أصدر مشروع كلمة للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة كتاباً جديداً، بعنوان صورة العربي في سرديات أمريكا اللاتينية للباحث الكوبي ريجوبيرتو إرنانديث باريديس، وترجمه إلى العربية أحمد عبداللطيف. خلال القرن الثامن عشر والتاسع عشر، وتحت ولاية الخلافة العثمانية، هاجر الكثير من العرب، خاصة من فلسطين وسوريا ولبنان، إلى قارة أمريكا اللاتينية، حاملين ثقافتهم ورؤيتهم للعالم وتصوراتهم الغيبية وخيالهم الذي لا يبتعد كثيراً عن مخيلة ألف ليلة وليلة والبساط السحري. هناك، أنشأوا مجتمعاً جديداً في دول مثل كولومبيا والأرجنتين والبرازيل وكوبا، ونشروا ثقافتهم عبر معاملاتهم اليومية واحتكاكاتهم المجتمعية، فأثر ذلك في البنية الثقافية والأنثروبولوجية لوطنهم الجديد. في كتاب صورة العربي في سرديات أمريكا اللاتينية ، يحاول البروفيسور الكوبي المتخصص في الشؤون العربية، ريجوبيرتو مننديث باردس، تتبع هذا الأثر، ورصد التحول الثقافي لدول أميركا اللاتينية، التحول الذي ترك بصمته اللافتة في أدب هذه القارة وساهم، إن لم يكن أنشأ، أحد أهم التيارات الأدبية التي ظهرت في القرن العشرين: الواقعية السحرية . واختار المؤلف أبرز تجليات هذا التأثير، فأورد نماذج من أعمال الكُتّاب الأكثر تأثيراً في الأدب العالمي: جابرييل جارثيا ماركيز، خورخي لويس بورخس، جورجي أمادو، إيسابيل الليندي، ورصد فيها ظهور العربي. بالإضافة لذلك، أسس لحضور المهاجر الجديد في المجتمع، بداية من عمله كبائع جوال ومروراً بالعمل في التجارة المستقرة، ثم طموحات الأجيال التالية في العمل الأكاديمي والوصول لمرتبة أساتذة في الجامعات. يتطرق الكتاب كذلك لما يمكن أن نسميهم الآباء المنسيون للواقعية السحرية ، وهم كُتّاب عرب أسسوا لهذا التيار، غير أنهم لم يحظوا بالشهرة الكافية التي تعادل تأثيرهم في هذا الاتجاه الأدبي، ولعل أبرزهم الروائي لويس فياض، الذي ينتمي للجيل الثاني من المهاجرين. يُرجع المؤلف تيار الواقعية السحرية للعرب، ويرى أن حكايات التراث العربي المتماهية مع ألف ليلة وليلة فتحت أفقًا جديدًا في الثقافة الجديدة.