يقوم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، يوم 6 ديسمبر المقبل، بزيارة للجزائر، والتي تعد الأولى من نوعها للرئيس الفرنسي منذ توليه منصبه شهر ماي الماضي، حيث ينتظر أن يناقش مع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة العديد من الملفات العالقة بين البلدين تأتي في مقدمتها الأمنية وما يخص الوضع بليبيا وكل المنطقة وكذا الإقتصادية خاصة بعد التوقيع منذ أيام على اتفاقات شراكة في قطاعات صناعة السيارات والزراعة الغذائية والكهرباء، فضلا عن تشخيص مكامن الخلل التي مازالت تكبح مشاريع الشراكة، حيث أن الرئيس الجديد لفرنسا إيمانويل ماكرون فتح آفاقا جديدة في العلاقات الجزائرية-الفرنسية. وتزامن الإعلان عن تاريخ زيارة ماكرون، إلى الجزائر مع انعقاد الدورة الرابعة للجنة المختلطة الجزائرية الفرنسية، التي أفضت إلى التوقيع على اتفاقات شراكة و تعاون اقتصادية في قطاعات صناعة السيارات والزراعة الغذائية والكهرباء، وكما كان التحضير لزيارة ماكرون، من بين النقاط المدرجة في جدول أعمال المحادثات الثنائية التي أجراها الجانبان الجزائري والفرنسي على هامش أشغال اللجنة الاقتصادية و دورة الحوار الاستراتيجي التي جاء عقدها بطلب من الطرف الفرنسي ، ويتضح جليا أن تحديد تاريخ الزيارة مرتبط بإضفاء النوعية على علاقات التعاون الثنائي كونها جاءت بعد انعقاد الحدثين الهامين سالفي الذكر، وأيضا عشية انعقاد اللجنة المشتركة الجزائرية الفرنسية يوم 7 ديسمبر الداخل بباريس، أي بعد يوم واحد من زيارة ماكرون . وتبحث فرنسا على تعزيز وجودها في السوق الجزائرية بعد خسارتها حصة هامة منها بسبب تهافت الشركاء الآخرين على السوق الجزائرية على غرار الصين وتركيا ، وهو ما يظهر في تصريح وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لومير، الذي دعا شركات بلاده إلى تبنّي رؤية استشرافية بعيدة المدى تواكب والتحولات الاقتصادية التي تشهدها الجزائر، وهو ما ذهب اليه وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، عندما أكد على ضرورة تدارك الفرص الضائعة، في حين لم يخف تطلع بلاده لأن تصبح الشريك الأول للجزائر. وكان ماكرون أثار جدلا في فرنسا عندما قال خلال زيارة إلى الجزائر إبان الحملة الانتخابية بأن الاستعمار الفرنسي كان جريمة ضد الإنسانية ، وكان إيمانويل ماكرون أعرب لنظيره، عبد العزيز بوتفليقة، عن استعداده لفتح صفحة جديدة بين البلدين تقوم على التعاون المشترك، وتطوير التشاور بينهما في مختلف الملفات والاهتمامات المشتركة، وفي جوان الماضي، حيث أجرى الرئيس الفرنسي مكالمة هاتفية مع نظيره عبد العزيز بوتفليقة، وتعول دوائر معتدلة في قصري "المرادية" و"الإليزيه" على إيمانويل ماكرون لتذليل العقبات المترسبة بين الطرفين، خاصة بعد الليونة التي أبداها خلال زيارته للجزائر قبل انتخابه رئيسا لفرنسا، تجاه ملف التاريخ والذاكرة الجماعية وذكر المحلل السياسي اسماعيل دبش في تصريحات سابقة : لا أتصور أن ماكرون سوف يحدث تغييرا جذريا في السياسة الخارجية الفرنسية وأنه لن يكون بحجم تصريحاته السابقة أثناء الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية الفرنسية لان هذه التصريحات كانت من باب الدعاية الانتخابية لجذب الناخب الجزائري بصفة خاصة والمغاربي بصفة عامة . وأضاف دبش أن الساسة يغيرون من أرائهم عندما يتقلدون المناصب ويصبحون في قلب السلطة، مشيرا إلى أن هناك عديدا من الملفات العالقة بين البلدين مثل الملف الليبي والأمن في منطقة الساحل ، معتبرا أن العلاقات الجزائرية الفرنسية لن تشهد تغييرا جذريا في المواقف الفرنسية فيما يتعلق بتلك الملفات العالقة رغم ان ماكرون يفترض أنه من جيل الشباب. وأكد أن فرنسا والغرب بصفة عامة هو سجين لسياسات تقليدية ويجب أن لا نخدع في تصريحاتهم التي غالبا ما تكون دعاية سياسية ولعبا على المشاعر ولا تعكس مواقف حقيقية سياسيا ، معربا عن أمله في الوقت نفسه أن يحدث ماكرون التغيير اللازم والمطلوب تجاه الجزائر.