الجريمة الإلكترونية تكسر حصانة العالم الافتراضي من سرقة أموال المواطنين بعد قرصنة حساباتهم البنكية ،عن طريق عمليات احتيالية عبر الإنترنت، و سرقة آخرين عن طريق رسائل إلكترونية «ايمايلات» وهمية تطلب المساعدة، أصبح الجميع ضحايا جرائم لم يسلم منها حتى العالم الافتراضي، بعدما تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى أرضية خصبة يمارس عليها مراهقون و منحرفون مختلف أساليب التحايل و التهديد ، و يسترزقون من ابتزاز الآخرين و التشهير بهم بنشر صورهم و محادثاتهم الخاصة. و تعد فئة الإناث أكثر الفئات تضررا كونهن الضحية الأسهل لهؤلاء المنحرفين، الذين يتفننون في ابتداع طرق إغوائهن عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي و بالأخص فايسبوك و صفحات الدردشة، و من ثم جرهن إلى التقاط صور شخصية،أو تسجيل محادثاتهن الحميمة، ليعمدوا بعد ذلك إلى استغلالها كوسيلة للابتزاز و الضغط عليهن، و مطالبتهن إما بمسايرتهم و الإذعان لرغباتهم، أو إجبارهن على الدفع مقابل عدم التشهير بهن و نشر صورهن عبر الانترنت. فتيات جرهن ُطعم الزواج إلى قفص الفضيحة وداد ، صاحبة 32 سنة، نشرت قصتها كاملة عبر صفحة خاصة عبر الفايسبوك، مؤكدة بأن الهدف من ذلك هو تحذير الفتيات من الوقوع في شرك هؤلاء المنحرفين، كي لا تتعرضن لما واجهته هي قبل شهرين، إذ بدأت قصتها عندما تعرفت على شاب من إحدى مدن الغرب الجزائري، أخبرها كما ذكرت، بأنه منخرط في صفوف الجيش الوطني الشعبي و يبحث عن توأم روحه، و لأنها كانت تخاف شبح العنوسة دخلت معه في علاقة غرامية عبر الفايسبوك، تقول: «في البداية كان محترما جدا ،ثم بدأت الأمور تتطور بيننا، فطلب مني صورا خاصة لي لتراها والدته قصد إتمام الخطوبة، و بالفعل أرسلت له صورا دون حجاب و أنا متبرجة لأنني كنت أثق فيه ثقة عمياء. بعد أسبوع اختفى، حاولت الاتصال به لكنه لم يرد على رسائلي و كذلك مكالماتي الهاتفية، وبعد فترة فوجئت بصورة خليعة لي أرسلها عبر الفايسبوك، حاولت الاستفسار منه حول الأمر فشتمني بقبيح العبارات و هدد بفضحي إذا لم أقبل بإقامة علاقة جسدية معه». تواصل: « بكيت كثيرا و ترجيته أن يعدل عن موقفه لكنه رفض و هدد بنشر الصورة على نطاق واسع، فاضطررت للمخاطرة و اخبار والدتي التي أخبرت بدورها والدي و من ثم الشرطة، عندها فقط توقف عن إزعاجي، لكنني دفعت الثمن غاليا بعدما تعرضت للضرب المبرح من قبل والدي و انتهى بي المطاف إلى ترك وظيفتي بقرار من أبي الذي حبسني نهائيا في المنزل و منع عني كل شيء ،حتى الهاتف». نفس الموقف تقريبا تعرضت له لامية20، سنة طالبة جامعية، تعرفت على شاب مغترب عن طريق موقع الدردشة «سكايب» فقام بتصوير محادثتهما الخاصة .و من ثم طلب منها المال مقابل عدم فضحها، وحين رفضت تجرأ على نشر المقطع المسجل على موقع «يوتيوب»، متسببا في فضحها، ما أدى إلى مقاطعتها للدراسة و خلق لها مشاكل كبيرة مع عائلتها ،لم تنته إلا بعد زواجها من قريب لها يكبرها سنا. ضحية لص أما صبرينة، فهي مطلقة في عقدها الثالث، تعرفت على شخص عبر الفايسبوك، ثم اتفقا على اللقاء في أحد الأماكن العمومية، لكن الشاب كان لصا في الواقع ،فقام باستدراجها إلى مكان منعزل و جردها من حقيبة يدها ، أقراطها و هاتفها النقال. التجار صيد دسم تعد ظاهرة تهديد الصديقات والعشيقات بصور حقيقية وأخرى مفبركة، ، سواء بقصد الابتزاز أو الانتقام ، جد شائعة ، ناهيك عن أن الكثير من المنحرفين من الشباب وجدوا في التجار ورجال الأعمال، صيدا دسما ومصدرا للحصول على ربح سريع، فصاروا يتعقبون خطواتهم ويبحثون عن زلاتهم، ويسألون المقربين منهم عن أدق أسرارهم، وعند ظفرهم بما يرغبون، يُشغلون هواتفهم الذكية، فيلتقطون لهم صورا و فيديوهات فاضحة، يستعملونها بعد ذلك لابتزازهم عن طريق إرسال نسخ لضحاياهم ، و تحديد مقابل مادي شريطة عدم نشرها على «اليوتوب». القضايا المطروحة في المحاكم المتعلقة بالتهديد و الإبتزاز، تقدم أيضا وجها آخر عن هذا النوع من الممارسات التي تتطور بتطور تكنولوجيا الاتصالات، فمن بين أساليب الاحتيال التي يقوم بها المتهمون، ترتيب مواعيد غرامية لشخص معين ،غالبا ما يكون تاجرا، مع فتاة من ذات العصابة، تقوم بدورها باستدراجه إلى مكان معين، ثم تصوره دون علمه أو تسجل أحاديثهما، وتتولى بعدها العصابة عملية تهديده و ابتزازه، بالمقابل يقوم متهمون آخرون بفبركة صور وهمية عن طريق تقنية «فوتوشوب» لاستعمالها في ابتزاز ضحاياهم. تسجيل 10 قضايا خلال خمسة أشهر بقسنطينة بقسنطينة خلال الفترة الممتدة بين الفاتح جانفي إلى غاية 31 ماي من السنة الجارية سجلت الفرقة المالية و الاقتصادية التابعة لمصلحة الشرطة القضائية بأمن الولاية، 10 جرائم من هذا النوع، تخص أشخاص رفعوا شكوى على أساس تعرضهم للتشهير و نشر صور خاصة عبر الانترنت ، و كذا النصب و التدنيس و التشويه و الإساءة ، بالإضافة إلى شكاوى سب و شتم و إهانة و فبركة صور و قرصنة حسابات الكترونية، انتهت إلى توقيف ثلاثة أشخاص صدر في حقهم أمر بالإيداع، فيما تم تحويل قاصرين متورطين إلى قاضي الأحداث، أما باقي القضايا، فلا تزال قيد التحقيق. مصالح أمن قسنطينة ،أشارت كذلك إلى نوع آخر من الجريمة الالكترونية ،يخص انتحال صفة، و يتعلق الأمر بفتح حسابات الكترونية باسم أشخاص آخرين، و سب و شتم و تهديد و الإساءة للغير من خلالها، علما أن الكشف عن المتورطين في هذه القضايا يتم عن طريق مصلحة متخصصة في استغلال الأدلة المعلوماتية، تم إنشاؤها ضمن المديرية الفرعية للشرطة العلمية والتقنية شهر أفريل 2009، و تتكفل بإعداد الخِبْرات في المجال المعلوماتي والهواتف النقالة ومعالجة الصور الفوتوغرافية وأشرطة الفيديو. كما تقوم ذات المصلحة، باسترجاع المعطيات الخاصة بأي دعامة رقمية، وأرقام الدخول السرية، والملفات الملغاة، فضلا عن تحليل وتحديد المعطيات المتعلقة بأية قضية. من جهته يتكفل فرع استغلال الهواتف النقالة، باستغلال جميع أنواع الهواتف النقالة وشرائحها، و رقاقات الذاكرة، واستخراج المعطيات الظاهرة أو الملغاة وتحليل قائمة الاتصالات والرسائل النصية. نور الهدى طابي