تراهن أحزاب المعارضة المنضوية تحت لواء ما يسمى بهيئة التنسيق والتشاور على التحالفات الانتخابية، لتجاوز هاجس ضعف وعائها الانتخابي الذي لا يمكّنها من مقارعة الحزبين التقليديين الأفلان والأرندي ولا حتى مجابهة الأحزاب التي ولدت كبيرة في صورة (تاج) والحركة الشعبية في التشريعيات المقبلة والتي قد تشهد تشكّل خارطة سياسية جديدة في الجزائر، يفتح فيها المجال للأحزاب الجادة وتوصد فيها الأبواب للتشكيلات ذات الحسابات الضيقة والقاعدة النضالية الضعيفة. وتدرك عديد أحزاب المعارضة تمام الإدراك أن اقتحام سباق تشريعيات 2017 بقوائم منفردة سيمثل ضربة قاضية لها حتى قبل بداية الحملة الانتخابية، أين ستكون مجبرة على المرور عبر امتحان قانون الانتخابات الجديد الذي يشترط الحصول على نسبة 4 بالمائة في تشريعيات 2012 أو المرور من خلال جمع توقيعات المنتخبين، هذه الأخيرة تمثل اختبارا حقيقيا لمدى تجذر بعض الاحزاب في المجتمع الجزائري، ولذلك تتوجس منه عديد التشكيلات المحسوبة على المعارضة لانها بحسب مراقبين للشأن السياسي في الجزائر متيقنة من ضعف وعائها الانتخابي، وهذا خلافا لبعض الاحزاب التي ولدت كبيرة مثل تجمع أمل الجزائر لرئيسها عمار غول، والحركة الشعبية الجزائرية لعمارة بن يونس، وحتى التحالف الوطني الجمهوري لزعيمه المنتخب لعهدة جديدة مؤخرا بلقاسم ساحلي، كل هذه التشكيلات أبدت مرونة وثقة كبيرة في تجاوز امتحان جمع التوقيعات نظير جهودها المشهودة في توسيع تواجدها في الولايات الداخلية والجنوبية والعمل المتواصل الذي تقوم به منذ استحداثها. وبخلاف ذلك تركز بعض من تسمي نفسها بأحزاب المعارضة على معزوفة اللجنة المستقلة لتنظيم الانتخابات وسط رفض غير مبرر لقانون الانتخابات الجديد الذي وصفه مراقبون بقانون التمحيص، كما أبدت التشكيلات التي أعلنت مشاركتها في التشريعيات لحد الآن نية واضحة في دخول المعترك الانتخابي في كتل تحمل نفس التوجه. وفي السياق، قد تشهد تشريعيات 2017 تكرار تجربة تكتل الجزائر الخضراء التي ضمّت في 2012 حركة مجتمع السلم وحركة النهضة وحركة الإصلاح الوطني، حيث شهدت الفترة الاخيرة اتصالات مكثفة بين قيادات هذه الاحزاب ذات التوجه الإسلامي لذات الغاية، بينما أعلن رئيس حركة الإصلاح الوطني في حوار مع السياسي عن العمل على توسيع هذا التكتل ليشمل أحزابا أخرى تحمل نفس التوجه وليس بالضرورة ذات الإديولوجية، ما يعني إمكانية التحاق أحزاب معارضة ديمقراطية أو وطنية التوجه. ولعل ما يؤكد ضعف الوعاء الانتخابي لعديد الاحزاب التي تصنف نفسها ضمن المعارضة التي تعلق فشلها المتكرر على مشجب التزوير، هو عدم إبداء الاحزاب المعارضة المعروفة في صورة الافافاس والأرسيدي أي نية في التحالف حتى وإن كان حزب الراحل حسين آيت أحمد لم يقرر بعد المشاركة من عدمها، كما هو الشأن مع تشكيلات أخرى وازنة في الساحة في صورة حزب العمال غير المتعود على التحالف والمقاطع للمقاطعة.