كشف الخبير الاقتصادي والمستشار السابق برئاسة الجمهورية «عبد الرحمان مبتول» أمس السبت، عن تنصيب لجنة على مستوى الحكومة، أوكلت لها مهمة إعادة النظر في سياسة الدعم الاجتماعي، عن طريق إرساء نظام معلوماتي محكم، لاستحداث بطاقية وطنية للفئات المعوزة والفقيرة، التي ستتوجه إليها مستقبلا أموال الدعم. وأفاد مبتول في تصريح للنصر، أن الوزير الأول عبد المالك سلال أبلغه شخصيا، بأن الشروع في وضع النظام الجديد لسياسة الدعم التي ستعتمدها الحكومة مستقبلا، اصطدم بإشكالية غياب نظام معلوماتي يصنّف الفئات المعوزة، وأنه لحد الآن لا توجد لدى الحكومة بطاقية وطنية مضبوطة، تحصي الفئات الهشة من المجتمع، التي تستدعي أوضاعها الاجتماعية الصعبة، ضرورة الاستفادة من إعانات الدولة. وبحسب الخبير الاقتصادي، فإنه لا يعقل أن يتم الاستمرار في سياسة الدعم الحالية، التي لا تفرق بين الفقير والغني، وبين من يتقاضى 50 مليون سنتيم شهريا، ومن لا يزيد راتبه عن 5 ملايين سنتيم، وهو ما لا يمتّ، وفق تقدير المتحدث، بصلة للعدالة الاجتماعية، التي تريد الحكومة تجسيدها على أرض الميدان. وأكد مبتول أن الحكومة لديها حلين لا ثالث لهما، لإعادة ضبط الأمور، والتحكم في الميزانية الهامة المخصصة سنويا للدعم الاجتماعي، والمقدرة بحوالي 1600 مليار دج، وهما إما عن طريق الزيادة في الأجور، مقابل رفع الدعم تماما عن المواد الاستهلاكية واسعة الاستهلاك والنقل وكذا العلاج وغيرها من الخدمات المدعمة، التي يستفيد منها حاليا عامة الأفراد دون استثناء، لكن هذا الحل سيصطدم وفق ذات المصدر بإشكاليه أخرى، وهي طبيعة الفئات العمالية التي تستحق تحسين الأجور، أما الحل الثاني فيتضمن، وفق ما أضاف، توجيه الدعم بصفة مباشرة إلى الفئات المحتاجة فقط، اعتمادا على نظام معلوماتي محكم، الذي أعطت الحكومة الضوء الأخضر للشروع في إنجازه.وأعلن من جهته رئيس لجنة المالية بالمجلس الشعبي الوطني، محجوب بدة، في تصريح للنصر، عن استضافة الوزير المنتدب المكلف بالاقتصاد الرقمي و عصرنة الأنظمة المالية السيد معتصم بوضياف، اليوم على مستوى اللجنة، لمناقشة سبل ولوج الاقتصاد الرقمي، والقضاء على السوق السوداء، قائلا إننا نعيش مرحلة انتقالية ما بين الأريحية المالية الناجمة عن ارتفاع أسعار البترول إلى أسعار قياسية خلال السنوات الماضية، والصعوبة المالية المترتبة عن تدهور أسعار المحروقات في السوق العالمية، التي تتطلب برأيه، ضرورة إعادة النظر في سياسة الدعم، الذي لا يمكن أن يتوجه حسبه إلى عامة الناس، وأضاف السيد بدة، أن النظام الجديد الذي تحدث عنه مؤخرا وزير المالية حاجي بابا عمي، سيتم تجسيده بالتنسيق مع وزارات التضامن والمالية والتجارة، وكذا وزارة البريد وتكنولوجيا الاتصال والإعلام، وأن العملية ستستغرق حوالي سنتين كاملتين، بهدف التوصل إلى بطاقية وطنية مفصلة ودقيقة للفئات المعوزة، مؤكدا أن بطاقة المعوز التي تمنحها وزارة التضامن، لا تكفي لإحصاء الفئات الهشة، جراء وجود العديد ممن لديهم سجلات تجارية، ضمن قوائم البطالين، لذلك تم إقحام وزارة التجارة في هذا المشروع. وأضاف بدة محجوب، أنه بعد وضع النظام المعلوماتي، سيتم تقليص أموال الدعم تدريجيا، مع عودة الأسعار المدعمة إلى مستواها الحقيقي بصفة مرحلية، بعد أن يتم تحديد من هو الفقير والمعوز، داعيا إلى ضرورة التحلي بروح المواطنة، وتفهم الأهداف التي تتوخاها الحكومة، مشددا على أهمية التزام المقاولين وأصحاب رؤوس الأموال بتسديد الضرائب لأن ذلك يعد واجبا، لمساعدة الحكومة على تخطي الوضعية المالية الصعبة، مطمئنا بأن النظام المعلوماتي قيد الإنجاز، الذي ستقدم اليوم وزيرة البريد هدى فرعون بدورها معطيات بشأنه، خلال حلولها على لجنة المالية بالغرفة السفلى للبرلمان، لن يلغي تماما ميزانية الدعم الاجتماعي، التي تدرجها الحكومة سنويا ضمن مشاريع قوانين المالية. وتوقع المصدر أن تحقق الخزينة العمومية مداخيل بحوالي 100 مليار دج، بعد دخول الزيادة في الرسم على القيمة المضافة، والمقدرة بنسبة 2 في المائة، حيز التنفيذ، مؤكدا أن النظرة الاستشرافية التي تحملها الحكومة، تهدف إلى التخلص من التبعية للجباية البترولية، مقابل التوجه نحو الجباية العادية.