الجيش يستلهم مبادئه من العقيدة النوفمبرية أبرز نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد ڤايد صالح، امس بالجزائر العاصمة، العناية الخاصة التي يوليها الجيش لمادة التاريخ عموما ولتاريخ الثورة التحريرية المظفرة على وجه الخصوص، وذلك عملا بتعليمات وتوجيهات رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة. أوضح بيان لوزارة الدفاع الوطني، امس، انه بغرض إجراء دراسة معمقة حول المبادئ الأساسية للثورة التحريرية المباركة وتحليل خياراتها الإستراتيجية وإبراز ما يميزها عن غيرها من الثورات في العالم، نظمت مديرية الإيصال والإعلام والتوجيه لأركان الجيش الوطني الشعبي يوم الاثنين 26 مارس 2018 بالنادي الوطني للجيشي ملتقى بموضوع: العقيدة العسكرية لثورة نوفمبر 1954 . وأضاف البيان أن الملتقى الذي أشرف عليه الفريق ڤايد صالح حضره كل من وزيرة التربية الوطنية، نورية بن غبريط، وزير الثقافة، عزالدين ميهوبي، ووزير الاتصال، جمال كعوان، وعدد من الشخصيات الوطنية والتاريخية وإطارات وطلبة من الجيش الوطني الشعبي وطلبة جامعيين ونشطها مجموعة من الأساتذة الجامعيين ومجاهدين وضباط من خلال مداخلات وشهادات سلطت الضوء على أهم جوانب هذا الموضوع. وبهذه المناسبة، ألقى الفريق ڤايد صالح كلمة عبر فيها عن الرعاية الكبيرة التي توليها قيادة الجيش الوطني الشعبي لتاريخنا الوطني بشكل عام وتاريخ الثورة التحريرية بشكل خاص، مبرزا أهمية تنظيم هذه الملتقى أياما قليلة بعد احتفال الشعب الجزائري بيوم النصر 19 مارس. وقال في هذا الشأن: حقيقة علي في المستهل أن أعبر عن بالغ امتناني بحضور هذا الملتقى الهام الذي يتناول بالبحث والدراسة العقيدة العسكرية لثورة نوفمبر 1954 التي تعد جانبا حيويا من الجوانب التي تستحق أن تحظى بما يليق من رعاية واهتمام باعتبارها تمثل منبعا أساسيا من منابع مبادئ الثورة التحريرية المباركة وخزان قيمها السامية والنبيلة. وفي هذا الإطار وانطلاقا من تعلقنا الشديد في الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني بهذا الموروث الوطني المجيد ، يضيف الفريق ڤايد صالح، أولينا عناية خاصة لمادة التاريخ عموما ولتاريخ الثورة التحريرية المظفرة على وجه الخصوص وفقا لتعليمات وتوجيهات فخامة المجاهد السيد رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، الذي يلح باستمرار على ضرورة إدراج مادة التاريخ كمادة أساسية ضمن البرامج التعليمية على مستوى كافة هياكل منظومتنا التكوينية في سبيل الحفاظ على استمرارية رسالة الشهداء الأبرار والمجاهدين الأخيار وديمومة هذه القيم في صفوف جيشنا وعلى ترسيخها في عقول وأذهان بل وقلوب الجميع حتى تكون قاعدة أساسية يرتكز عليها المشروع التطوير المتجدد المستمر والمتصاعد الذي يتبناه جيشنا بما يفي ويكفل الاضطلاع الجيد بمختلف متطلبات الدفاع والأمن الوطني . هذه عقيدتنا العسكرية وبعد أن ذكر ببعض مفاهيم العقيدة العسكرية، قارن الفريق ڤايد صالح بين العقيدة العسكرية التي اعتمدتها الثورة التحريرية وتلك التي تبناها الاستعمار الفرنسي، مبرزا الفارق بين عقيدة الاستعمار الهمجية وبين عقيدة ثورتنا التحريرية النظيفة والمبدئية. وأوضح في هذا الشأن قائلا: إن العقيدة العسكرية هي في عمومها نتاج لعمق فكري وثقافي وحضاري تتوارثه الأجيال جيلا بعد جيل تستمد مبادئها من الإرث التاريخي والنضالي للأمة وكفاحها المستميت ضد الاستعمار ومن قيمها الدينية والمعنوية ومن المثل العليا للدولة وتشريعاتها تتم مراجعتها وتحيينها كلما تطلب الأمر ذلك لتتكيف مع متغيرات المعطيات الجيوسياسية، وهي بذلك تمثل أسس سياسة الدفاع الوطني ومرتكزا رئيسيا لصياغة الاستراتيجية العسكرية . أما العقيدة الثورية، يقول نائب وزير الدفاع الوطني، فهي ذلك النهج العملي الذي يعرف أولا كيف يجند المواطنين تجنيدا مبنيا عن القناعة والاقتناع بعدالة القضية وبوجوب كسب معركتها ضد العدو وكيف يجعل من الحاضنة الشعبية حصنا للثورة والثوار وخزانا لا ينضب يتزود منه بكل ما يحتاجه من أجل مواصلة درب الجهاد الطويل والصعب ويعرف ثانيا كيف يبتكر الأساليب القتالية التي تتناسب مع حسن استعمال وحسن توظيف بل وحسن استثمار الإمكانيات البشرية المعبأة والمادية والتسليحية المتوفرة في خدمة الجهد العام للثورة ويعرف ثالثا كيف يكيف الأساليب القتالية وفقا لطبيعة الأرض ووفقا لطبيعة ونوعية الوسائل البشرية والمادية والتسليحية للعدو ويعرف رابعا كيف يواجه الأساليب الدعائية والحرب النفسية للعدو وكيف يفشل ويظهر أباطيل هذه الحملات الإعلامية الشرسة والمتواصلة ويحولها بالتالي إلى سند قتال معنوي لصالح الثورة . كما ابرز الفريق ڤايد صالح في كلمته الرؤية التي سارت الثورة التحريرية المباركة على هداها واستطاعت أن تفشل كل الاستراتيجيات المعتمدة وشل كل مخططات العدو بفضل قدرتها على التكيف وإيجاد البدائل لاستمرار المواجهة، بحيث كلما توقع العدو نهايتها تنطلق بقوة أكبر وبإرادة أصلب. وفي هذا السياق، قال الفريق ڤايد صالح: وعليه تأسست مرتكزات ثورتنا التحريرية المجيدة على أرضية قوامها نبذ الظلم الاستعماري البغيض وتقويض أركان القهر التي انبنى عليها فكانت الحرية بمفهومها الشامل مطلبها الأساسي وكان الصبر والمثابرة وطول النفس والإصرار على تحقيق النصر النهائي على العدو سلاحها المعنوي الأشرس . إنتصار على أعتى قوة عسكرية واستطرد قائلا : فعلى الرغم من عدم توازن القوى بين الثوار والمستعمر، إلا أن أصالة معدن المجاهدين وتمسكهم بمرجعيتهم الروحية والوطنية وحرصهم على مصداقية جهدهم الثوري الوطني بل العالمي جعلتهم يسهرون على أن يكون جهادهم طاهرا ونظيفا وحضاريا وسعوا دوما إلى أن تكون سلوكياتهم ومعاملاتهم لأسراهم متسمة بالشهامة وعلو الهمة وبرحابة الصدر وتغلب عليها سماحة المسلم الصادق الواثق في الله والمؤمن بنصره والمتشبث بالتعاليم السمحاء لدينه الإسلامي الحنيف وبمقومات شخصيته الوطنية الأصيلة والعريقة . وتابع الفريق ڤايد صالح قائلا : تلكم هي مرتكزات العقيدة العسكرية للثورة التحريرية المباركة التي واجهت وانتصرت انتصارا باهرا على أعتى قوة استعمارية استيطانية في ذلك الوقت، هذا الاستعمار الذي اتصف بعقيدة عسكرية همجية السلوك تتخذ من الإبادة الجماعية مبدأ لها ومن ارتكاب المجازر تلو المجازر نهجا عمليا تتباهى به بعنجهية وصلف أمام العالم دون حياء . واغتنم الفريق ڤايد صالح المناسبة ليجدد التأكيد على أن ثورة نوفمبر الخالدة التي شكلت بالأمس القاعدة الصلبة للكفاح الذي توج بنصر باهر كانت ولازالت وستبقى مصدر فخر الشعب الجزائري الذي يعتز دوما بالرجوع إلى منابعها ويتسلح بقيمها النبيلة. وذكر في هذا الشأن بأن أبطال ثورة نوفمبر سنوا نهجا ثوريا نموذجيا وأنجزوا بطولات كبيرة ورسخوا قيما معنوية نبيلة وستبقى، إن شاء الله تعالى، سير كل هؤلاء الأبطال منهاجا مرجعيا لكل من أراد القدوة الحسنة في الوفاء والتضحية من أجل الوطن. وخلص الى القول بأن ما يمكن أن نخلص إليه في هذا الموضوع هو أن العقيدة العسكرية للثورة التحريرية المباركة كانت ملخصا كاملا ووافيا لمعنى العزيمة تلكم العبارة الخالدة التي منحت لمضمون النشيد الوطني كل معاني القوة والصلابة والإصرار على تحقيق النصر وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر، متسائلا: هل هناك بلاغة أبلغ من ذلك يمكنها أن تفي العقيدة العسكرية للثورة الجزائرية المظفرة مدلولاتها الحقيقية؟ . من جهة أخرى، اشار البيان الى أن فعاليات الملتقى تواصلت بعرض شريط وثائقي حول موضوع العقيدة العسكرية، ليتابع الحضور بعدها مداخلات كل من الأستاذ الدكتور مصطفى صايج بعنوان الإطار النظري والمفاهيمي للعقيدة العسكرية والأستاذ الدكتور محمد طايبي بعنوان هندسة عقيدة المقاومة والتحرر الجزائرية: مقاربة نظرية تاريخية لمسار العقيدة العسكرية والعميد معالي سليمان والمجاهد الطاهر سناد بعنوان نشر العقيدة العسكرية لثورة نوفمبر 1954 والعقيد عبد القادر بوروينة والمجاهد يوسف مصار بعنوان العقيدة العسكرية لثورة نوفمبر 1954 ، وهي المداخلات التي تناولت بالبحث والدراسة العقيدة العسكرية التي تبنتها الثورة التحريرية المباركة والتي كان لها الدور الأبرز في الانتصارات التي حققتها في دحر الاستعمار وطرده ذليلا وإلى الأبد من أرض الجزائر.