تتجه الأنظار في حدود الساعة الثانية من زوال اليوم إلى فندق ماريوت بالعاصمة المصرية القاهرة، أين سيكشف رئيس الإتحاد الإفريقي لكرة القدم الكاميروني عيسى حياتو عن البلد الذي سينال شرف تنظيم النسخة 31 من نهائيات كأس أمم إفريقيا المقررة سنة 2017، حيث تبقى الجزائر من بين البلدان المتنافسة على إستضافة الطبعة القادمة من العرس القاري، و ملفها مصنف الأقوى على الورق بالنظر إلى الإمكانيات الكبيرة التي رصدتها الدولة لهذه التظاهرة الكروية، لكن نشاط الكواليس يعد الفيصل في مثل هذه المواعيد، لأن القرار الأخير يعود ل 16 عضوا من المكتب التنفيذي للكاف، و الذين يحوزون على حق التصويت، من أجل إختيار مستضيف «كان 2017». و لئن كانت كل الترشيحات قد وضعت الجزائر في خانة البلد الأوفر حظا لتنظيم الطبعة المقبلة من نهائيات كأس أمم إفريقيا، فإن تجربة مؤتمر أديس أبيبا في أوائل نوفمبر الماضي كانت بمثابة الدرس القاسي للقائمين على قطاع الرياضة في بلادنا، على إعتبار أن الآمال كانت عريضة لكسب الرهان و الظفر بشرف إحتضان «كان 2019» بالنظر إلى الملف الثقيل الذي تم تقديمه، لكن عملية التصويت أخذت منحى مغايرا، مالت على إثره الكفة لصالح الملف الكاميروني، في ظل وجود العجوز عيسى حياتو على رأس الهيئة التنفيذية للإتحاد الإفريقي، إلى درجة أن الجزائر إكتفت بالحصول على صوت واحد. الكواليس تجلت في إنتخابات الفيفا و شمال القارة كسب الرهان و لعل نشاط الكواليس يصب هذه المرة في صالح الملف الذي قدمته الجزائر للظفر بشرف إستضافة «الكان» خلفا للجارة ليبيا، التي تنازلت عن إحتضان العرس الكروي الإفريقي لأسباب لها علاقة مباشرة بالأوضاع الأمنية وعدم التوفر على الهياكل الكفيلة بضمان تنظيم مثل هذه التظاهرة، لأن الجزائر تتنافس مع بلدين من غرب القارة على إحتضان هذه الدورة، و يتعلق الأمر بكل من غانا و الغابون، إذ أنه و بصرف النظر عن ثقل الملف المقدم، و مدى إستجابته لدفتر الشروط المعمول بها، فإن عوامل أخرى جانبية تلقي بظلالها على القرار الذي سيتخذه أعضاء المكتب التنفيذي للإتحاد الإفريقي، على أن يكشف رئيس الكاف عيسى حياتو عن إسم البلد الذي سينظم دورة «كان 2017» في الندوة الصحفية التي سيعقدها بداية من الساعة الثانية زوالا بفندق ماريوت بالزمالك بحضور رئيس الفيفا جوزيف بلاتير، الذي إستغل هذه الفرصة للإنطلاق في حملته الإنتخابية المسبقة، بحثا عن تزكية بالإجماع من دول القارة السمراء. إجراء شكلي للدفاع عن الملفات و القرار بيد 16 عضوا هذا و ستمنح الهيئة التنفيذية للكاف في بداية جلستها اليوم و التي ستنطلق في حدود الساعة 11 صباحا مدة 30 دقيقة لمسؤولي كل بلد من أجل تقديم عرض شامل عن ملف الترشح المقدم، و السعي للدفاع عنه، و ستكون الجزائر ممثلة بوزير الشباب و الرياضة الدكتور محمد تهمي و رئيس الفاف محمد روراوة بحثا عن أصوات إضافية مساندة في الأنفاس الأخيرة من السباق، قبيل الشروع في عملية التصويت بإقتراع سري لأعضاء المكتب التنفيذي المخول لهم قانونا المشاركة في التصويت، على إعتبار أن القوانين المعمول بها تجرد آليا أي عضو بلده مترشح من التصويت، و بالتالي فإن روراوة لن يكون معنيا بالمشاركة في الإقتراع، حاله حال الغاني كوايسي نيانتاكيي، إضافة إلى الأمين العام للإتحاد الإفريقي لكرة القدم المغربي هشام العمراني الذي لا يحوز على حق التصويت على القرارات. على هذا الأساس فإن مصير «كان 2017» يبقى بأيدي 16 عضوا من الكاف، و الكواليس بلغت ذروتها أمس الثلاثاء خلال الإنتخابات التي نظمت تزامنا مع إنطلاق أشغال الجمعية العامة 37 للإتحاد الإفريقي، حيث كانت التزكية بالإجماع لمرشح شمال القارة التونسي طارق البوشماوي لخلافة الجزائري محمد روراوة في عضوية المكتب التنفيذي للفيفا لعهدة جديدة، بينما كان الصراع على أشده بين مرشحي وسط و غرب القارة الإيفواري أنوما و الكونغولي سوليماني، فكانت بصمة العجوز الكاميروني حياتو واضحة في حسم الصراع لصالح صديقه الكونغولي، و هذا تحسبا للإستحقاقات القادمة، على إعتبار أن حياتو يراهن على دعم شامل من كل مناطق القارة للظفر بعهدة سابعة على التوالي كرئيس للكاف، و هو يبحث عن الإستقرار داخل مكتبه، الأمر الذي يجعل قرار إختيار مستضيف الطبعة القادمة من «الكان» يحسم في الكواليس، دون مراعاة ثقل الملف المقدم. الجزائر تضمن 5 أصوات و أبو ريدة ورقة حاسمة و ما يرجح كفة الجزائر لكسب الرهان الدعم العلني الذي حظي به ملفها من طرف المصريين، لأن مصر كانت في بادئ الأمر قد دخلت سباق تنظيم «كان 2017» لكنها فضلت في فيفري الماضي الإنسحاب، مع الإعلان عن تأييدها و مساندتها للملف الجزائري، و هو ما ذهب إليه وزير الرياضة المصري خالد عبد العزيز و كذا عضو المكتب التنفيذي للكاف هاني أبو ريدة، الذي يعد بمثابة الرجل الثاني في الكاف بعد الكاميروني حياتو، و هي واحدة من الأوراق التي قد تحسم السباق لصالح الجزائر، فضلا عن وزن روراوة في الإتحاد الإفريقي، خاصة في هذه المرحلة الحساسة، حيث إتضح للجميع «صراع المناطق الجغرافية»، و تزكية ممثلي شمال القارة يمنح الجزائر 3 أصوات بصفة آلية، في ظل وجود التونسي البوشماوي، السوداني مجدي شمس الدين و المصري أبوريدة، هذا بالإضافة إلى المساندة المطلقة التي يحظى بها روراوة من المالي دياكيتي و البينيني موشرافو. حياتو يبحث عن دعم شمال القارة لتزكية عهدته السابعة على صعيد آخر فإن الكاميروني حياتو يدرك جيدا بأن القرار الذي سيصدر اليوم سيكون له تأثير كبير على مستقبله على رأس أعلى هيئة كروية قارية، لأنه يعد الأخير قبل موعد الإنتخابات المقررة بعد نحو سنتين، مما يجعله يبحث عن التوازن بين المناطق الجغرافية، مادام شمال القارة لم ينل شرف تنظيم أية دورة من «الكان» منذ طبعة مصر 2006، بعد تنازل ليبيا عن دورة 2013 ثم 2017 و كذا رفض المغرب تنظيم النسخة الأخيرة، فضلا عن منح الكاف دول الكاميرون، كوت ديفوار و غينيا شرف تنظيم الدورات الثلاث القادمة، مما يعني بان حرمان الجزائر من نسخة 2017 سيبقي منطقة شمال إفريقيا بعيدا عن التنظيم إلى غاية 2025، و على مدار 19 سنة متتالية، و هو أمر سيؤثر على ترشح حياتو لخلافة نفسه كمرشح إجماع. ملف غانا الأضعف في الكواليس و على طاولة الكاف يأتي كل هذا في الوقت الذي أجمع فيه المتتبعون على أن الغابون تعتبر المنافس الأبرز للجزائر على تنظيم «كان 2017»، رغم أن هذا البلد كان قد إستضاف العرس القاري في دورة 2012 التي نظمها مناصفة مع غينيا الإستوائية، بينما يبقى الملف الغاني الأضعف على الورق، رغم وجود ممثل عن الإتحاد الغاني في المكتب التنفيذي للكاف، إلا أن نشاطه في الكواليس ليس كبيرا، كونه ظل منشغلا بالبحث عن عهدة ثانية في الإتحاد الإفريقي، كما أن غانا كانت في العشرية الماضية قد إحتضنت النهائيات القارية في مناسبتين، الأولى بالتنسيق مع نيجيريا في نسخة 2000 و الثانية في طبعة 2008، الأمر الذي يقلص من حظوظ هذا البلد في نيل شرف تنظيم «الكان» لثالث مرة في ظرف أقل من عشريتين من الزمن.