- 55 سنة من الحرية.. 55 سنة من الإنجازات - 10 ملايين جزائري يزاولون دراساتهم في المدارس والجامعات - نحو الانعتاق من التبعية للذهب الأسود تحتفل الجزائر غدا بالذكرى ال55 لعيد الاستقلال والشباب من مستعمر غاصب، عمّر طوال قرن ونصف إلى شتى ألوان القتل والتنكيل بالإنسان والأرض والهوية، ولكن الشعب المتمسك بحقه، وبأصالته وقيّمه الوطنية، لم يرضخ وظل يقاوم ويدفع القوافل تلوى القوافل من الشهداء، إلى أن نال حريته يوم 5 جويلية 1962 ليشرع بعدها في بناء وتشييد الدولة الجزائرية، ورغم الظروف الاقتصادية والاجتماعية، إلا أنها تمكنت من اجتياز كل العوائق لتصل اليوم الى ما هي عليه. لعل أهم المعارك الكبرى التي قادتها جزائر الاستقلال هي القضاء على الجهل الذي كرسه المستعمر اللفرنسي وسط الجزائريين طوال قرن ونصف القرن، من خلال فتح المدارس لأبناء الشعب الجزائري للتعلم واكتساب المعارف بصفة مجانية للنهوض بالبلاد التي خرجت منهكة من معركة التحرير. الجزائر تكسب معركة التربية والتعليم ومحو الأمية عكفت الدولة الجزائرية على ضمان مقاعد دراسية لأبناء الجزائر في إطار سياسة ديمقراطية التعليم التي جعلت التكوين والتعليم يشكل إحدى الأولويات وبفضل هذه السياسة الرشيدة التي مكنت الجزائر من تكوين الملايين من الإطارات والفنيين والعمال المتخصصين في كافة المجالات ويد عاملة مؤهلة تستجيب لكافة القطاعات المتنوعة، لذلك كان كسب رهان التعليم، أكبر هاجس للدولة الفتية، وقد كسبت هذا الرهان نتيجة السياسات المنتهجة، منذ سنة 1962 إلى غاية اليوم. وبعد مخططات وإصلاحات عدة شهدها قطاع التربية منذ سنوات الاستقلال الى يومنا هذا، حيث بلغ عدد الجزائريين المتمدرسين حوالي 10 ملايين تلميذ من اصل 40 مليون مواطن، فضلا عن مليون ونصف المليون يزاولون دراستهم في الجامعة، هذه الثورة الفكرية لم تنته هنا، بل سعت الدولة الجزائرية الى القضاء على الامية عبر كامل التراب الوطني، منذ الاستقلال حيث كشفت مصالح الديوان الوطني لمحو الأمية مطلع السنة الجارية، أن الإستراتيجية الوطنية لمحو الأمية المطبقة بين 2007 و2015 مكنت من محو أمية أزيد من مليوني شخص أمي لا يعرف أبجديات القراءة والكتابة والحساب، حيث أن هذه الإستراتيجية التي اشتركت فيها قطاعات عدة وتجند لها نحو 12 ألف عون متعاقد مكلفين بمحو الأمية واستهدفت النساء والفتيات خاصة في المناطق الريفية والشريحة العمرية بين 15 و 49 سنة، مكنت من تحقيق نتائج باهرة في محو الأمية وخفض نسبة هذه الآفة إلى 12.33 بالمائة بعد أن كانت في حدود 22.3 بالمائة قبل سنوات قليلة، ومن بين النتائج التي حققتها الإستراتيجية أيضا بالتنسيق مع جميع الفاعلين بالوسط الجمعوي، إدماج المتحررين من الأمية في التكوين المهني ومواصلة التعليم عن بعد، كما تم إدماج 1175 دارس في التعليم النظامي، و9546 دارس في التعليم عن بُعد فضلا عن وجود حالات حصل أصحابها على شهادات الليسانس والماستر، كما أكدت ذات المصالح على ضرورة الانتقال إلى إستراتيجية جديدة بين 2015 و2024 تنفيذا للتوصيات الإقليمية والعالمية. مجانية العلاج.. تجسيد لمفهوم الدولة الاجتماعية من جهة أخرى، أولت الجزائر منذ الاستقلال اهتمام كبير لقطاع الصحة من خلال وضع مبادئ أساسية تقوم عليها السياسة الصحية، سعيا منها لتجسيد حق المواطن في العلاج، كما نصت عليه المواثيق والدساتير، والذي اعتبر مكسبا ثوريا، وكانت وضعية الصحة العمومية في الجزائر قبل الاستقلال متردية، حيث كان الشعب يعاني الفقر والحرمان ومختلف الأمراض الوبائية، والتي كانت نتيجة عن الظروف المعيشية السيئة لأغلبية الجزائريين ولغياب التغطية الصحية، مما استوجب تحديد الأولويات والتركيز على سياسة وطنية للصحة تهدف للقضاء على الأمراض الوبائية ومكافحة وفيات الأطفال وكذا بناء الهياكل وتكوين الإطارات الطبية والشبه طبية والإدارية وبالرغم من العوائق فقد حقق برنامج الحكومة في هذا الجانب الكثير من الأهداف، حيث رسمت الجزائر محاور كبرى للسياسة الصحية من خلال رسم إستراتيجية من شأنها تعديل مواقع الخلل التي عرفها النظام الصحي سابقا، كما خصصت الدولة الجزائرية الجزء الأكبر من ميزانيتها السنوية لقطاع الصحة، فيما تم وضع خريطة جديدة تساعد على ترشيد التغطية الصحية من حيث الوقاية والعلاج إلى جانب إنشاء أقطاب صحية في مخطط بعيد المدى للنهوض بالقطاع الصحي والاهتمام بصناعة الأدوية وفتح المجال للاستثمارات الأجنبية وقد طرأت على المشهد الصحي خلال الفترة الماضية العديد من التغييرات من حيث عدد الهياكل والإمكانيات وعدد العاملين على مدى العقد الماضي، خاصة مع جهود الدولة الداعمة لترقية المستوى الصحي في الجزائر. القضاء نهائيا على أزمة السكن في 2018 اتجهت الجزائر منذ الاستقلال إلى معركة أخرى بعد معركتها مع الاستعمار الغاشم، وكان جانب القضاء على أزمة السكن في الجزائر من أهم التحديات التي واجهتها الدولة من خلال تبني سياسة سكنية واضحة المعالم، فبمجرد إلقاء الضوء على قطاع السكن في الجزائر تأخذنا الذاكرة إلى الظروف السكنية البائسة التي كان يعيشها جل أبناء الجزائر في المدن والأرياف والجبال والصحاري على امتداد الفترة الاستعمارية إلا انه اليوم تجلت تلك الصور البائسة أمام الانجازات الكبرى من برامج سكنية حققتها الجزائر والآفاق الواعدة خاصة خلال 17 سنة الاخيرة. وقد انتهجت الجزائر منذ فجر الاستقلال سياسة اجتماعية في مجال السكن مكنت أبناء مختلف فئات الشعب خاصة تلك الفئات الشعبية في المدن والأرياف التي تحمّلت الأعباء الكبيرة أثناء الثورة التحريرية باعتبار ان الريف هو الذي احتضن الثورة وأبنائه قدموا قوافل من الشهداء فكان من باب الوفاء لمبادئ أول نوفمبر أن تحظى هذه الشريحة الاجتماعية برعاية خاصة عب برامج خاصة في مجال السكن الاجتماعي والإعانات المقدمة للبناء الريفي، حيث أولت الدولة العناية الكلية للبرامج السكنية الاجتماعية الموجهة للفئات المحرومة، إذ انه ومنذ عام 1999، فكرت الدولة في مخططات أخرى تتمثل في تحديد المواقع المحتملة لإنشاء المدن الجديدة للتقليل من الضغط على المراكز الحضرية المكتظة فظهرت إلى الوجود عدة مدن على غرار مدينة سيدي عبد الله وبوينان مؤخرا، وفي الوقت نفسه زاد حجم الإنتاج وتنوع العرض وعرفت البرامج السكنية والمرافق تحسنا نوعيا وكميا. وقد شهد القطاع منذ 1999 انتعاش حقيقي تميز بتحسين عرض السكنات الذي تعزز بمناسبة إعداد المخطط الخماسي 2005-2009 والذي يهدف إلى إنجاز مليون وحدة سكنية، واستنادا إلى الأرقام، فإن الوضع تطور بسرعة وبشكل أفضل، حيث أنه من سنة 1999 إلى 2011 تم تسليم ما لا يقل عن 2000.100. وحدة سكنية أي أكثر من 50 بالمائة من إجمالي الإنجازات منذ سنة 1962 فيما عكفت الدولة خلال السنوات الأخيرة على إنعاش قطاع السكن والعمران من خلال رفع إنتاج السكنات وتنويع الطلب وجهود القضاء على السكن الهش من خلال نظام مؤسساتي كامل. وفي ذات الإطار، كان الوزير الأول، عبد المجيد تبون، قد وعد أن يتم القضاء على أزمة السكن في الجزائر بحلول سنة 2018، من خلال تسليم جميع البرامج السكنية المنجزة والتي هي في طور الإنجاز في مختلف الصيغ. مسجد الجزائر الأعظم.. المرجعية والمعلم ومن بين أهم المشاريع الضخمة التي عكفت الدولة الجزائرية على تحقيقها مشروع المسجد الأعظم الذي من المقرر أن يتم تسليمه نهاية سنة 2017 بعد استكمال كافة الأشغال والذي قدرت كلفته ب130 مليار دينار، حيث سيتمكن الجزائريون مع نهاية السنة الجارية من الصلاة داخل المسجد الأعظم والذي يتسع ل120 ألف مصل، ويضم أطول منارة مسجد في العالم يبلغ ارتفاعها 265 متر ويضم أيضا مدرسة لتعليم القرآن الكريم ومكتبة ومتحف ومدرجات وحدائق بها أشجار ففاكهة، كما يمكن للمصلين الوصول إلى المسجد عبر عدة طرق سواء بالسيارات أو الترام أو حتى بالقوارب لقربه من البحر وسيكون هذا المسجد ثالث اكبر مسجد في العالم من حيث المساحة والأكبر في إفريقيا. نحو الانعتاق من التبعية للذهب الأسود وفي الجانب الصناعي، تتجه الجزائر لأن تصبح قطبا إقليميا في مجال صناعة السيارات، فبعد أن جسدت عديد الشركات الرائدة مشاريعها في الجزائر على غرار رونو و هيونداي ، تسعى الجزائر إلى بلوغ نسبة 40 إلى 50 بالمائة نسبة الإدماج الوطني لقطع الغيار المنتجة محليا الموجهة للمركبات المركّبة في الجزائر وذلك خلال الخمس سنوات المقبلة، وقد قام خلال شهر جوان الماضي مجمع سوفاك ، الممثل الرسمي للعلامات الألمانية فولسفاغن وعلامات أخرى للسيارات في الجزائر باستقبال الطلبات الأولية لاقتناء سيارة فولسفاغن الجيل السابع وهي أول سيارة من العلامة الألمانية مركبة بالجزائر في مصنع الشركة بغليزان، حيث توافد المئات من المواطنين لشبكة مجمع سوفاك من 48 ولاية للاستفسار حول العروض الخاصة بسيارات فولسفاغن الجزائرية والتي قال المجمع أن أسعارها ستكون تنافسية مع جودة تضاهي المستوردة. الجزائر تتحول إلى قطب بارز لصناعة السيارات ومن أهم مشاريع صناعة السيارات في الجزائر مصنع رونو بوهران، مصنع بيجو و سيتروان ، وهو ثاني علامة فرنسية تقيم مصنعا لها بالجزائر بجوار مصنع رونو بالمنطقة الصناعية وادي تليلات، مصنع فولسفاغن بغليزان، شاحنات سكانيا بمعسكر، إيفيكو بالبويرة، فيات بولاية عنابة، مصنع نيسان بعين تيموشنت ومصنع هيونداي الماركة الكورية الجنوبية والتي تلقى رواجا في السوق الجزائرية.