المتبرع يبلغ من العمر 59 سنة و عملنا استغرق 18 ساعة كشف، أمس، الطاقم الطبي بالمستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة، و المشرف على أول عملية تبرع و استئصال للأعضاء، عن مشروع جديد لتوعية الأفراد بأهمية التبرع بالأعضاء سيتم صياغته قريبا بمشاركة الفاعلين في العملية وعرضه على الوصاية للمصادقة عليه. و خلال ندوة صحفية بالمستشفى الجامعي نشطها أطباء و دكاترة، قال الطبيب مخلوفي هشام، دكتور الإنعاش و التخدير و منسق العملية، أن هناك تفكيرا جديا و طموحا من أجل وضع آليات جديدة للتوعية بأهمية التبرع بالأعضاء و تقديمها للوصاية للمصادقة عليها، و أضاف البروفيسور بودهان عمار رئيس مصلحة الإنعاش و المشرف على العملية، أن الإشكال الحقيقي في تعثر عمليات التبرع بالأعضاء بالجزائر يكمن في فشل طرق الإقناع و التوعية المنتهجة من قبل الجهات الطبية بالتنسيق مع المصالح الدينية، و هو ما جعل بلادنا تتأخر كثيرا في هذا المجال رغم توفر الإمكانات المادية و الكفاءات الطبية، في ظل غياب ثقافة التبرع . و بخصوص العملية التي أجريت الأربعاء الماضي بنجاح باستئصال كبد و كليتين من شخص متوفى دماغيا يبلغ من العمر 59 سنة، قال البروفيسور بودهان أن الظروف كانت ملائمة جدا لنجاحها، بداية من إقناع أهل الميت الذين أبدوا تجاوبا كبيرا، مرورا بالظروف المحيطة بعملية الاستئصال و إيصال الأعضاء إلى كل من مستشفيي العاصمة و باتنة و المستشفى العسكري بقسنطينة، و التي استغرقت 18 ساعة. إقناع شخصين بالتبرع من بين 23 حالة موت دماغي و قال الدكتور مخلوفي هشام إن العملية التي تمت بعد أن نجح الطاقم الطبي في إقناع عائلة الشخص المتوفى بالأمر، كانت وراء التفكير في صياغة برنامج توعوي جديد للتحسيس بضرورة التبرع بالأعضاء و تعميمها، خاصة بعد عقم البرنامج القديم، فمن بين 23 حالة موت دماغي سجلت خلال السنتين الأخيرتين بالمستشفى الجامعي ابن باديس، تم إقناع اثنتين فقط بالتبرع، حيث لم تنجح الأولى بينما كانت الثانية بمثابة الثورة الحقيقية و أول عملية من نوعها في تاريخ الطب الجزائري، مؤكدا في ذات السياق أن الإشكال ليس له علاقة بالمنظومة القانونية التي ضبطت بشكل دقيق قضية التبرع بالأعضاء البشرية، بقدر ما له من علاقة بكيفية إقناع أهل الشخص الميت، كما أبانت العملية عن أخطاء تواصلية كانت ترتكب سابقا. 28 ألف مصاب بالتهاب الكبد و القصور الكلوي ينتظرون بصيص الأمل و أضاف الدكتور مخلوفي أن السياسة الجديدة في طريقة التعامل و التوعية بالتبرع بأحد الأعضاء و نجاح تجارب مماثلة، سيكون بمثابة الأمل لمرضى القصور الكلوي و التهاب الكبد الذين بلغ عددهم على المستوى الوطني 28 ألفا، خاصة أن هذه العملية التي تمت بنجاح كبير ستكون حافزا لإجراء عمليات أخرى، مؤكدا أنه شُرِع قبلها في إجراء الاتصالات مع المركز الوطني للتبرع بالأعضاء للبحث عن حالات بحاجة لزرع هذه الأعضاء من جهة و مطابقتها من جهة أخرى، حيث أشرف الطاقم الطبي بقسنطينة و المتكون من ثلاثة فرق على إرسالها في وقتها المحدد إلى باتنة، الجزائر العاصمة و المستشفى العسكري بقسنطينة، أين خضع المرضى المعنيون الثلاثة لعمليات زرع كانت ناجحة و هم حاليا في حالة صحية ممتازة. و أكد البروفيسور أن الانتقال من حالة الحزن على فقيد إلى قرار التبرع بأحد أعضائه هو مهمة جد صعبة تستدعي آليات بديلة للإقناع، مضيفا أن أهم عامل في نجاح عمليات الزرع هو إنعاش الأعضاء التي يتم استئصالها خاصة و أنها جد حساسة و لها عمر محدد و للحفاظ عليها، كما يجب الإلمام بطريقة إنعاشها داخل جسم الإنسان الذي تعرض للموت الدماغي و كذا بعد استئصالها، و هو ما تم إتباعه خلال هذه العملية مع السرعة في نقلها سواء إلى العاصمة أو باتنة . و عن سبب الاكتفاء بنقل الكبد و الكلية قال الدكتور مخلوفي إن الجزائر عاجزة حاليا عن زراعة أعضاء حيوية أخرى باستثناء الكلى و الكبد، لعدم توفر الإمكانيات التقنية و المادية و حتى البشرية، خاصة إذا تحدثنا عن القلب، الرئتين و غيرها من الأعضاء الحساسة، غير أن هذا لا يمنع حسبه، مستقبلا خوض تجارب مماثلة و لأعضاء أخرى من الجسم.