لم يعد من يلتقط الصور بالأعراس و الأفراح الجزائرية ذلك البطل الخارق الذي يتقن عملا لا يتقنه الكثيرون، و يتسابق الكل لأجل الظهور أمام عدسته الصغيرة التي ترسخ لذكرى جميلة لعائلة تحتفظ بنسخة واحدة أو اثنان فقط منها، لتتسرب عادات جديدة حولت كل المدعوين إلى مصوّرين، غير أنهم باتوا برتبة "مرفوضين"، لتزيد أسباب الخلافات بين أسر تصارع لأجل المحافظة على وثاق قاب قوص أو أدنى من الانقطاع كليا. فالتطور التكنولوجي و الانتشار الواسع لأجهزة الهواتف النقالة التي حلت محل الكاميرات في الكثير من المناسبات، لم يجد مكانا لائقا له وسط أغلب الأعراس الجزائرية، نتيجة ما بتنا نسمع عنه من مشاكل بسبب تداول صور خاصة للنساء و الفتيات بلباس الأعراس على مواقع التواصل الاجتماعي أو حتى اليوتوب، في حي حين يستغل بعض الانتهازيين المناسبات للانتقام من بعض أعدائهم بحسب ما يؤكده بعض من تحدثنا إليهم عن الظاهرة. مشاحنات و ضيوف يغادرون لمنعهم من التصوير و تؤكد السيدة حبيبة صاحبة قاعة للحفلات، بأنها تقف على الكثير من المواقف المحرجة في السنوات الأخيرة بسبب التصوير، علما أنها تأخذ منحى الشجار في بعض الأحيان و يغادر المدعو دون حضوره كافة مراسيم الزفاف، و يقول السيد الصادق بأنه زوج ابنته و طلب من زوجته و أولاده منع المدعوين من التصوير باستعمال الهواتف النقالة و حتى الكاميرات، و السماح لمن يحمل كاميرا العروس فقط بذلك، تفاديا لما قد يسببه ذلك من مشاكل للعروس أو المدعوين أيضا. و إن كان هذا رأي الصادق الذي دعم موقفه بما تسجله المحاكم من قضايا و ما تطبع من فضائح على صفحات الجرائد، يرى السيد ربيع بأن الأمر عادي و لا ضير بالنسبة إليه من التقاط المدعوين لبعض الصور خاصة لهم مع العروسين، و يعتبر منعهم من ذلك اهانة لهم و احراج من شأنه أن يوتر العلاقات فيما بين الأسر و الأٌقارب. السلوك الذي يعتبر مستحدثا بالنسبة لمجتمعنا، و بحسب شهادة الكثير، فإنه قد خلق خلافات دائمة فيما بين بعض الأسر، مثلما تتحدث السيدة حياة التي تقول بأن خالاتها و بناتهن في خلاف معهن منذ نحو 3 سنوات، بسبب منع احدى بناتهن من تصوير عروس أخيها و مسح كافة الصور التي التقطتها، ما اعتبروه سلوك غير لائق أفسد عليهن فرحة المشاركة في مراسيم الزفاف. أزواج يحذرون نسائهم من الكاميرات و آخرون يمنعونهن من الحضور و تؤكد الأصداء التي رصدناها، بأن كاميرات التصوير باتت الضيف غير المرغوب فيه رقم واحد في الأعراس الجزائرية، حيث تقوم بعض الأسر بإعلام مدعويها مسبقا بعدم القيام بالتصوير، فيما تستقبل أخرى ضيوفها على الأبواب بعبارة «ممنوع التصوير»، في وقت تجند فيه فتيات داخل القاعات أو البيوت لمراقبة أي كان قد يختلس التصوير. و إن كان التصوير ليس ممنوعا بالنسبة للبعض ممن يلتقطن صور متنوعة في الفرح الواحد أو مع الكثير من المدعوات، فإن نساء كثيرات بتن يخضعن لتوصيات صارمة من طرف أزواجهن، بعدم الظهور أمام عدسات الكاميرا و الابتعاد عنها كليا، مع اشتراط عدم نزع الخمار بالنسبة للمحجبات كليا تفاديا للظهور خطأ في صورة دون خمار في وقت تعتبر السيدة متحجبة، كما تتحدث لنا احدى السيدات عن امرأة متزوجة يمنعها زوجها من الذهاب إلى أعراس الأجانب بحجة التصوير العشوائي من الجميع. التصوير بواسطة الكاميرا الصغيرة أو الهاتف النقال و إن كان مستحبا لدى بعض الأسر، فإنه يعتبر شبه جريمة بالنسبة لآخرين يرون فيه انتهاك لحرماتهم و عادة جديدة يعتبرونها سيئة غير مرغوب فيها، يشكل تفاديها تمضية مناسبة في أجواء هادئة بعيدا عن مشاحنات لا ضرورة لها.