أفاد مسؤولون بالديوان الوطني لمحو الامية أن نسبة الأمية في الجزائر تضاءلت بصفة محسوسة خلال العقود الخمسة الأخيرة إذ تراجعت من 85 بالمائة غداة الاستقلال إلى 22 بالمائة حسب إحصاء 2008 فيما يتوقع أن تنخفض إلى أقل من 18 بالمائة في غضون سنة 2013. وأرجع الديوان الوطني لمحو الأمية و تعليم الكبار سبب هذا الإنخفاض إلى الجهود الحثيثة المبذولة في مجال محو الأمية بالجزائر سواء من طرف الدولة أو بمساهمة الهيئات المعنية والجمعيات الناشطة في هذا الشأن. و قد جسدت الإستراتيجية الوطنية لمحو الأمية وتعليم الكبار التي أقرتها الدولة في 2007 تحولا نوعيا في تعاطي الجزائر مع هذا الملف الشائك بحيث وضعت حدا نهائيا للتناقض المزمن الحاصل ما بين ضخامة و تعقد المشكلة من جهة و ضآلة الوسائل من جهة أخرى. وأعطت هذه الإستراتيجية الأولوية للمرأة والفتاة وللمناطق الريفية و للشريحة العمرية 15 -49 سنة وذلك نظرا للتأثير الاجتماعي والاقتصادي الذي تنطوي عليه هذه الشريحة وما ينتظر منها من دور فاعل في المشاركة في الحياة الوطنية لاسيما في جانبها الاقتصادي. وقد توقع الديوان الوطني لمحو الأمية و تعليم الكبار تسجيل هذه السنة أزيد من 1.620.000 دارسا في فصول محو الأمية منهم 1.222.124 مسجلا في المستوى الأول و 397.876 في المستوى الثاني. إستراتيجية الدولة قضت على شبح الأمية يفتح الديوان أبوابه عبر جميع ملحقاته لاستقبال المواطنين الذين فاتتهم فرصة التعلم و حثهم على أهمية الالتحاق بمراكز محو الأمية سيما و أن الأمية تبقى -أم الآفات- ذلك أنه مهما اختلفت معاييرها و مفاهيمها فعلاقتها بكل أوجه التخلف على جميع أصعدة الحياة بديهية و ملموسة. وفي هذا الصدد أشادت رئيسة الجمعية الجزائرية لمحو الأمية –إقرأ- عائشة باركي بالاستراتيجية التي اعتمدتها الدولة للقضاء على شبح الأمية مشيرة إلى أن جمعيتها -تمكنت من تحرير مليون و أربع مائة و أربع و خمسين ألف شخص من الأمية من خلال نشاطها عبر 952 بلدية. جمعيات تساند مؤسسات الدولة دعت رئيسة جمعية –إقرأ- إلى مواصلة الجهود بمساندة مؤسسات الدولة لخفض نسبة الأمية و خلق مجتمع متعلم خال من الجهل وتبعاته السلبية على الفرد والمجتمع مطالبة بتقييم الاستراتيجية الوطنية و إقرار يوم وطني لمحو الأمية. و للوقوف على تجربة الجزائر في محاربة الأمية خلال خمسين سنة من الإستقلال أنجز المركز الوطني للدراسات و التحاليل حول السكان و التنمية دراسة لفائدة جمعية –إقرأ- لتكون مرجعا يعتد به في البحث. وتناولت الدراسة مسار محو الأمية منذ الاستقلال تحت عنوان -الجزائر في محاربة الأمية- معتمدة على إجراء تقييم موضوعي وشامل لتجربة الجزائر في هذا المجال إضافة إلى تحليل فلسفة محو الأمية بها وأهدافها الاستراتيجية والنصوص القانونية المنظمة لمكافحة الظاهرة. كما سلطت الدراسة الضوء على الآليات والفاعلين الرئيسيين لمحو الأمية فضلا عن تحليل نتائجها من خلال التعليم من جهة وتعليم الكبار من جهة ثانية. ونوهت الدراسة حسب نتائجها الأولية بانخفاض نسبة الأمية في الجزائر من 85 بالمائة غداة الاستقلال إلى 22 بالمائة سنة 2008 لافتة إلى أن هذا الإنخفاض في النسبة صنعته النساء سيما منهن اللواتي تعلمن و حصلن على شهادات و هن يقطنن في الأرياف مشيرة إلى أن نسبة النساء المتمدرسات في التعليم العام واقسام محو الامية ارتفعت من 31 بالمائة سنة 1962 إلى 90 بالمائة السنة الجارية. وأفادت الدراسة أن ولايتي تيسمسيلت والجلفة هما الولايتان اللتان تنتشر فيهما الأمية بصفة أكبر بالمقارنة مع باقي ولايات القطر كما ترتفع نسبة من لا يجيدون القراءة و الكتابة بالمدن الداخلية اكثر من سكان المدن الساحلية.