تعتبر اليوم، ثانوية سعيد بومعراف ببني حميدان بولاية قسنطينة من بين المؤسسات الرائدة تربويا و تعليميا و نموذجا حقيقيا للتفوق بفضل ما حققته من نتائج باهرة في شهادة البكالوريا خلال السنوات الأخيرة، حيث افتكت سنتي 2014 و 2015 المرتبة الثانية ولائيا، قبل أن تحقق المفاجأة و تتصدر الترتيب سنة 2018، إذ تربعت على قائمة الثانويات الأعلى نسبا من حيث النجاح، و قدمت للمدينة صاحبة أعلى معدل في الشهادة في شعبة تقني رياضي، لتضيف هذه السنة التلميذة نوال زحاف، النجمة الثانية للثانوية بعد افتكاكها لأول معدل ولائي في البكالوريا شعبة علوم تجريبية. هيبة عزيون أربع سنوات من التميّز رغم تواضع الإمكانيات تعكس هذه النتائج العمل الجبار الذي يقوم به الطاقم التربوي لهذه المؤسسة طوال الموسم الدراسي، و جدية تلاميذ المنطقة و رغبتهم في التميز، رغم تواضع الإمكانيات المتاحة في الثانوية التي استطاعت مع ذلك أن تصنع الفارق منذ أن فتحت أبوابها سنة 2009. تعمل الثانوية بنظام نصف داخلي فغالبية تلاميذها الذين يقارب عددهم 300، و أكثرهم من الإناث يقطنون مناطق جد بعيدة ، و يشرف على تأطيرهم 30 أستاذا، في ثلاثة تخصصات هي الأدب و الفلسفة و تخصص تقني رياضي بفرعيه هندسة الطرائق و الهندسة الكهربائية، إلى جانب فرع علوم التسيير و الاقتصاد، أما إداريا فيشرف على تسييرها طاقم متكون من 15 إداريا و 15 عاملا، كما تحوز المؤسسة على أربعة مخابر مجهزة و مكتبة ثرية تحوي على 653 عنوانا . السعيد بومعراف شهيد الحرية و الانعتاق ولد الشهيد البطل السعيد بومعراف في 18 ماي 1937، بمنطقة ديدوش مراد ولاية بقسنطينة، و كان شابا مولعا بالحرية ما دفعه إلى الانخراط في صفوف جيش و جبهة التحرير الوطنيين سنة 1956 بالناحية العسكرية الثالثة، بالمنطقة الثانية التابعة للولاية الثانية، تقلد رتبة جندي في فرقة بن عمر، و شارك في عدة معارك و تميز بشجاعته و بسالته فسقط شهيدا للواجب في 1958 بالمعركة الشهيرة «السطارة» المعروفة ببني صبيح، و في 2009 حملت الثانوية اسمه، عرفانا بما قدمه من تضحيات جسام من أجل إعلاء راية الحرية و كسر قيد المستعمر الغاشم و تحقيق استقلال الجزائر. تلاميذ لم يمنعهم الفقر من تحقيق التفوّق ينطبق المثل القائل «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» على تلاميذ ثانوية سعيد بومعراف ببلدية بني حميدان، فغالبيتهم من عائلات فقيرة و معوزة يقطعون يوميا عشرات الكيلومترات من أجل الالتحاق بمقاعد دراستهم قادمين من المشاتي و الدواوير بواسطة حافلات النقل المدرسي، ورغم هذه الصعوبات اليومية التي يواجهها هؤلاء الأطفال في سبيل تحصيل العلم إلا أن الرغبة في النجاح و التفوق تعد حافزا لهم لذلك يجدون كثيرا في سبيل تحقيق نتائج مرضية في وقت وجيز و احتلال المراتب الأولى ولائيا، بدليل ترتيب الممؤسسة في شهادة البكالوريا خلال الأربع سنوات الأخيرة، حيث افتكت سنة2018 المرتبة الأولى و كسرت بذلك الصورة النمطية الشائعة عن مدارس الريف، كما تفوقت على بعض الثانويات العريقة و أزاحتها من على عرش قائمة التميز، خصوصا بعدما تمكن تلاميذها للسنة الثانية على التوالي من تحقيق المرتبة الأولى و تحصيل أعلى معدل بقسنطينة. و في هذا الشأن قال مدير الثانوية وليد لقرين، أن تلاميذه يتمتعون بقدر كبير من الوعي و المسؤولية و هو ما يمكن استشعاره في عدة نقاط فمثلا، عدد الغيابات ضئيل جدا مقارنة بصعوبة التنقل يوميا إلى المؤسسة خصوصا في فصل الشتاء ، كما أن معدل المقروئية بمكتبة الثانوية يتراوح بين 30إلى 35 بالمائة، و هو مؤشر مرتفع مقارنة بثانويات أخرى قد لا تعادل فيها النسبة 1 بالمائة. محدثنا قال، بأن هذا الجو التعليمي السوي، أعطى للإدارة و للطاقم التربوي دفعا كبيرا لمواصلة تطبيق البرنامج التربوي و التحسيسي المسطر من قبلهم لتحقيق الاستثناء، حيث يتبع القائمون على ثانوية سعيد بومعراف حسبه، منهاجا تكوينيا حديثا قائما على تقوية الثقة في النفس لدى الطلبة و تعزيز إيمانهم بقدراتهم عن طريق برنامج نفسي بيداغوجي و بالاعتماد على تقنيات التنمية البشرية. نوال زحاف صاحبة أعلى معدل في البكالوريا منحوني كتبا في الطب فزادوا عزيمتي على النجاح أثنت التلميذة نوال زحاف، صاحبة أعلى معدل في البكالوريا بقسنطينة على كل عمال الثانوية الذين عملوا بجد طوال السنة من أجل راحة التلاميذ و خلق جو ملائم للدراسة بغض النظر عن المعاناة التي تطبع حياة الكثيرين، فإلى جانب كونها طالبة متميزة إلا أن الدعم المعنوي المقدم من قبل الأساتذة و العمال لكل الطلبة كان دافعها للاجتهاد أكثر من أجل تشريفهم، حيث أخبرتنا عن الهدية التي خصها بها الأساتذة في منتصف السنة الدراسية على هامش تحصلها على نتائج جيدة، وهي كما قالت مجموعة من كتب السنة أولى جامعي تخصص طب، وذلك لعلمهم بأن هذه المهنة و تحديدا جراحة الدماغ تعد حلمها المستقبلي، وهو مشهد ترسخ في مخيلتها و كان حافزا قويا لها للعمل أكثر و افتكاك أول معدل بقسنطينة . المواظبة و الانضباط أرجع مدير ثانوية السعيد بومعراف، السيد وليد لقرون، في حديث جمعه بجريدة النصر، السر في النتائج الإيجابية التي حققها تلاميذ المؤسسة طوال الأربع سنوات الأخيرة، إلى المواظبة و الانضباط الذي يتميز به نظامها و التي يسهر طاقمها التربوي على فرضه من أجل تقديم الأفضل للطلبة، وهو ما أثمر حسبه، هذا النجاح فبالنسبة إليه، يعد أطفال المناطق البعيدة و النائية مميزين جدا رغم ما يعيشونه من حرمان مقارنة بأقرانهم في المدن الكبرى، فغالبا ما تكون الحاجة و الفقر دافعهم للنجاح، مستشهدا في حديثه بالطالبة ريان تيفوتي، التي وافتها المنية عند عودتها ذات يوم من الثانوية فرغم فقرها الشديد كانت مواظبة على دراستها وكان طموحها أن تتحصل على شهادة البكالوريا و تلج عالم الجامعة، وهو حال زملائها الذين حافظوا على وتيرة دراستهم إلى غاية آخر يوم من السنة دون تسجيل غياب واحد، وهو ما أثمر هذا الفوز.