تعرف ولاية عنابة في الأسابيع الأخيرة توافدا غير مسبوق للرعايا الأفارقة من النازحين عبر الحدود الجنوبية من دولتي نيجر ومالي، وبلدان أخرى، تشير مصادر مطلعة أن عددهم قد قارب حاليا أكثر من ألف نازح، يتخذون من أسفل جسر «جوانو» العملاق تجمعا سكنيا لهم، أين قاموا بتشييد خيم وملاجئ للمبيت فيها بعد العودة مساء من شوارع وسط المدينة التي ينتشرن بها للتسول. النصر وقفت في جولة لحي «جوانو فيل»، على تواجد مئات الأفارقة تحت الجسر، على شكل تجمع يشبه قبيلة، يتوافدون مشيا على الأقدام من مختلف أحياء وسط المدينة في الفترة المسائية، مصطحبين معهم أبناءهم الصغار وحتى الرضع حاملين أغراضهم وبعض المواد الغذائية التي يقدمها لهم مواطنون كإعانات، و قد لاحظنا أن هناك من يقوم بدور «زعيم القبيلة» يعطي الأوامر ويرفض دخول الغرباء إلى «التجمع السكني»، وأثناء مراقبتنا عن بعد للمكان كون من يتواجدون به يرفضون التصوير، لاحظنا أنهم يقومون بالطهي على الحطب، ويفترشون الأرض بأغطية للنوم في العراء، ويحتمون بأسفل الجسر من الحرارة أو الأمطار. فوضى عبر الطرقات وأمام المساجد و يشتكي مستعملو الطرق الوطنية باتجاه ولايات الطارف، قالمة، سوق أهراس، وكذا بلديات الضواحي، من إقدام الرعايا الأفارقة المتواجدين أسفل الجسر، برشق المركبات بالحجارة، وتسببهم في أضرار للسيارات، وحسب عدد من الموطنين، ما يتسبب في شل حركة المرور في بعض الأحيان، بعد توقف أصحاب مركبات لملاحقة من يرشقونهم. وترجع مصادرنا سبب رشق السيارات بالحجارة إلى عدم استجابة بعض السائقين لطلب التوقف للحصول على مساعدة، ذلك أن الطريق خطر، وتستعمل فيه سرعة فائقة تهدد حياتهم وحياة السائقين في حال التوقف، إضافة إلى نشوب شجارات فيما بين الرعايا داخل نقطة التجمع ينقلونها إلى الطريق الرئيسي، أين يلاحقون بعضهم بالطوب والحجارة. وقد زاد انتشار الأفارقة مصحوبين بأطفال ونساء أمام المساجد وبعض نقاط التسوق والساحات، منذ حلول شهر في بعض الأحيان مسببين فوضى في المساجد الإزعاج بدخول أبنائهم الصغار إلى المراحيض وأماكن الوضوء، وعبر سائقو السيارت عن تخوفهم من تسجيل حوادث نتيجة محاولات توقيفهم بالقوة و اعتراض طريقهم. حملات تضامن واسعة لتأمين موائد رمضان وأمام الظروف الإنسانية الصعبة التي يعيش فيها اللاجئون الأفارقة ، تقوم جمعيات خيرية ومنظمات حكومية على غرار الهلال الأحمر الجزائري، بتقديم لهم وجبات إفطار ساخنة، و رفعت مجموعات شبانية شعارا تقول فيه « عنابة الولاية التي لا يجوع فيها إخواننا من مالي والنيجر»، فالجمعيات الخيرية تسهر على خدمتهم رغم ارتفاع عددهم، حيث يجمعون المئات على موائد الإفطار بمطاعم الرحمة المنتشرة بعدد من أحياء عاصمة الولاية، كما منحت لبعضهم مساعدات غذائية في شكل قفة رمضان، وتجنيد عدد كبير من المتطوعين الشباب لتقديم وجبات الإفطار بأماكن إقامة اللاجئين ولا تستثني موائد الإفطار أيضا المهاجرين غير المسلمين. أقرت الحكومة عدة مبادرات من أجل التكفل باللاجئين الأفارقة، ووضعت مخططا لجمعهم تمهيدا لترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية، لدواعي صحية وإنسانية، غير أن السلطات المحلية بالولايات التي تعرف توافدا كبيرا للأفارقة، وجدت صعوبة في التكفل بهم، لرفضهم البقاء في مراكز الإيواء، والخروج إلى الشوارع وأمام المساجد والساحات العامة، وواجهت مصالح ولاية عنابة قبل نحو عامين مشكلة مع النازحين الأفارقة، على خلفية محاولة مغادرة نحو 100 رعية مركز التجميع الكائن، بمقر شركة الخشب سابقا بطريق البوني، حيث قاموا بكسر البوابة الرئيسية احتجاجا على طول مدة مكوثهم بالمركز وظروف الإيواء، بهدف الضغط على المصالح المعنية للسماح لهم للعودة إلى الشارع، وعلى إثرها راسلت وزارة الداخلية والجماعات المحلية والي الولاية، لترحيلهم ، ليتم تحويلهم إلى مركز التجميع بولاية تمنراست في الجنوب. انخراط أفارقة في شبكات «الحرقة» وتزوير العملة ويقصد أغلب اللاجئين الأفارقة ولاية عنابة، كونها تحمل خصوصيات لا توجد في الولايات الأخرى، تمهد لهم الطريق للعبور إلى أوروبا، حيث تحصي المصالح المختصة انخراط مهاجرين أفارقة ضمن شبكة تهجير البشر، يقومون بالتوسط لنظرائهم من الرعايا اللاجئين في الجزائر، من أجل تأمين أماكن على متن قوارب الهجرة السرية، مقابل مبالغ مالية تفوق 10 ملايين سنتيم، وكانت مصالح الأمن والدرك الوطني قد فككت شبكات في الآونة الأخيرة يقودها ماليون، كما نجحت البحرية الوطنية في توقيف العشرات كانوا ضمن الأفواج المتجهة بحرا إلى جزيرة سردينيا الايطالية. كما يحترف أفارقة نشاط تزوير العملة الوطنية والأجنبية وحتى المتاجرة بالمخدرات الصلبة كالكوكايين والهروين، حيث تسجل المصالح الأمنية، تورط أفارقة في عمليات تزوير للنقود، باستخدام مواد محظورة يتم العثور عليها في ورشات سرية، إلى جانب والمتاجرة بالمخدرات.