لا ينتبه الكثير من أولياء التلاميذ المقبلين على اجتياز امتحان نهاية التعليم المتوسط «البيام»، إلى أهمية الشعب التي يدرسها أبناؤهم بعد نجاحهم و تنقلهم إلى الطور الثانوي، بالنظر إلى هذه المرحلة المفصلية في تحديد مستقبل المتمدرسين في الحياة المهنية، انطلاقا من هذه الفترة في المشوار الدراسي، و إن يبدي العديد من الأولياء درجة أكبر من المساندة و النصح لأبنائهم في ما يتعلق بالتوجيه، إلا أنهم قد يؤثرون عليهم بطريقة قد تؤدي بالتلميذ إلى اختيار شعبة غير مناسبة يتراجع عنها بعد ذلك في مناورة لتصويب توجهه الدراسي، فيما أدت حالات أخرى لم يتمكن خلالها التلميذ من مراجعة اختياره، إلى العزوف عن الدراسة، بل إلى التوقف نهائيا و التوجه إلى التكوين. النصر تحدثت مع بعض الأساتذة و مدراء متوسطات، إضافة إلى مختصين في التوجيه، و كذا تلاميذ مقبلين على اجتياز امتحان الشهادة، كما تحدثنا مع مختصين في علم النفس التربوي، لتحليل و توضيح بعض النقاط، أهمها إشكالية تراجع الكثير من التلاميذ عن الشعب التي تم توجيههم إليها في الثانوي، إضافة إلى مشكلة ضعف النتائج بخصوص بعض المواد العلمية و اللغات لدى فئة واسعة من التلاميذ، و مدى تأثير ذلك على المعدلات، كما تطرقنا إلى الأسباب الحقيقية التي تقف وراء تراجع معدلات امتحان نهاية مرحلة التعليم المتوسط، مقارنة بامتحانات الفصول الثلاثة، و كذا محاور أخرى تطرقنا إليها في هذا التحقيق. تحقيق : خالد ضرباني مدير متوسطة قربوعة عبد الحميد بالخروب أحمد كحيلي تراجع المعدلات بفارق نقطتين و معايير التقييم في قفص الاتهام يرى مدير متوسطة قربوعة عبد الحميد بالخروب أحمد كحيلي، في تحليله لأسباب تراجع معدلات امتحان نهاية شهادة التعليم المتوسط، بأن اختلاف معايير التقييم هو السبب الرئيسي في انخفاض المعدلات، و قال بأن فارق التراجع عادة ما يكون في حدود النقطتين بصفة عامة. و أكد المدير، على أن هذه الشهادة في النظام التربوي الجزائري، تتوج نهاية مرحلة كاملة من مراحل التعليم، و ليس السنة الأخيرة فقط كما يعتقد الكثيرون، و قال بأن الامتحانات تشمل المشوار الدراسي لأربع سنوات، مشيرا إلى خصوصية هذه المرحلة من التعليم المتوسط التي يكون فيها التلميذ، حسبه، في مفترق الطرق بين التعليم المجاني الإلزامي الذي يتواصل إلى غاية سن 16 سنة، و التعليم غير الإلزامي الذي يوجه له التلميذ الناجح ابتداء من السنة الأولى ثانوي. وفي حديثه عن التقييم بالنسبة للمعدلات، أوضح كحيلي، بأن التقييم في الثلاثيات يختلف عنه في امتحان نهاية المرحلة، حيث يعتمد الأساتذة خلال الفصول الدراسية الثلاثة، على عدة معايير لتقييم مجهود التلميذ، أهمها النقطة المتحصل عليها في الامتحان، و كذا المتحصل عليها في الفروض، إضافة إلى التقويم المستمر أو ما يعرف بنشاط التلميذ داخل القسم و حتى خارجه، متحدثا عن إمكانية مراعاة الأستاذ في التقييم لظروف تلامذته، لأنه الوحيد المقرب منهم و بإمكانه معرفة الحالات النفسية التي يكون عليها التلميذ، خاصة مثلا في حالات وفاة أحد أفراد أسرة التلميذ مثلا، أو تعرضه لحادثة معينة، أو غيرها من الظروف التي يمكن للأستاذ أن يأخذها بعين الاعتبار في التقييم. أما بالنسبة لامتحان نهاية مرحلة التعليم المتوسط، فإن التلميذ، حسب محدثنا، يكون أمام ظروف أخرى، منها كون المصحح لا يكون على معرفة بالتلميذ، إضافة إلى ضبط سلم تنقيط وطني موحد، و قال بأن فرصة الإجابة الواحدة التي تتاح للتلميذ في هذا الامتحان، هي التي تحدد معدل الشهادة، دون السماح بتدخل أي عامل تقييم آخر عكس فصول السنة، معتبرا قضية تراجع معدلات «البيام» مقارنة بالمعدلات الفصلية بالعادي، على حد قوله، مؤكدا أن الدروس الخصوصية ظاهرة غير صحية، و بأنها ترتبط بالجانب التجاري لما يفوق 90 في المئة، و قال بأن هناك أساتذة يعملون سوى 14 ساعة فقط في الأسبوع، و رغم ذلك لا يقدمون شروحات أوسع عن الدروس في حجرات الدراسة، و يفضلون تقديمها بمقابل مادي في البيوت و المستودعات. أما بخصوص النقص المسجل في المواد العلمية كالعلوم و الرياضيات و التكنولوجيا، فقد اعترف مدير متوسطة قربوعة عبد الحميد، بأن هذه المواد لم تأخذ مكانتها بعد في المنظومة التربوية، و ذلك لعدة أسباب قد تكون، حسبه، تاريخية و نفسية أو اجتماعية، ذكر منها مشكلة الكسل الذهني لدى الكثير من التلاميذ الذين لا يجتهدون في مناقشة و حل المسائل العلمية التي تتطلب جهدا فكريا، و يفضلون العمل على الحلول الجاهزة و السريعة دون ترجيح كفة بذل مجهود ذهني و محاولة فهم المسائل و إيجاد حلول لها، و هو ما ينعكس سلبا على مستوى التلميذ بالنسبة للتحكم في هذه المواد العلمية، و هو ما يبحث عنه الكثير من التلاميذ، حسبه، من خلال التوجه إلى الدروس الخصوصية كونها تقترح مواضيع مرفوقة بالحلول المناسبة لها دون ترك المبادرة للتلميذ في حلها. و في ما يتعلق باللغات الأجنبية، أشار المدير، إلى مشكلة العقدة التاريخية لدى بعض التلاميذ بخصوص تعلم هذه اللغات، و خاصة الفرنسية التي تعتبر لدى الكثيرين لغة الاستعمار، فيشمئزون منها و لا يعطونها أي اهتمام، بل هناك من يعتبر أساتذة هذه اللغة، حسبه، بمثابة مواطن أجنبي يتعاملون معه بنوع من التمييز مقارنة مع أساتذة المواد الأخرى، و هو نفس الإشكال بالنسبة للغة الانجليزية كونها تكتب بنفس الحروف، على حد قوله. تسيير و اقتصاد شعبة المستقبل مدير متوسطة قربوعة عبد الحميد، أشار في معرض حديثه إلى إمكانيات التعليم و التكوين الضخمة التي وفرتها الدولة للتلميذ، متحدثا عن باب التكوين و التعليم المهنيين بالنسبة للراسبين في اجتياز عتبة «البيام»، أو بالنسبة للتلاميذ محدودي المستوى الذين يفضلون التوجه إلى مراكز التكوين و التمهين، بدل تضييع السنوات في الدراسة النظامية دون جدوى، على حد قوله، حيث أوضح كحيلي بأن المتوسطات تتوفر اليوم على مستشار التكوين المهني، يتولى مهمة انتقاء التلاميذ ذوي المستوى المحدود، و أولئك الراغبين في التوقف عن الدراسة، لتحضيرهم نفسيا و بيداغوجيا لولوج عالم التكوين المهني الذي يفتح آفاقا أخرى للتلميذ في عالم الشغل، عوض التوقف النهائي عن الدراسة و التوجه للشارع، و ذلك من خلال لجنة الإرشاد و المتابعة التي تجتمع شهريا لإقناع هذه الفئة بالتوجه إلى التكوين المهني، حيث أكد المدير في هذا السياق، على نجاح اللجنة في توجيه العديد من تلاميذ السنة الرابعة متوسط، إلى التكوين في منتصف السنة الدراسية. كما ذكر المدير في تحليله للإشكاليات التي تعترض التلميذ الناجح في التوجيه، بأنه خلال السنوات الأخيرة سُجل ارتفاع في عدد طلبات التوجيه إلى شعبة تسيير و اقتصاد، مبررا ذلك بتفاعل الكثير من التلاميذ و أوليائهم مع الحركية الاقتصادية التي بدأت تشهدها بلادنا في مختلف الميادين، و بالنظر إلى آفاق الشغل و حظوظ خلق المشاريع التي تتيحها هذه الشعبة مستقبلا من جهة، و كذا بسبب توفيق هذه الشعبة بين القدرات بالنسبة لمختلف الشعب الأخرى، على حد قوله. مستشار و مدير مركز التوجيه لمقاطعة الخروب دقيش اسماعيل تحسس الرغبات خفض الطعون إلى 5 بالمائة العام الماضي من جهته المستشار و مدير مركز التوجيه لمقاطعة الخروب دقيش اسماعيل، برر تراجع نقاط «البيام» مقارنة بنقاط الفصول الثلاثة باختلاف معايير التقييم النفسي و البيداغوجي للتلميذ، معتبرا احتساب المعدلات الفصلية مع المعدل المحصل عليه خلال امتحان نهاية المرحلة، و هو ما قد يسمح للتلميذ بالنجاح حتى و إن لم يتحصل على معدل 10 من 20 في الامتحان الأخير، بمثابة تثمين للمجهودات التي قام بها التلميذ خلال 4 سنوات من مرحلة التعليم المتوسط، مؤكدا على الأخذ في الحسبان الحالات الطارئة التي قد تحدث للتلميذ في فترة اجتياز امتحانات هذه الشهادة، و ما قد ينجم عن ذلك من تأثيرات سلبية على نفسيته و نتائجه. و في ما يتعلق بالتوجيه، أكد دقيش، على أن عدد الطعون يعرف انخفاضا ملحوظا من سنة لأخرى، و ذلك، حسبه، نتيجة تفعيل العمل بنظام تحسس الرغبات و توجيه التلميذ لتحسين مستواه في المواد التي لا يتحصل فيها على نقاط جيدة، و ذلك حسبه منذ السنة الثالثة متوسط، أين يتم توزيع بطاقة الرغبات على التلاميذ، و من ثمة الشروع في عملية المقارنة بينها و بين النقاط المتحصل عليها في المواد التي تؤهل التلميذ للدراسة في الشعبة المختارة، حيث يقوم الأساتذة و مستشارو التوجيه بعد ذلك باستهداف التلاميذ الذين لا تتماشى اختياراتهم مع النقاط المتحصل عليها في المواد المعنية بها، و يتم متابعتهم خلال السنة الثالثة و طيلة السنة الرابعة لتحسين مستواهم في هذه المواد، و بالتالي المحافظة على اختياراتهم، و هي عملية، يقول محدثنا، بأنها بدأت تأتي بثمارها، كاشفا عن تسجيل 5 بالمئة فقط من الطعون الخاصة بالتوجيه خلال السنة الماضية.
أساتذة في مختلف الشعب يجمعون أولياء يختارون شعب التوجيه بدلا عن أبنائهم من خلال حديثنا مع عدة أساتذة يدرسون في السنة الرابعة متوسط و من مختلف الشعب، و إثارة إشكالية تراجع الكثير من التلاميذ عن الدراسة في الشعب التي اختاروها في استمارات التوجيه، تبين بأن قضية اختيار الشعبة بعد النجاح في «البيام»، تدخل فيه عدة عوامل و أطراف تؤثر على اختيار التلميذ، حيث أجمع جل الأساتذة الذين تجاذبنا معهم أطراف الحديث حول هذا الموضوع، على أنه لمحيط التلميذ و خاصة الأولياء تأثير كبير في تحديد الشعبة المرغوبة من طرف التلميذ. و قالت أستاذة الرياضيات نعمون صبرينة، بأن هناك العديد من العوامل التي تؤثر على اختيار شعبة التوجيه، ذكرت منها مستوى التلميذ، نظرة المجتمع، و كذا رأي الأولياء، متحدثة في هذا السياق، على أن الكثير من قرارات اختيار الشعب المراد دراستها بعد هذه المرحلة من التعليم، تتم بإيعاز و بإصرار كبيرين من طرف الأولياء، و قالت، «هناك عدد قليل من الخيارات التي تمت بشكل فردي من قبل التلاميذ»، مضيفة بأن الأولياء، عادة، أصبحوا يفكرون مكان أبنائهم بخصوص التوجيه، و قالت بأن معايير التوجيه الصحيحة، هي تلك التي ترتكز على مدى قوة التلميذ في مواد معينة، و ليس على أساس اعتبارات أخرى، عكس ما يقوم به العديد من الأولياء. كما ترى أستاذة مادة الاجتماعيات رجاح ليليا، بأن ضيق رؤية الأولياء في توجيه أبنائهم، هو السبب الرئيسي في تراجع الكثير منهم عن الشعب التي يوجهون إليها في الثانوي، موضحة بأن هناك أولياء ليس لديهم ثقافة أو معرفة أكاديمية واسعة لإبداء آرائهم بخصوص خيارات أبنائهم، و هناك من يرغمونهم على اختيار شعب معينة دون أخرى، حيث يهملون ميولات أبنائهم بضغط منهم، و بمبرر عاطفي يقومون باختيار الشعبة التي يعتبرونها مناسبة للمشوار الدراسي و لمستقبل أبنائهم. و قالت أستاذة علوم الفيزياء و التكنولوجيا كوحيل صباح، بأن هناك تلاميذ وجهوا باختيار من أوليائهم إلى شعب علمية بالرغم من كونهم ممتازين في المواد الأدبية، مركزة هي الأخرى على تأثير محيط التلاميذ في التوجيه بعد الحصول على شهادة «البيام»، و خاصة من جانب الأولياء، و حتى من قبل أقارب تلاميذ كالأعمام و الأخوال مثلا، و الذين يضغطون أحيانا بقوة على التلميذ لاختيار شعبة معينة. و إن ذهبت أستاذة علوم الطبيعة و الحياة بوكبوس أماني شروق، إلى نفس الرأي تقريبا في ما قاله زملاؤها، إلا أنها ركزت على إشكالية أخرى بالنسبة للمواد العلمية المدرسة، و خاصة بالنسبة لمادتها التي تواجه في تدريسها مشاكل كبيرة، تتعلق بتعامل الكثير من التلاميذ بكسل ذهني في حل تمارين هذه المادة، موضحة بأن العديد من التلاميذ لا يبذلون مجهودات فكرية لمناقشة و حل التمارين، معتبرة الحجم الساعي لتدريس هذه المادة، بغير الكافي، و قالت بأن مستوى التلاميذ في هذه المادة فوق المتوسط، إلا أنه قابل للتحسن في حالة بذل مجهودات ذهنية أكثر. في حين أكد أستاذ الانجليزية حسين بريان في تدخله، على أن مستوى التلاميذ في هذه اللغة أحسن مقارنة بالفرنسية، بالرغم من كونها اللغة الثانية ولها امتداد في المجتمع عكس الأولى، على حد قوله، مقترحا اعتماد أسئلة شفوية موازاة مع الفروض و الامتحانات، لتحسين مستوى استخدام هذه المادة شفهيا. الطب و الهندسة تخصصات يحلم بها المترشحون الشعب الأدبية آخر الخيارات و"اليوتوب" لفهم الدروس تجاذبنا لأطراف الحديث مع العديد من التلاميذ المقبلين هذه السنة على اجتياز امتحان نهاية مرحلة التعليم المتوسط، و جسنا لنبضهم بخصوص الشعب التي يرغبون في دراستها بعد النجاح، لمسنا بأن غالبية التلاميذ يميلون إلى دراسة المواد العلمية، فواحد يريد أن يصبح طبيبا و آخر مخترعا، و تلميذة تريد أن تكون قائدة طائرة و أخرى أستاذة في مادة العلوم الطبيعية، و غيرها من المهن أو الوظائف المستقبلية، فيما تذيلت الخيارات الأدبية قائمة رغبات مجموعة من التلاميذ الذين تحدثنا إليهم كعينة، و بالرغم من تفوق العديد منهم في المواد الأدبية و تحصلهم فيها على نقاط ممتازة، و ذلك بشهادة أساتذة و مدراء المتوسطات التي يدرسون بها، إلا أنهم يفضلون بدرجة أولى التوجه إلى المواد العلمية بنسبة حوالي أكثر من 70 بالمئة، و في هذا السياق، أخبرنا أحد المديرين و الأساتذة، بأن غالبية الأولياء يفضلون أيضا الشعب العلمية، و بأنهم يؤثرون على أبنائهم لاختيارها حتى و إن كانوا ممتازين في المواد الأدبية، و ذلك نظرا لاعتقاد الكثير منهم، بأن مستقبل أبنائهم لا يمكن أن يكون إلا في دائرة التخصصات العلمية ما بعد التعليم العالي، و هو خطأ شائع، لأن هناك الكثير من التلاميذ، حسبهم، ممن اختاروا الشعب العلمية في الثانوي و الجامعة، إلا أنهم توجهوا إلى وظائف في غير تخصصاتهم، كأساتذة في اللغة العربية و الفلسفة و اللغات، و غيرها. أما بخصوص استعانة العديد من التلاميذ بالدروس الخصوصية، أخبرنا التلاميذ بأنهم يواجهون، عادة، مشاكل في فهم دروس الفرنسية و الرياضيات، و هو ما يستدعي، حسبهم، تلقي دروس خصوصية خارج المقرر الدراسي لتحسين مستواهم و الرفع من حظوظ الحصول على نقاط أفضل في الفروض و الامتحانات، و بالرغم من تقديم الدروس و شرحها من قبل الأساتذة في الأقسام، إلا أن التلاميذ قالوا بأن بعض الدروس الصعبة تتطلب ساعات إضافية للفهم، و هو ما يوجههم للدروس الخصوصية، فيما يعتمد بعضهم، حسب بعض التلاميذ، على «اليوتوب» في تلقي بعض الشروحات حول بعض المسائل التي لم تستوعب بشكل جيد. الأخصائية في علم الاجتماع التربوي فاطمة الزهراء بلفطار التدخل في خيار التلميذ قد يؤدي إلى العزوف عن الدراسة فسرت الأخصائية في علم الاجتماع التربوي فاطمة الزهراء بلفطار، تدخل العديد من الأسر في خيارات أبنائهم بالنسبة للتوجيه، بعوامل عديدة، ذكرت منها النمط التربوي للأسرة في حد ذاتها، حيث قالت إنه بالرغم من تطور الأمور و تغير السلوكات القديمة في التعامل بين أعضاء الأسر، إلا أن النظرة النمطية المتعلقة بهيمنة الأولياء على إبداء الرأي و إصدار القرارات، لا تزال، حسبها، قائمة لدى بعض الأسر الجزائرية. و أوضحت المختصة، بأن الكثير من الأسر اليوم، تتميز بانعدام الديمقراطية و الحوار فيما بين أعضائها، خاصة بين الأولياء و الأبناء لاسيما بالنسبة للقرارات المصيرية، في حين تتميز أسر أخرى بمستوى ثقافي محدود، ما قد يدفع بالأولياء إلى اتخاذ قرارات خاطئة حول رغبات و مصير أبنائهم في مثل هذه المسائل الدراسية، مؤكدة على ضرورة العمل على صقل مواهب الأبناء منذ الصغر، و احترام خياراتهم المعقولة، مع الاكتفاء بالتوجيه و الإرشاد في الحالات الممكنة و الهادفة لتصويب نظرة الأبناء، دون إرغامهم على تبني خيارات لا يرغبون فيها خاصة في ما يتعلق بالدراسة. و أضافت بلفطار، بأن الضغط على التلميذ لاختيار شعب معينة دون التي يرغب فيها، قد يؤدي إلى عواقب وخيمة تصل إلى حد التوقف نهائيا عن الدراسة، أو التوجه إلى التكوين عوض مواصلة دراسته النظامية، و قالت بأنه يجدر بالأولياء ترك الاختيار للتلميذ، و تجنب التسلط من قبل الأولياء. أما بخصوص هاجس اللغات و المواد العلمية بالنسبة لعديد التلاميذ في هذا المستوى التعليمي، فقد أرجعت محدثتنا السبب، إلى انعدام الميكانيزمات البيداغوجية اللازمة في منظومتنا التربوية لتدريس هذه المواد جيدا، و قالت بأن غالبية التلاميذ ينجحون من الابتدائي إلى المتوسط بضعف قاعدي في هذه المواد، خاصة اللغات.