تحولت المنطقة الجنوبية لولاية ميلة إلى قطب فلاحي لإنتاج الخضروات من ثوم و بطاطا و جزر وبصل، على مساحة تصل 5000 هكتار في السنة، حيث أن أغلب فلاحيها توجهوا إلى هذا النوع من الفلاحة بدل الحبوب التي كانت تعد من أهم الشعب بالولاية والأكثر انتشارا، وأكد الفلاحون أنه بتوفر الظروف الملائمة بإمكانهم تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذه المنتجات، شرط وضع حد لمشاكل التسويق و خلق وحدات تحويل لضمان عدم تلف المحاصيل، كما شددوا على ضرورة الانطلاق في محيط السقي الذي بإمكانه أن يدخل شعبا فلاحية جديدة ناهيك عن حل مشكل قلة مياه السقي. روبورتاج : معاذ بن الشيخ الحسين ألف عامل من الجلفة للجني النصر تنقلت إلى العديد من الحقول والبساتين بجنوب ولاية ميلة للتعرف أكثر على واقع شعبة زراعة الخضر من خلال الفلاحين الممارسين لهذا النشاط، فالتقينا بالسيد ركاب عبد الغني فلاح ببلدية التلاغمة يمارس هذا النشاط منذ عقود حتى خارج ولاية ميلة (بالغرب والوسط الجزائري)، حيث يقوم بزراعة مواد البطاطا، الجزر والثوم، والذي أكد أن المردود جيد في الغالب، ولكن المشاكل المسجلة في مياه السقي تحتم تقليص المساحة المزروعة إضافة إلى دخول المستوردين مجال الخضروات، و إشكالية أسعار البذور المرتفعة، وانعدام آلية تحكم في الأسعار وضبطها بشكل يحمي الفلاح والمستهلك على حد سواء، كلها عوامل يقول محدثنا أنها تعرقل العمل الفلاحي وتحديدا إنتاج الخضروات. حيث أن الإنتاج بمنطقة التلاغمة وجنوب الولاية عموما جيد ، فقد وصل مردود الهكتار الواحد من الثوم إلى 500 قنطار وهي نتيجة مرضية، برأي المستثمر في المجال والذي أكد بأن فلاحي التلاغمة بإمكانهم منع الثوم الصيني من دخول الجزائر، لكن في نفس الوقت يبقى الإنتاج رهينة معضلة التسويق بالسعر المناسب، ذلك أن كثرة العرض تؤثر على الأسعار، كما أن الولاية لا تتوفر على وحدات تحويل لهذه المادة أو حفظها من التلف ونفس الشيء بالنسبة للبطاطا التي عرف تسويقها العام الماضي إختلالات أدت إلى تسجيل تلف المحصول بسبب نقص غرف التبريد. الثوم.. تجربة هزمت المنتوج الصيني وجهتنا الثانية كانت مزارع السيد عادل قربع وهو فلاح بمنطقة وادي سقان يعمل في إنتاج البطاطا، إضافة إلى الجزر و الثوم، حيث وجدناه يشرف على عملية قلعها بحقله، المنتج طرح مشكل مياه السقي، حيث أكد أنهم راسلوا مدير الري والموارد المائية بخصوص تحرير مياه السقي بطريقة عقلانية بشكل منتظم حتى يتمكنوا من ري محاصيلهم كل محصول بحسب حاجته، مع المحافظة على المياه من الضياع، وأفاد المتحدث أن هناك على خط التلاغمة وداي العثمانية قرابة 500 هكتار مزروعة بمادة البطاطا و150 هكتارا جزر، وقال بأن هذا التوجه نحو زراعة الخضروات بدل الحبوب كما كان الحال سابقا سببه توفر مياه السقي، مشيرا إلى أن رخصة تحرير مياه سد قروز بقرار من الوالي و التي انتهت في 15 من شهر ماي المنقضي مكنت من إنقاذ محصول الثوم ، ولكن، كما يضيف محاصيل البطاطا والجزر تحتاج للمياه، موجها نداء إلى السلطات المعنية لتسريع الإجراءات أكثر وتمكينهم منها، خصوصا محيط السقي من مياه بني هارون. وأوضح المنتج أن مردود مادة البطاطا قد يصل إلى 600 قنطار في الهكتار الواحد خلال مدة أقصاها أربعة أشهر، و400 قنطار بالنسبة للجزر في مدة تزيد عن ثلاثة أشهر ، ما يستدعي صناعة تحويلية لهذه المحاصيل تحمي الفلاح و المنتوج الوفير من سلبيات السوق في حال عدم استيعاب الكميات المنتجة، ما يؤدي إلى تلف المحاصيل في ظل انعدام وحدات التحويل وغرف التبريد، و تساءل الفلاح عن وضعية الأقطاب الفلاحية التي بدء الحديث عنها منذ العام الماضي، كما أشار إلى أن العديد من الفلاحين يمارسون نشاطهم دون أن تكون لديهم بطاقة فلاح تمكنهم من بعض التسهيلات فيما يخص الأسمدة والعتاد في إطار الدعم من الدولة، في ظل الأعباء الكثيرة، ومنها التكاليف الباهضة لليد العاملة المستقدمة من الجلفة المقدرة بألف عامل، بحيث بلغ سعر قلع الكلغ من الثوم 10 دنانير، ما يستدعي حسبه لجنة لحصر عدد الفلاحين وتسوية وضعيتهم لأنهم جادون في العمل و على استعداد لتوسيع المساحة المزروعة أكثر، وقاموا بابتكار آلة خاصة تساعد على تسريع عملية قلع الثوم التي توجه الكثير منهم إليها في السنوات الأخيرة. حيث بدأت زراعة الثوم ب 50 هكتارا واليوم تجاوزت 1000 هكتار، وفرض المنتوج المحلي وجوده بالأسواق الجزائرية ككل وطيلة أشهر السنة دون تسجيل اختلالات كبيرة في الأسعار، كما ألح، محدثنا على تشجيع مستثمرين في مجال المحاصيل الفلاحية لاحتواء المنتوج، مشيرا إلى وجود محاولات من البعض بخصوص شراء المنتوج وتخزينه، وهذا ما سيفرض الإنتاج المحلي ويقهر المستورد حسبه. ومن بلدية وادي العثمانية أفاد فلاح يعمل على زراعة الجزر بأن هذا النشاط له مزاياه وله سلبياته التي وإن كانت أحيانا قاسية جدا ، إلا أنه أكد أنه سيبقى يمارسه، ومنها الأعباء الكثيرة بداية بالأسمدة و قيمة كراء الأراضي إلى كلفة المازوت أو الكهرباء، إضافة إلى ما أسماه بسوق متذبذب قد يهوي بالفلاح إلى الأسفل، و يكبده خسارة ثقيلة، ولهذا يرفع هذا الفلاح مطلبا وحيدا هو ضمان استقرار السوق بشكل لا يضر الفلاح خصوصا في مواسم الوفرة في الإنتاج التي تهوي بالأسعار وتثقل فيها عمليات البيع وحركة المنتوج. ا.م مدير المصالح الفلاحية بالنيابة مسعود بن دريدي 5000هكتار تزرع خضروات سنويا ومن جانب المصالح الفلاحية بالولاية ، أوضح مديرها بالنيابة السيد مسعود بن دريدي، أن ميلة مقسمة فلاحيا إلى ثلاث مناطق، منطقة شمال الولاية التي تتميز بزراعة الأشجار وتربية النحل، الوسط يعرف بإنتاج الحبوب وتربية المواشي، أما جنوب الولاية ففيه إنتاج الحليب والخضروات، ويشمل جنوب الولاية بلديات، وادي العثمانية، شلغوم العيد، تاجنانت، أولاد أخلوف، المشيرة ، وادي سقان ، التلاغمة ، حيث تتراوح المساحة المزروعة خضروات به من 4400 إلى 5 آلاف هكتار في السنة، وتتنوع هذه المحاصيل ما بين الثوم و البطاطا و الطماطم و البصل و الجزر، بالإضافة إلى البقول الجافة، ومنها العدس الأكثر زراعة بحوالي 2200 هكتار والمتميزة بالنوعية والمذاق الطيب. كما أشار ذات المسؤول إلى أن ثمار الدعم الفلاحي الذي قدمته الدولة للفلاح منذ سنين فيما يخص العتاد وإدخال المكننة أو القرض الرفيق لاقتناء البذور والأسمدة، والترخيص بحفر التنقيبات بالتنسيق مع الجهات المعنية، أعطت أكلها الآن بدليل تحسن مردود شعبة إنتاج الخضروات وتوسع المساحة المزروعة عاما بعد عام، وكذا زيادة عدد الفلاحين الممارسين لهذا النشاط تحديداّ، معطيا مثالا بزراعة الثوم التي بلغ عدد الفلاحين فيها 250 منتجا، كما أشار السيد بن دريدي إلى إمكانية كسب من محصول إلى ثلاثة محاصيل في السنة في شعبة الخضروات، وأكد على المرافقة الدائمة للفلاحين ومنها تدخل السلطات الولائية لتوجيه مياه سد قروز للسقي الذي جاء في وقت مكن من إنقاذ موسم الثوم بالولاية والذي يغطي غالبية القطر الجزائري بهذه المادة، وغيّر بورصة هذه المادة في اتجاه مصلحة المستهلك، المسؤول أشار أيضا إلى المساعي الرامية إلى خلق استثمارات في مجال الصناعات التحويلية التي أكد أنها تتطلب وقتا ولكن بعد تجسيدها تضمن تحويل المنتوج ومحاربة إشكالية الأسعار والتلف، والتسويق وتضمن استمرارية النشاط الفلاحي، مؤكدا أن الهدف هو صنع علامة فلاحية خاصة بولاية ميلة. كما أوضح مدير المصالح الفلاحية بالنيابة أنه وبعد دخول محيط السقي من مياه بني هارون حيز الخدمة سيتم إدخال شعب أخرى جديدة، تكون متبوعة بدورات تحسيسية وتوجيهية لفائدة الفلاحين حتى يتمكنوا منها في أقصر مدة ممكنة وبالشكل المطلوب.