يعد مشروع إعادة تأهيل وترميم النسيج الحضري العتيق بمدينة سكيكدة من أهم وأكبر المشاريع التنموية المحلية المسجلة برسم سنة 2016، والذي تطلب غلافا ماليا بقيمة 1,5 مليار د.ج. وقد تم تقسيم أشغال إعادة تأهيل البنايات العتيقة التي تقع في قلب روسيكادا إلى 24 حصة، وذلك بهدف ترميم المباني القديمة للمدينة التاريخية التي يعود جزء كبير منها إلى فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر. وقد تم الشروع في عملية الترميم بعد الانتهاء من الدراسة التي أسندت إلى المجمع الجزائري - الإسباني المكون من هيئة الرقابة التقنية للشرق، ومكتب الدراسات الإسباني آكيدوس الذي اعتمد في دراسته على منوال تلك التي أجراها على البنايات القديمة في مدينة برشلونة (إسبانيا)، حيث اعتمد -حسب مسؤوليها- على إدخال تقنيات رقمية متطورة للغاية في إعداد الدراسة التقنية على بنايات شارع الأقواس ، مع إعداد تشخيص أولي دقيق لحالة المباني ولدرجة التدهور التي آلت إليها والكشف عن الطريقة التي بنيت بها هذه الأخيرة وعن مدى تقدم تدهور الأساسات والجدران. وقد انتهت الدراسة بإعداد مخطط استهدف أولا حماية السكان والانتقال إلى حماية المباني، حيث يرى القائمون على مكتب الدراسات الإسباني بأن التشخيص الباثولوجي للمباني ضروري لتقليص مدة الأشغال ولتقليص كلفة الإنجاز وجعل الأشغال ذات مواصفات عالمية، على غرار ما جرى في دول أوروبية عديدة لها مباني قديمة. ولإنجاح هذه العملية التي توليها الحكومة أهمية قصوى فقد تم الاستعانة بالخبرات التقنية التي أنجزت في التسعينيات وفي سنتي 2007 و2011 من أجل الوصول إلى تشخيص دقيق لحالة البنايات القديمة للشارع الرئيسي لسكيكدة وللمدينة القديمة ككل. ترميم النسيج العمراني القديم لشارع الأقواس بدأ يظهر للعيان إنطلقت بداية سبتمبر الماضي عملية ترميم وإعادة تأهيل السكنات القديمة بشارع ديدوش مراد أو شارع الأقواس -كما هو معروف محليا- في ظروف جيدة ووسط استحسان كبير للمواطنين، وفقا لما أكده سعدان بن عيسى المكلف بمشروع التهيئة على مستوى ديوان الترقية والتسيير العقاري بالولاية. وأوضح المتحدث أن عملية انطلاق أشغال التهيئة قد بدأت من الحصة 14 التي تضم 19 مسكنا و16 محلا تجاريا، لافتا إلى أن نسبة تقدم أشغال عملية التهيئة قد بلغت 35 بالمائة. وإعتبر إياها نسبة جيدة، خصوصا وأن مدة أشغال الترميم محددة ب18 شهرا، بينما الاشغال المتعلقة بالحصة رقم 17 التي تقع بمدخل شارع الأقواس سيشرع فيها في غضون الثلاثي الأول من سنة 2017. وستخص عملية الترميم إعادة تهيئة الواجهات وحماية الشرفات والسلالم والأسطح وتقوية الأعمدة، فضلا عن تدعيم الأجزاء المهددة بالانهيار وتلبيس الجدران من جديد. وكشف في هذا السياق عن أنه تقرر الانطلاق من الحصة 14 لتوسطها شارع الأقواس وكونها الحصة الوحيدة التي تتوفر على فضاء من الأمام والخلف، مما سيسمح بمرور المواطنين وأيضا تأقلمهم مع عملية الترميم التي ستستغرق وقتا طويلا والتأكد من تقبلهم للعملية. وأضاف نفس المصدر أن مؤسسة جزائرية خاصة تتولى عملية ترميم الحصة 14 من النسيج العمراني العتيق لمدينة سكيكدة، وذلك بعد قبول الدراسة التقنية التي يعول عليها في إعادة الوجه المعماري لعروس الشرق ووجهته الساحرة، قائلا أن هذه المؤسسة قد قامت بعدة ترميمات بالجزائر العاصمة ووهران. وقد استعجل سكان شارع الأقواس عملية الترميم خصوصا وأن الانهيارات المتكررة والمستمرة أصبحت تشكل هاجسا لهم ليلا نهارا والأمر نفسه بالنسبة لأصحاب المحلات التجارية الذين يخشون حدوث أية انهيارات قد تؤدي إلى توقف نشاطهم وإحالتهم الى البطالة -كما أكده صاحب مقهى بشارع الأقواس- مشيرا إلى أن العمارة التي يتواجد بها محله عرضة للانهيار وأنه سجل مؤخرا نقصا في عدد زبائنه. إحياء المدينة العتيقة... أولوية لدى السلطات العمومية من جهته، أعلن رئيس دائرة سكيكدة عز الدين عنتري عن استحالة القيام بأية عملية تهديم بالمدينة القديمة، مؤكدا عن عدم وجود أية نية نحو تهديم أية شقة أو بناية. وقد أرجع سبب ذلك لطبيعة المنطقة المعقدة لاسيما البنايات التي تم إنجازها على شكل كتل إسمنتية متلاصقة ببعضها البعض. وإعتبر ذات المسؤول بأنه من الصعب إجراء أية عملية على مستواها قد تؤدي إلى انهيارات متسلسلة بالإضافة إلى الطبيعة القانونية للبنايات من حيث الملكية كونها لا تتوفر على سكنات فقط، بل أيضا على محلات تجارية لتبقى عملية الترميم وإعادة التأهيل للتراث الثقافي والتاريخي للمدينة القديمة هي الحل الأنجع لحماية هذه المباني.