضل ظروف تاريخية عرفتها هذه الأخيرة، لكننا نعتقد أيضا أنه لا توجد مجتمعات ثقافتها ومعتقداتها تقف عائقا دون بلوغ تلك الغاية . وفي هذا الصدد ذكر رئيس مجلس الأمة بكفاح المرأة الجزائرية، حيث قال أمام المشاركين: لقد أتيت من بلد لم تطلب فيه نساؤه يوما (لاسيما في الأوقات العصبية من تاريخه) الإذن من آبائهن، أو أزواجهن أو إخوانهن لتبرزن كأسماء كبيرة في كفاح بلادها وبناء وطنها مبرزا أن ما ينطبق على نساء بلادي ينطبق كذلك على بنات البلدان الأخرى . وفي هذا الموضوع خص بن صالح في كلمته مقاومة المرأة الجزائرية ضد الإرهاب الأصولي ومساهمتها في دحره مؤكدا أنه بفضل سلوكهن اليومي في مواجهة العنف الهمجي الذي كان يستهدفهن بدرجة كبيرة عززت المرأة نضال المجتمع ككل ووفرت له السند المطلوب . وتابع أن منع البنت من الذهاب إلى المدرسة، والمعلمة من إعطاء دروسها، والمحامية من الدفاع عن الحق، والقاضية من إحقاق ذلك الحق، والطبيبة من علاج المرضى كانت بالواقع محاولات يائسة تهدف إلى إيقاف التقدم بل أقول إلى إيقاف الحياة ككل . وأضاف أن هذه الحقيقة كانت قبل عشر سنوات غير معروفة كثيرا عن بلادي وخارج حدودها ، لافتا الى أن تذكيره بها اليوم هو من أجل التنديد بالوضع المأساوي الذي تعرفه اليوم العديد من البلدان من جرائم إرهابية شنعية ترتكب من قبل جماعات مجرمة تستهدف الرجال والنساء باسم الدين والدين أبعد ما يكون عن تصرفاتها المدانة . كما أن التذكير بهدا الواقع المؤلم اليوم - يضيف بن صالح-- لكي أندد خاصة بما يجري في مناطق عديدة من العالم .