تنامي ظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة أكبر خطر يهدد استقرار القارة الإفريقية ليبيا فضاء مفتوح لاحتضان الإرهاب وتصديره حاورته سامية إخليف دعا الخبير في الشؤون الأمنية، الدكتور أحمد ميزاب الذي يرأس اللجنة الجزائرية الإفريقية للسلم والمصالحة، إلى تكاثف جهود كل بلدان القارة الإفريقية من أجل بلورة إستراتيجية مشتركة لسد الفراغات الأمنية، مؤكدا في حوار للنصر، على ضرورة تطبيقها في أقرب الآجال، بهدف الحدّ من التنامي المقلق لنشاطات التنظيمات الإرهابية والحيلولة دون انتشارها على نطاق واسع بالقارة، سواء تعلق الأمر بالقاعدة أو بوكو حرام أو داعش هذا الأخير الذي يسعى للاستثمار في كل الجماعات الإرهابية. ما هي أهم التحديات الأمنية التي تواجه قارة إفريقيا خاصة بمنطقة الساحل ؟ تواجه القارة السمراء عدة تهديدات وتحديات أمنية واقتصادية، تهديدات اقتصادية من خلال توغل المؤسسات متعددة الجنسيات واستغلالها لخيرات وثروات القارة السمراء وتوظيفها لخدمة مصالح الشعوب الغربية. أما بالنسبة للتهديدات الأمنية، فأعتقد أن الكل يتفق أن أكبر خطر يهدد استقرار القارة ومنطقة الساحل هو تنامي ظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، وفيما يخص هذا الشأن، قدمت الجزائر مفهوما يربط بين الإرهاب والجريمة المنظمة. وإذا تحدثنا عن الجريمة المنظمة نتطرق آليا للإرهاب، لأن الخلفية الداعمة أو خلية الإسناد بالنسبة للتنظيمات الإرهابية هي الجريمة المنظمة كمصدر تمويل، وبالتالي فإن منطقة الساحل خصوصا منذ سقوط نظام معمر القذافي بليبيا، ازدادت التحديات الأمنية بها مع الانتشار الخطير للسلاح، و على اعتبارها المنطقة الجسر الرابط ما بين غرب إفريقيا و القرن الإفريقي. نحن نعرف بأن القرن الإفريقي والغرب الإفريقي هي منطقة أزمات متكررة ومتجددة، وبالتالي يكون هذا الجسر ناقلا لهذه الأزمات، وبالتالي فإن تحصين منطقة الساحل وحمايتها من تلك التهديدات هو حماية للأمن الداخلي، وكذلك لاستمرارية المقاربة الجزائرية من خلال معالجة الطروحات الإفريقية من بوابة السلم والتنمية باعتبار السلم والتنمية مقاربة أمنية بامتياز كإستراتيجية جديدة في إطار رسم السياسات الأمنية. و على هذا الأساس أعتقد بأن توجهنا اليوم ليس توجها مبنيا على فراغ أو تهويل، فهناك خطر يهددنا من كل الجوانب ، و ما يحدث في ليبيا فإن الجزائر معنية وبشكل مباشر به، وهي مستهدفة من خلال الأزمة الليبية، باعتبار أن هذا البلد الجار والشقيق، أصبح فضاء مفتوحا لنشاطات التنظيمات الإرهابية لإقامة معسكرات التدريب ولتصدير الإرهابيين. واليوم في المرحلة التي نتحدث فيها عن وجود ما يسمى داعش في ليبيا وكأنه حديث عن نقل الضربات الجوية للتحالف الدولي من العراق و سوريا إلى ليبيا، قد تكون تبعاته وخيمة بالنسبة لدول الجوار الليبي على غرار التشاد، النيجر، الجزائرتونس، مصر، السودان. هل تعتقدون أن التنظيم الإرهابي المسمى ‹› داعش›› يقوم بالاستثمار في بعض الجماعات المسلحة في منطقة الساحل لتوسيع نفوذه؟ أولا القضية قضية صراع مصالح ، لو نرى موقف تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وبعض التنظيمات الأخرى التي تُناهض موقف هذا التنظيم لا يمكن الحديث عن إمكانية أرضية خصبة لكن قد نجد صراعا ما بين هذه التنظيمات وإذا ما حدثت الصراعات ما بين هذه التنظيمات فإن هذا يعني انتشار الفوضى الأمنية ، نحن لا نريد ترك مساحات فارغة، وإذا تركنا مساحات فارغة قد يستطيع هذا التنظيم أن يتوغل ، أنا لا أسمي تنظيم ‹› داعش ‹› أو القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي فالكل واحد ، الكل عنده مفهوم واحد هو الإرهاب، يهدد الأمن والاستقرار في كل المناطق التي ينتشر فيها، لذلك من الواجب محاربته، مثلما نحارب تنظيم القاعدة نحارب داعش ونحارب بوكو حرام، وبالتالي إستراتيجية سد الفراغات الأمنية من الواجب تطبيقها في أقرب وقت لأننا إذا تركنا المساحات الفارغة، يستطيع هذا التنظيم أن يتوغل بسهولة لكن ليس بذات الطريقة التي توغل بها في العراق وفي سوريا لان المعادلة التي كانت متوفرة هناك، ليست هي تلك الموجودة في منطقة الساحل لحد اللحظة. هل تتوقعون توسّع التهديد الذي تشكله جماعة ‹› بوكو حرام؟ بوكو حرام ينتشر كالسرطان، ويجب محاربته لأنه يضرب استقرار الكثير من البلدان سواء في بلد المنشأ ‘' نيجيريا ‘' والبلدان الجارة وهو مرشح لأن يوسع هجماته، لذلك لابد من تكاثف جهود كل البلدان المعنية من أجل صدّ خطره ومحاربته إلى غاية القضاء عليه. وبودي هنا العودة للحديث عن الأزمة الليبية، فكل بلدان الجوار مدعوة للتنسيق الأمني لكي لا تتعرض لتداعيات ما يحدث في هذا البلد سيما الجزائر، التي ألح على ضرورة تحملها مسؤولية مضاعفة،في هذا الاتجاه سيما من خلال تحصين الجبهة الداخلية لمواجهة كل الأخطار حتى لا تتأثر بمخلفات ما يحدث خارج الحدود الجزائرية. ما هو مدى الخطر الذي تشكله الجماعات الإرهابية على أوروبا وفرنسا خصوصا لاسيما بعد الأحداث التي شهدتها باريس مؤخرا؟ أوروبا وفرنسا لا تخشى التنظيمات الإرهابية الموجودة، بقدر ما تخشى أسلمة القارة الأوروبية ، ففرنسا اعترفت بأن هناك انفلاتا داخل الجيش الفرنسي بحكم وجود مجندين انتسبوا إلى تنظيم الدولة الإسلامية، وبالتالي الخوف هو أسلمة افريقيا و انتقال ذلك إلى أوروبا. كيف تنظرون إلى مستقبل البلدان العربية التي تشهد صراعات مسلحة وتفشي العمل الإرهابي على غرار اليمن، سوريا، العراق وليبيا؟ من غير مصالحة عربية لا يمكننا التحدث عن مستقبل ، من غير المصالحة مع الذات، قبل الآخر لا يمكن الحديث عن مواجهة ظاهرة الإرهاب، لأنه عنما نرى سورياوالعراق أصبحتا مسرحا لانفلات أمني حقيقي، غير أن من يسيره تحالف دولي، و هو أمر غير معقول. إن غياب الدولة وغياب مؤسسات الدولة وغياب الإرادة الشعبية يؤدي إلى هذه الظاهرة، المنطقة العربية عليها أن تستفيق من السبات و تدرك بأن هناك خطر لإعادة تقسيم و رسم الخارطة العربية من جديد، عليها أن تتوحد، ولكن ليس التوحد الذي كنا نتغنى به سابقا، وإنما من خلال بوابة المصالحة العربية العربية لمواجهة هذا الخطر.