نافذة مفتوحة على الصناعات التقليدية والتحف تستقطب واجهة دار الفنون و التقاليد الكائنة بحي عبان رمضان بقلب مدينة قسنطينة انتباه المارة، بفضل الزخم الإبداعي و التحف الفاخرة المعروضة هناك، و تزيد فضول المولعين بمجال الصناعات التقليدية و الحرف الفنية، فيسرعون لاكتشاف المزيد داخل القاعة التي تحتضن الكثير من أعمال الفنانين و الحرفيين المتميّزين من مختلف مناطق الوطن. دار الفنون و التقاليد التابعة لغرفة الصناعة التقليدية والحرف بقسنطينة، التي فتحت أبوابها سنة 2000 أمام الجمهور، تحوّلت بمرور الوقت إلى نقطة عرض و بيع مهمة، لا يمكن المرور أمامها دون التوّقف، لتأمل التحف النحاسية و الفخارية و اللوحات الفنية و الرسومات على الزجاج و النسيج و الحلي، و ما أبدعته أنامل الحرفيين من روائع تليق بالديكور الداخلي أو للاستعمال اليومي. المكلّف بتسيير أروقة الصناعات التقليدية و المشرف على دار الفنون فيصل لشهب، أوضح للنصر، بأن موقع الدار بقلب المدينة، ساهم في جذب الزوار و الزبائن، مذكرا بأنه قبل فتح هذا الفضاء المهم، كانت العروض تتم بمقر الغرفة بحي القصبة، و هو ما اعتبره مكسبا إضافيا و فرصة أكبر للعارضين للترويج لمنتوجهم و لتراثنا الحرفي المحلي، مضيفا بأن هدف المعرض ليس ربحيا، و إنما ترويجيا من أجل ترقية و دفع الحرف التقليدية و المنتوج المحلي، مؤكدا بأن ما يوجد داخل الدار من إنجاز مبدعين من مختلف مناطق الوطن، منها بومرداس التي تشتهر بالتحف الخزفية المتنوعة من صحون مرسومة تليق بتزيين الجدران و تحف الإنارة و أطقم الطاولة متعددة القطع و الفاخرة، فضلا عن تحف عديدة تحمل بصمات مبدعين من كل من ولاية سطيف و العاصمة، و أخرى من جنوبالجزائر، لا سيّما النسيج اليدوي، الذي و إن احتفظ بمظهره التقليدي، تبقى اللمسة الحديثة عليه خامات ذات جودة رفيعة، تناسب الأذواق الباحثة عما ينم عن الثراء الثقافي و يتماشى مع آخر صيحات الموضة في مجال الديكور الداخلي. حظ التحف المصنوعة من النحاس، يبدو جليا بهذه الدار التي تعد ملتقى الحرفيين، لما تحتويه من فسيفساء حرفية، تعكس تنوّع و ثراء الصناعات التقليدية التي تزخر بها الجزائر و تمنح الزائر فرصة الاطلاع على ذلك عن قرب، دون الاضطرار للتنقل إلى ولاية أو منطقة أخرى لاقتناء تحفة، بغرض إهدائها لضيف أجنبي من باب التفاخر بالمنتوج الحرفي الفني المحلي و تشجيع تسويقه و هو ما يوّفره هذا الفضاء الذي رغم ضيق مساحته التي لا تزيد عن خمسة أمتار، غير أن طريقة ترتيب المعروضات المغرية يجعل الزائر يشعر و كأنه في متحف صغير، يسعى المشرفون عليه، لتجسيد مبادئ التسويق»ماركيتينغ» على أرض الواقع و العمل على إبراز المواهب المبدعة في مختلف الحرف الأصيلة التي يهددها خطر الاندثار. التحف النحاسية تخطف الأنظار منذ ولوج باب المعرض، من خلال التصاميم الراقية و الفاخرة التي تزيّن الصينيات و أطقم القهوة و كذا المرايا و الفوانيس و تحف الإنارة المختلفة الأشكال و الأحجام و اللوحات المنقوشة بالنحاس، و أكد محدثنا، بأن الدار تقوم بإعادة بيع ما تقتنيه من حرفيين مبدعين و تفتح أبوابها لكل من يرغب في تسويق منتوجه، شرط أن يكون أصيلا و ذا جودة ، لأن الهدف الأول يبقى الحفاظ على التراث الشعبي و الثقافة المحلية، من خلال إبراز الحرف التقليدية. الأدوات المصنوعة من السملل و الجلد و الخشب، وجدت أيضا لها مكانا مهما، ضمن المجموعة المعروضة بدار الفنون و التقاليد المتميّزة بواجهتها الواسعة التي تظهر خلفية الفضاء بأجنحته المتنوعة، بسلع الفخار و النحاس و الخشب و النسيج و اللوحات الفنية ذات الرسومات المنتقاة من النقوشات و الزخارف الأكثر استعمالا من قبل الأولين و المعبّرة عن الهوية الأمازيغية و الإسلامية و عمق و أصالة التراث الثقافي الجزائري. عن مرتادي الدار قال فيصل لشهب، بأن هذا الفضاء يستقبل عشرات الزوار يوميا، منهم زبائن أوفياء مولعين بكل ما هو مستوحى من التراث المحلي، و الذين يجدون ما يبحثون عنه من أسعار وصفها بالمعقولة جدا، مقارنة بما هو موجود بالمحلات التجارية، و أشار إلى تباين الإقبال و نسبة المبيعات من موسم إلى آخر، حيث ترتفع عادة في فصل الصيف و بعض المناسبات و المواسم، خاصة موسم الأفراح. عن الأسعار دائما، قال محدثنا بأن المنتوج اليدوي، لا يضاهيه أي منتوج صناعي، من حيث الجودة و التميّز و المساهمة في الحفاظ على إرث الأولين، لكن عوامل عديدة أخرى تحدد السعر، منها غلاء المادة الأولية و دقة و صعوبة الحرفة، فثمة تحف يزيد سعرها عن 20 ألف دج، فيما لا تتجاوز أخرى 1200 دج في مجال النقش على النحاس.