مشروع المسجد الكبير بتبسة.. ورشة عمرها 29 سنة توقع أول أمس وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى تدشين المسجد الكبير الشيخ العربي التبسي بتبسة في الخامس جويلية القادم، بحيث سيتم تدشينه رسميا بمناسبة الاحتفال بعيدي الإستقلال والشباب، وفي السادس جويلية 2018 ستنقل منه صلاة الجمعة عبر كل القنوات الفضائية الرسمية، مشيرا في هذا الصدد بأن القرار النهائي بشأن تدشينه سيتم الفصل فيه بعد إستشارة المصالح المعنية برئاسة الجمهورية. ويبدو أن نهاية الأشغال الداخلية وتصحيح كل الوضعيات كانت قد شجعت وزير القطاع على تبني هذا القرار، بعدما سبق له وأن زار المسجد عدة مرات، في الوقت الذي يأمل المواطن التبسي أن تستكمل الأشغال المتبقية، قبل أن يسلم هذا المشروع الذي يصفه التباسة بمشروع القرن، بالنظر إلى أنه إستهلك 29 عاما من الإنجاز. وكان وزير الشؤون الدينية والأوقاف قد إستهل زيارته لولاية تبسة بزيارة هذا المعلم الكبير، أين طاف بمختلف أجنحته الإدارية والبيداغوجية وقاعة الصلاة ، وشدد على ضرورة مواصلة العمليات الخارجية البسيطة المتبقية، لهذا الجامع الذي يعد تحفة معمارية جميلة ومقصدا للعديد من الوفود الأجنبية، في الوقت الذي تؤكد فيه المقاولة المكلفة بالإنجاز بأن تجسيد هذا المشروع الحلم قد صار حقيقة يمكن رؤيتها بالعين. للتذكير يعد مشروع المسجد الكبير الشيخ العربي التبسي من أكبر المشاريع التي إستفادت منها ولاية تبسة، وهو ما جعل أغلبية التباسة يطلقون عليه مشروع القرن ،والمشروع الحلم الذي لم يتجسد في حضور من دعوا إلى تجسيده و الاعلان عنه، أمثال الشيخ محمد الشبوكي والشيخ يوسف القرضاوي والراحل سعيد رمضان البوطي، بحيث واجهته عدة عراقيل ومشاكل وحالت دون إنجازه، على غرار ضعف التمويل وحداثة التجربة وعدم قدرة الجمعية على الوفاء بإلتزاماتها في ما يتعلق بالإنتهاء من الاشغال في وقتها المحدد، إذا علمنا أن انطلاقة هذا المشروع كان سنة 1989 بمناسبة احتضان تبسة آنذاك لملتقيات الفكر الإسلامي، غير أن قطار تجسيده سرعان ما توقف بعد التدشين، ليجد المتحمسون للمشروع أنفسهم وجها لوجه مع جملة من المشاكل، على غرار نقص الموارد المالية وقلة المقاولات المختصة، ناهيك عن عدم وجود تصاميم معمارية للمشروع وفق النمط المغاربي، كما ساهم وجود فضاءات عقارية مشغولة للمواطنين بجوار المسجد في تأخر إنجاز المساكن الوظيفية بسبب العقار، ولمعالجة هذا الإشكال منحت السلطات العائلات عقارات بديلة، وتبعا لذلك كلفت مكاتب الدراسات بإعداد 5 تصاميم معمارية لاختيار إحداها. هذه الانطلاقة توقفت لعقد كامل في التسعينيات وهي الفترة التي لم ينجز منها سوى بعض الأشغال الأرضية السفلية، ولم تتمكن الجمعية الدينية بقيادة صاحب رائعة «جزائرنا» الشاعر محمد الشبوكي من تجاوز إشكالية الإعانات ومساعدات ذوي البر والإحسان، بحيث تبين لأفراد الجمعية الحاجة لمساعدات مركزية ولإمكانيات مادية كبيرة تفوق آنذاك طاقة الجمعية وطاقة ذوي البر والإحسان، ومع طلب المساعدة مركزيا أعيد تحريك المشروع مجددا بداية من سنة 1999ضمن مخطط برنامج رئيس الجمهورية، وفي 27 ديسمبر 2006 خصص له مبلغ 30 مليار سنتيم، وبعد إعادة التقييم لانجاز باقي الأجنحة رصدت الدولة موارد أخرى ليصل المبلغ إلى حدود 80 مليار سنتيم، ومع توالي عمليات التقييم ارتفع الغلاف المالي ليصل إلى حدود 187 مليار سنتيم وذلك لإتمام جميع العمليات ،بما في ذلك الجناح البيداغوجي والجناح الثقافي و المسجد، فضلا عن العمليات الأخرى المرتبطة بشبكة تصريف المياه الخارجية والإنارة ، وربط الأجنحة والمولد الكهربائي وأعمال النجارة و الأبواب الخارجية، بالإضافة إلى عمليات انجاز 8 مساكن والتهيئة الخارجية وتدعيم الأجنحة والزخرفة الداخلية، وأخذت زخارف الآيات القرآنية كثيرا من الوقت، أما بالنسبة لتسليح القبة الكبيرة فقد أخذت هي الأخرى وقتا كبيرا بالنظر لخصوصيتها من ناحية ولطبيعة شكلها من ناحية ثانية،فيما بقى أكبر عائق واجهه المعماريون والمشرفون على هذه التحفة هو انجاز المنارات على علو 67 مترا، بحيث يتطلب انجازها الاستعانة بوسائل طوبوغرافية حديثة لضمان شاقولية هذه المنارات التي تعد الأكثر ارتفاعا بعاصمة الولاية ويمكن رؤيتها من الزوايا الأربع للمدينة. وفي انتظار الفتح الرسمي لهذه التحفة التي تسمح باستقبال 10 آلاف مصلي نشير إلى أنه تقام به الصلوات الخمس وكذا صلاتي الجمعة والتراوح، ويسهر على تأطيره رئيس المجلس العلمي فضلا عن موظفين اثنين ومؤذنين متطوعين، كما تتعاقب مرشدات دينيات على تأطير الجناح النسوي، في حين يعمل على تنظيفه 16 شابا ممن يؤمنون هذه العملية في إطار عقود التشغيل.