منحة السبات الشتوي تجوّع مئات الصيادين السياسي تقضي يوما كاملا مع الصيادين تتكرر معاناة الصيادين مع حلول كل فصل شتاء أين يصبح البحر بالنسبة لهم جحيما محققا نظرا للمخاطر التي تواجههم أثناء رحلاتهم المليئة بالمشقات بحثا عن الرزق و قوت يسد رمقهم، وهو ما اكتشفته السياسي خلال جولتها لميناء الجزائر أين اشتكى العديد من الصيادين جملة المشاكل التي يتحدونها يوميا من أجل كسب قوتهم، لتزداد بذلك أكثر صعوبة خاصة في ظل غياب التامين وسوء الأحوال الجوية التي تشهدها مختلف ولايات الوطن خلال هذا الفصل. هكذا يقضي الصيادون يومياتهم بميناء الجزائر السياسي نزلت إلى ميناء العاصمة للوقوف على حجم المعاناة التي يتخبط بها صيادو المنطقة والوضعية التي يزاولون بها نشاطهم البحري، خاصة خلال هذا الفصل الذي يتوقفون خلاله عن عملية الصيد بسبب سوء الأحوال الجوية. كانت الساعة تشير إلى الثالثة مساء عند وصولنا إلى الميناء، وهو موعد تجمع البحارة للذهاب للصيد والعودة في صباح اليوم التالي فجرا وهو الروتين اليومي للصيادين أين وجدنا العديد من القوارب والسفن تتهيأ للمغادرة وتستعد في تحضيراتها، حيث كان هناك عدد كبر من الرجال يقفون اأمام تلك القوارب وحتى السفن لترتيب آخر الاستعدادات -مثلما أكده لنا أحد الصيادين- كاشفا أن عملية التحضير وتفقد الشبكة والسفينة ضروري ويومي للصياد، حيث أعرب عمي موح على أن مهنة الصيد أصبحت متعبة جدا في يومنا هذا، بسبب الفوضى والمتاعب الكبيرة التي تلاحقهم فعدى عن هيمنة السفن الكبرى على الصيد لإمتلاكها أحدث التقنيات وكذلك غياب السمك بين الحين والآخر وفي بعض الشهور، وذلك بسبب طريقة صيده العشوائية والتي أدت لإنْقراضه ونقصه بعدما قمنا بجولة في الميناء اقتربنا بعدها مباشرة من بعض السفن التي كانت قد انتهت من آخر تحضيرات إقلاعها والبداية كانت بسفينة لالة فاطمة والتي كانت مركونة بالمرسى مع العديد من السفن الأخرى وهنا الْتقينا وجدنا رئيس السفينة الرايس توفيق والذي تجاذبنا معه اطراف الحديث عن يومياته في البحر، ليحدثنا بعدها عن متاعبه مع مهنة الصيد حيث خاطبنا قائلا أن الصيد اصبح قليلا جدا مقارنة بالسنوات السابقة، وهو الأمر -حسبه- الذي جعل العديد من الصيادين يعتزلون نهائيا مهنة الصيد ويتخلون عن سفنهم التي تجدها مركونة في المرسى وقد أكلها الصدأ، مرجعا السبب إلى قوانين الصيد التي لم تراع -حسبه- ظروف الصيادين، واصفا إياها بأنها ليست عادلة وكذلك الضرائب الكبيرة التي تفرض عليهم من طرف مديرية الضرائب والتي أرهقت كاهلهم، وكذلك الحوادث التي تقع بين الحين والآخر للعمال معه على متن السفينة وغيرها. الاضطرابات الجوية تُحيل مئات الصيادين على البطالة ونحن نتجول بالميناء اقتربنا من بعض الصيادين والذين لم يمتنعوا من التحدث إلينا ونقل مشاكلهم وانشغالاتهم لنا وكان عبد القادر واحد من الصيادين القدامى في الميناء، والذي أكد لنا أن أهم مشكل يمكن أن يواجهه الصيادين عموما هو عدم التكفل بهم وأخذ وضعيتهم بعين الاعتبار خصوصا فترات توقفهم عن العمل أثناء فصل الشتاء، إذ يقلّ العمل في هذه الفترة وينعدم أحيانا، وبهذا يجد الصياد نفسه عاطلا عن العمل خاصة الصيادين أصحاب المراكب الصغيرة المختصة في صيد السردين بسبب العواصف وسوء الأحوال الجوية وبرودة الطقس التي تدفع بتجمعات السمك إلى الابتعاد من المياه القريبة من السواحل -يضيف عبد القادر- بالقول إنني صياد وأب لخمسة أطفال قضيت حياتي بأكملها في البحر وأعرف حق المعرفة خبايا هذه المهنة والمشاكل التي يعاني منها الصياد، نحن الصيادون نعمل فقط في فصل الصيف تحسبا لفصل الشتاء، كما أن الدخل الذي نجنيه خلال هذا الفصل ندفع به الديون التي تتراكم علينا خلال فصل الشتاء حيث ندفع لمحلات المواد الغذائية وحدها مايقارب 20.000 دج شهريا ، في حين عبر العديد من الصيادين عن استيائهم لعدم وجود نقابة تضم الصيادين وتدافع عن حقوقهم وتتكفل بهم خلال الفترات التي يقل فيها العمل بالخصوص في فصل الشتاء، الذي يواجه فيه الصياد جملة من المشاكل التي لا تكاد تنتهي إلا بانقصاء هذا الفصل. وفي ظل هذا الوضع الذي يعمل فيه أكثر من 3 آلاف صياد بميناء الجزائر العاصمة، أكد البعض أن الحاجة والأوضاع المزرية التي يواجهونها تدفعهم إلى القيام ببعض التجاوزات كعدم احترام المواعيد المخصصة للصيد، وكذا عدم احترام الراحة البيولوجية للأسماك التي تتكاثر بين شهري ماي وأكتوبر، حيث يمنع القانون منعا باتا صيد السمك خلال هذه الفترة، غير أنهم يضطرون إلى القيام بهذه التجاوزات لأن تفكيرهم الوحيد متوجه للكسب خلال هذه الفترة. منحة السبات الشتوي لم تر النور بعد! ومن جهته، أكّد الصيادون أن فترة السبات الشتوي تبدأ عادة من منتصف شهر ديسمبر وتمتد أحيانا حتى أواخر شهر فيفري بسبب الإضطرابات الجوية وحالة البحر غير المستقرة وهي الفترة التي يتوقفون بها عن النشاط، ما يجبرهم على إرساء قواربهم جنبا وانتظار انتهائها بفارغ الصبر حيث يعانون الأمرين خلال هذه المرحلة، خاصة وأن المئات منهم يتخذون من مهنة الصيد مصدر رزق أساسي لإعالة عائلاتهم. وفي سياق متصل، أشار أحد الصيادين إلى أنهم يغتنمون الفرصة للقيام بأعمال الصيانة لمحرّك مراكبهم أو بخياطة شباكهم أو البحث عن شغل مؤقت لسد جوع أسرهم، بينما يفضل بعضهم الجلوس في المقاهي ليتحدث عن مغامراته بعرض البحر. ومن جهة أخرى، فقد أضاف ذات المتحدثون أن المخاطر والصعوبات التي تتربص بهم يقابلها أجر لا يتعدى ال15000 دج، وهو ما يعتبر ضئيلا لإعالة عائلاتهم، ما جعلهم يناشدون وزير الصيد البحري للإستفادة من منحة سبات الشتاء لتحسين أوضاعهم المعيشية المزرية بفترة الركود، مؤكدين أنهم يتحمّلون كل هذه المعاناة ليس فقط باعتبارها مصدر رزق لهم. وفي ظل هذا الوضع الذي يعيشه العديد من الصيادين، تقدم الكثير منهم بنداء استغاثة للجهات المعنية بغية تحسين ظروف عملهم المحفوفة بالمخاطر، مع انتشالهم من البطالة التي يعيشونها في ظل غياب منحة السبات الشتوي التي ظلت مجرد مطلب لم يلب وحبر على ورق. صيادون: حياتنا في خطر لأجل كسب رزق يومنا مع كل هذه المشقات والمخاطر التي يواجهها الصيادون خلال رحلتهم في الصيد، يواجهون أيضا معاناة بعدهم عن أهلهم خلال فترة الصيد وهو الأمر الذي يزيد من تعرضهم للضغط النفسي الناتج عن اشتياقهم لذويهم، وهو ما أطلعنا عليه عبد الرزاق والذي أخبرنا بأنه يشتاق لعائلته الصغيرة أثناء تواجده بعرض البحر، ويضيف بأن أرقه يزداد مع سوء الأحوال الجوية حيث يخشى أن يصيبه مكروه ولا تتمكن عائلته من رؤيته ثانية، ويشاطره الرأي مراد الذي قال بأن الصيد مهنته ويجب توفير لقمة العيش لعائلته، ليضيف أنه رغم المخاطر التي تواجهنا نغامر بحياتنا ونموت مئات المرات يوميا. وينطبق الأمر أيضا على عائلات الصيادين الذين يواجهون الأمرين طيلة فترة غياب أبنائهم أو أبائهم عنهم، وهو ما أطلعتنا عليه فايزة والدة صياد حيث أخبرتنا بأنها لا تتذوق طعم النوم طيلة تواجد ابنها بالبحر وخاصة عند هطول الأمطار الغزيرة. ويضيف رابح بأنه دائم الإنشغال عن والده الصياد وبأن فترة غيابه تفوق الشهر أحيانا، وهو الأمر الذي يؤرق ذوو الصيادين والصيادين معا لصعوبة المهنة والمخاطر المجهولة التي تواجههم في رحلة الصيد أثناء فصل الشتاء. عمي ياسين أكبر بحار بميناء الجزائر يروي ل السياسي معاناته ونحن نعيش جملة المخاطر التي يعيشها الصيادين بميناء الجزائر، شدّ انتباهنا عمي ياسين صاحب 64 سنة وأب لأربعة أطفال وهو أكبر بحارة بالميناء فتقربنا منه لمعرفة قصته مع أمواج البحر والتي كانت بدايتها سنة 1978، ليسترسل عمي ياسين قصته وهو يستذكر الحادث الأليم والذي تسبب له في إعاقة مستديمة على مستوى رجله اليمنى، ومن جهة أخرى، قال عمي ياسين فعلى غرار جملة المشاكل والأخطار التي نتكبده ونحن في عرض البحر فنحن نعيش الألم والاشتياق لفلذات أكبادنا ليحز في نفسه ويقول: أولادي كبروا وصاروا رجالا ولم أراهم ، مضيفا نحن البحارة منسيون في الأرض لا يوجد لدينا أي امتيازات أو حتى تسهيلات مثل الشراء بالتقسيط وغيرها من الأمور مثل العمال الآخرين، فنحن نخاطر بحياتنا من أجل توفير السمك للجزائريين. وحتى لو أردنا ذلك، فإننا لا نستطيع بسبب غياب كشف الأجر، فحسبه مبلغ 12000 لا يكفي حتى لشراء الخبز والحليب. وقد أيّد العديد من الصيادين كلام عمي ياسين، مثل منير ومصطفى والذين اشتكوا هم أيضا من ظروفهم المعيشية. وفي ذات السياق، يواصل مصطفى وهو أصغر صياد بالميناء 25 سنة ذكر تجاربه في البحر وكيف يقومون بعملية رفع الشباك بعد ساعات طويلة من الانتظار، قائلا ننتظر فترة رفع الشباك وكلنا أمل في الحصول على صيد وفير بعد عناء كبير، وبعدها نقوم بفرز ورمي ما لا يصلح من جديد في البحر ووضع السمك في صناديق والعودة إلى الميناء بعد تعب كبير . هذا ويعرف الميناء على الساعة الخامسة صباحا حركية كثيفة من طرف العديد من الرجال والشاحنات الضخمة والتي تكون في انتظار عودة السفن والقوارب للظفر بما اصطادوا. بلوط: أغلب الصياد غير مؤمنين وهم عرضة للخطر في أي لحظة وفي ظل هذا الواقع الذي يتكبده 55 ألف بحار ب14 ولاية ساحلية، أكد حسين بلوط رئيس اللجنة الوطنية للصيد البحري في اتصال ل السياسي بأن الوضع الذي يعيشه الصيادين حرج وهم يعيشون حالة من الفراغ وخاصة في هذه الأيام، أين تشهد السوق تذبذبا كبيرا لنقص السمك الذي أحال العديد منهم على البطالة وتوقيف نشاطاهم، كما أن سوء الأحوال الجوية ساهم في توقيف العديد من عمليات الإبحار والصيد. وعن الوضع الإجتماعي للصيادين، صرح حسين بلوط بأن أغلب الصيادين غيرمؤمنين اجتماعيا وهم عرضة للخطر دائما حيث يتوجب على السلطات مساعدتهم والاهتمام بهم لتحسين وضعيتهم. سراي: نحصي 50 صيادا مؤمنا على مستوى ميناء العاصمة ومن جهته، أكد سمير سراي الأمين العامة لجمعية الصيادين لولاية الجزائر في اتصال ل السياسي أن حوالي 3000 صياد بميناء العاصمة يعيشون أوضاعا صبعة، مشيرا بذلك إلى أن 50 فقط من هؤلاء الصيادين مؤمنين اجتماعيا وهو ما يؤكد حقيقة الوضع الذي يعيشونه هؤلاء الصيادين. وللاشارة، فإنّ غرفة الصيد البحري كانت قد أعدت برنامجا توعويا عبر مختلف الموانئ التي تشهد حركية معتبرة للصيادين حول تأمين الصيادين ضد مختلف الأخطار من تنظيم الغرفة الولائية للصيد البحري بالتنسيق ومديرية القطاع والشركة الوطنية للتأمين، باعتبارها ستساهم مساهمة فعالة في تشجيع مهنيي القطاع على الاستثمار أكثر في المهنة دون تخوف من الكوارث الطبيعية التي بوسعها إلحاق أضرار بممتلكات هؤلاء.