بحيرة أقولميم بتيزي وزو.. ملاذ العائلات للهروب من الحرارة والرطوبة تحولت ثمذا أوقلميم، أو بحيرة أقولميم، خلال الأيام الأخيرة، سيما تزامنا مع عطل نهاية الأسبوع، إلى فضاء سياحي بامتياز، حيث تتخذها العائلات كأفضل متنفس لها، هروبا من حرارة الجو و الرطوبة، من أجل الاستمتاع بمناخها الصحّي المشبع بالأوكسجين و بالجمال الطبيعي، فقد أبدع فيها الخالق مساحات خضراء و صخور و جبال ، فضلا عن الهدوء الذي تتمتع به و برودة الطقس ، حيث تغطي المياه جزء كبيرا من هذا الموقع، كما تغطي الجزء الآخر نباتات متنوعة لتهدي زوارها منظرا طبيعيا فريدا من نوعه. يستقطب هذا الفضاء الطبيعي الخلاب الكائن بأعالي منطقة آث بوادو، في دائرة واضية، جنوب عاصمة جرجرة، على ارتفاع 1750 مترا عن سطح البحر، أعدادا كبيرة من العائلات التي تبحث عن الراحة النفسية و السكينة و الاستجمام، بعيدا عن صخب المدينة وضجيجها و حرارة الطقس، لتستمتع بالنسائم المنعشة النقية ، والبساط الأخضر الممتد على مساحة شاسعة. يحرص الزائر أو السائح على حد سواء، ألا يفوت فرصة إمتاع ناظره بما يضم حضن بحيرة أقولميم من مخزون نباتي و حيواني، يزيدها جمالا و رونقا،و يجعل منها متنفسا بيئيا حقيقيا لروادها، كما تعتبر القبلة المفضلة لرواد الأدب و الثقافة و الشعر من مبدعين و مفكرين، نظرا لهدوئها الشديد. و لا يتكبد المتوجهون إلى المنطقة أية نفقات ، كونهم يحرصون على أخذ طعامهم و شرابهم من بيوتهم قبل التوجه إليها، فهي لا تحتوي على مرافق ترفيهية أو خدمات تجارية، و رغم ذلك فإن الزوار يتوافدون عليها من كل حدب و صوب. و رغم أن البحيرة لا تتوفر على طرق معبدة و مهيأة للوصول إليها بسهولة ، إلا إن ذلك لم يقف حجرة عثرة أمام الراغبين في الاستمتاع بأوقات جميلة وسط جمال الطبيعة الريفية، حيث يتطلب الوصول إليها ما لا يقل عن ثلاث ساعات مشيا على الأقدام بين الصخور و الأشجار المتشابكة، انطلاقا من حي إغيل بورمي، الكائن بقلب بلدية آث بوادو في دائرة واضية التي تبعد عن عاصمة الولاية تيزي وزو بحوالي 40 كلم جنوبا، وعلى طول الطريق الجبلي تنتشر المنابع المعدنية الطبيعية لتضيف لمسة رائعة عليها، على غرار منبع سيدي عمار الذي يتوقف عنده معظم الزوار، لأخذ قسط من الراحة و الارتواء من مياهه العذبة. صنفت ثمذا أوقلميم ضمن المناطق الرطبة وهي على شكل دائري وتحتل مساحة قدرها ثلاثة هكتارات، حسب أحد قاطني بلدية آث بوادو بدائرة واضية، و صنّفت من قبل منظمة اليونسكو، كأعلى بحيرة في إفريقيا وتعتبر من أشهر المواقع السياحية بمنطقة القبائل،و لها مميزات موسمية مختلفة، فخلال فصل الشتاء تتجمد مياه البحيرة و تعانق الثلوج كامل المنطقة وتزينها باللون الأبيض الناصع، يوصف ب ‹›البرنوس›› القبائلي الأبيض»، وعند ذوبانه يكتسي المكان بالثوب الأخضر، والأزهار المختلفة، ليكون مصيفا ومكانا للاسترخاء واستنشاق الهواء النقي . ثمذا أوقلميم، لمن لم يكتشفها بعد، تقصدها مختلف أنواع الطيور النادرة، القاطنة أو المهاجرة، لتتخذ من البحيرة مصدر عيشها ، كما ينمو بها 15 نوعا من الأعشاب الطبية النادرة، بسبب اختلاف التضاريس و الظروف الطبيعية في المنطقة.هذه النباتات أصبحت هي الأخرى تستهوي عددا من الباحثين في علم النباتات، حيث أشارت العديد من الأبحاث إلى أن المكان يزخر بعينات لها خصوصية تستعمل في المستحضرات الصيدلانية. يقول السيد سليمان أمغار، رب أسرة قدم من ولاية بجاية رفقة عائلته ، بأن ارتفاع درجات الحرارة و الرطوبة خلال الأيام الأخيرة، دفع به إلى البحث عن مساحات غابية خضراء و جبال تتوفر على الأوكسجين المنعش، بدل الشواطئ، للاستمتاع بلحظات من الهدوء رفقة عائلته الصغيرة ، لافتا إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يكتشف فيها جمال بحيرة أقولميم التي سمع عنها الكثير، و قال أن هذه المنطقة تعتبر فعلا تحفة فنية رائعة، لما تمتلكه من مؤهلات طبيعية خلابة، و دفع به الفضول إلى قطع كيلومترات لاكتشاف جمالها و الجلوس أمام مياه البحيرة للاستمتاع بأحضان الطبيعة العذراء و النسيم في لحظات من الانتعاش. من جهتها تقول السيدة تسعديت: « بلادنا تنام على كنوز سياحية هائلة علينا استغلالها ،و الاستمتاع بها ، فهي لا تتطلب تكاليف مالية باهظة، عكس البلدان الأخرى، الفقير يمكنه الاستمتاع بعطلته مثل الغني في مثل هذه الفضاءات الطبيعية الخلابة التي نجهل وجودها من قبل، هي فعلا ملاذا لنا للبحث عن الهواء العليل و الهدوء و السكينة».