تشهد التعاونيات الفلاحية والمزارع النموذجية بولاية جيجل وضعا كارثيا بسبب توقف النشاط بأغلبيتها والاستغلال غير الشرعي لأخرى ، حيث تحوّلت إلى ما يشبه الملكيات الفردية بعد أن تم احتلالها من طرف عائلات وأفراد بينما أدى إهمال بعض الممتلكات إلى نهبها وتحويلها لأغراض أخرى واستغلال الأراضي في النشاط غير المرخص والبناء الفوضوي. ك.طويل النصر وقفت على وضعية المزارع النموذجية، من خلال زيارة ميدانية و كذا التقارير المرفوعة للجهات المعنية و التي كانت متطابقة مع ما لاحظناه ميدانيا. مزرعة بوزطيط.. صراعات و مشروع شراكة في مهب الريح و تعرف مزرعة بوزطيط الطاهر الواقعة بالطاهير، وضعية مزرية منذ سنة 2004، علما أنها أنشئت سنة 1988 في إطار تجسيد استراتيجية التنمية الفلاحية آنذاك، و تقدر المساحة الإجمالية للمزرعة ب 112 هكتارا، من بينها 79 هكتارا صالحة للزراعة، و يتم في الوقت الراهن، استغلال 70 هكتارا من قبل 23 مستغلا، كما تضم المزرعة مساحة مبنية، من بينها مستودعان بحاجة للتهيئة و مدجنتان غير مستغلتين، و قد كانت المزرعة عند بدايتها تشغل 44 عاملا لكن في الوقت الراهن، لم يبق سوى 4 عمال. تدهور وضعية المزرعة نجمت عنه تراكمات، حيث أن بداية الأزمة كانت بسبب الصراع ما بين الإدارة و العمال لتأخذ منعرجا خطيرا في 2012 ، نجم عنه عصيان عام و استيلاء على المنتجات و سرقتها و الاعتداء على المسيرين و الاعتراض بقوة على جميع المبادرات التي اتخذت من قبل إدارة المزرعة قصد بعث النشاط، كما تمت سرقة عتاد المزرعة، لتأتي سلسلة الأحكام القضائية التي عقدت من وضعيتها أكثر، و تم على إثرها حجز كل تجهيزات البيوت البلاستيكية و بيعها بالمزاد العلني، كما شهدت المزرعة قيام سبعة عمال مطرودين، بالاعتداء على حوالي 40 هكتارا من أجود الأراضي بالمزرعة و استغلالها بشكل غير شرعي، لترفع ضدهم قضايا لدى المحكمة عقدت من الوضعية. و قد قامت شركة مساهمة الدولة المسير المباشر للمزرعة، سنتي 2011 و 2013 و في إطار الشراكة لاستغلال أمثل، باقتراحها ضمن الحصة رقم 03 للمزارع النموذجية، بالإعلان عن فتح شراكة و ذلك طبقا لتعليمة وزارية صادرة آنذاك، حيث عبر ثلاثة منافسين عن اهتمامهم بالاقتراح و قاموا بمعاينة المزرعة، إلا أن العملية لم يتبعها أي إجراء آخر و لم يتم إدراجها سنة 2017 في قائمة الشراكة، لتبقى المزرعة في حالة يرثى لها. مزرعة طوير محمد.. من همجية الإرهاب إلى الزحف الفوضوي وتقع المزرعة النموذجية طوير محمد التي أنشئت سنة 1989 بالعنصر، و تقدر مساحتها الإجمالية ب 162 هكتارا، من بينها 156 هكتارا صالحة للزارعة، شرع في استغلال 41 هكتارا من قبل 15 مستغلا، و تشير المعطيات المتحصل عليها، إلى أن العشرية السوداء (من 1992-2002)، أثرت بصفة كبيرة على وضعية المزرعة ، حيث عانت الكثير جراء العمليات الإرهابية، وتعرض عتادها للسرقة و التخريب إلا أنه تعذر على العمال الالتحاق و مباشرة عملهم بصفة منتظمة و بالتالي إهمال البساتين الموجودة. كما كان لقرار تحويل مقر إدارة المزرعة إلى ثكنة، الأثر السلبي هو الآخر و تسبب في توقف كلي عن النشاط في تلك المرحلة و عانت المزرعة من عدة مشاكل، على غرار الاستغلال غير الشرعي لأراضيها من طرف فلاحين، كما عرفت انتشارا للبنايات الفوضوية فاق عددها 35 بناية فوضوية و قابلة للتوسع في حالة عدم وضع حد لها، و الغريب في المشهد أن الزائر للمنطقة، يقف على استمرار الوضعية، رغم إشعار أصحاب هذه البنايات من طرف مديرية المزرعة. و قد تم في 2011، إدراج مزرعة طوير ضمن الحصة الأولى للمزارع النموذجية القابلة للشراكة و تم اختيار مرشح لإبرام عقد الشراكة و رغم إتمام و إعداد كل مراحل الصفقة، إلا أنها لم تتجسد و في سنة 2013، تم إدراجها مرة أخرى، حيث تقدم ثلاثة (3) مترشحين بعروض لدى الهيئة المشرفة و تم اختيار مرشح لم يعلن عنه بصفة رسمية، ومؤخرا شرعت الهيئة المسيرة ، بوضع تصور للنهوض بها و بعث نشاطها بشكل تدريجي، حيث قامت بإبرام عقود شراكة قصيرة المدى مع فلاحين خواص لاستغلال الأراضي، حيث تتمحور منتجاتها في زراعة الفراولة، الطماطم الصناعية و «الدلاع». نشاطات غير قانونية داخل تعاونيات كان لسياسة إعادة التنظيم سنة 1987، أثر قوي على التعاونيات الفلاحية بالولاية من ناحية التكييف و التنظيم و حتى الاستغلال، حيث بلغ عددها بعد صدور المرسوم المحدد للقانون الأساسي النموذجي لها لسنة 1988 و عشية صدور المرسوم المحدد للقواعد التي تحكمها سنة (1996)، ثمانية عشر ( 18) تعاونية، (09) تعاونيات للخدمات و التموين و (09) أخرى لتربية الدواجن و الحيوانات، إلا أن هذا العدد تراجع بشكل كبير، ففي مدة 20 عاما، تقلص لينحصر في ست (06) تعاونيات فلاحية معتمدة. و تعتبر التعاونية الفلاحية للخدمات المختصة بجيجل، من بين التعاونيات السباقة للتأسيس سنة 1999، و هي مختصة في بيع الأسمدة، البذور و الأدوية الفلاحية و لكن مع مرور الوقت، تناقص نشاط التعاونية و كاد يتوقف نهائيا، حيث يقتصر في الوقت الراهن على بيع الأسمدة فقط، مع إهمال تام لممتلكات التعاونية على مستوى الملحقة بالغريانة، مع كراء مستودعين لشركة ذات المسؤولية المحدودة، لممارسة نشاط غير فلاحي يخص تخزين مواد فلينية. أما التعاونية الفلاحية للخدمات و التموين بالقنار و التي يتمثل النشاط الذي أنشئت من أجله في بيع الأسمدة، الأدوية و البذور و اللوازم الفلاحية، فلا أثر لأي نشاط بها، فمقرات التعاونية بسيدي عبد العزيز، مهجورة و متدهورة ، على غرار سقوط أسقف المستودعات، أما في ما يتعلق بالمقر الاجتماعي للتعاونية بالقنار، فقد تحول إلى محل لبيع الأسمدة و اللوازم الفلاحية بالتجزئة، كما أنها لم تتحصل على عقد امتياز لاستغلال العقار الذي تتواجد عليه ،و المتمثل في أراض فلاحية بامتياز. أما التعاونية الفلاحية للخدمات المختصة بالطاهير، فمختصة في بيع الأسمدة، و البذور و اللوازم الفلاحية، و تضم مخزنا للمازوت ضمن الممتلكات، و قد عرفت نشاطا كبيرا في وقت سابق، و مع مرور الوقت تعرضت ممتلكاتها للإهمال و لم تعد تقدم أي خدمة لمنخرطيها و اقتصرت ممارساتها على كراء المستودعات و المقرات لممارسة مختلف النشاطات التجارية الأخرى، على غرار مستودع لبيع المشروبات الغازية المستغل لبيع التجهيزات الكهرومنزلية، فيما أضحى مخزن البنزين، يمون مختلف المركبات المارة و الذي يفترض أن يمون الجرارات و الفلاحين بالمادة الحيوية، لكن غياب الرقابة من قبل الجهات الوصية، أدى إلى التصرف فيه بكل حرية. و تجدر الإشارة، إلى أن التعاونية لم تتحصل على عقد امتياز لاستغلال العقار الذي تتواجد عليه، و قد كانت محل قرار للتصريح بالمنفعة العمومية صادر عن الولاية لإنجاز مشروع محكمة على أرضيتها. و قد قام القائمون على شؤون التعاونية الفلاحية للخدمات المختصة في تنمية الفلاحة البلاستيكية بجيمار، الواقعة بمنطقة فلاحية بامتياز و لها ممتلكات مهمة، بتأجير جل الممتلكات، فيما توقف النشاط كلية بالتعاونية الفلاحية لتربية الدواجن و الأرانب قاوس (جيجل سابقا) و أهملت ممتلكاتها إلى أن تم تأجيرها، في حين أرجع السبب الرئيسي لعدم نشاطها، طيلة سنوات، إلى عدم امتلاك التعاونية لعقد بيع الممتلكات محرر من طرف مديرية أملاك الدولة و ذلك منذ 2002، و كانت موضوع استرجاع لممتلكاتها الواقعة بالمدخل الشرقي لبلدية جيجل، لإنشاء مقرات إدارية و تم تعويضها بممتلكات تعاونية أخرى بقاوس، مما فوت عليها فرصة الاستفادة من قروض بنكية لبعث النشاط من جديد. أما التعاونية الفلاحية المختصة في تربية النحل قاوس، و هي الوحيدة التي تعرف نشاطا جزئيا، فوضعيتها مستقرة من ناحية النشاط أو الصيانة و استغلال مختلف الهياكل، و ذلك في ظل التوافق في التسيير كون الإدارة عملية و العمال منظمون، و هي التي تضم وحدة إنتاجية لإنجاز خلايا النحل، إضافة إلى قاعة للتكوين و التحسيس موجهة خصيصا لمربي النحل، و بالرغم من ذلك فالتعاونية لم تتحصل على عقد امتياز لاستغلال العقار الذي تتواجد عليه. جل التعاونيات في حالة توقف و 50 بالمئة من المزارع مهملة و تشير التقارير المقدمة من قبل مصالح مديرية الفلاحة، إلى أن الوضعية مماثلة لما تمت معاينته، و حسب التصريحات و المعلومات المستقاة خلال دورة المجلس الشعبي الولائي، فقد تبين بالموازاة مع تم تسجيله خلال الخرجات الميدانية، بأن جل التعاونيات في حالة توقف تام عن النشاط، سوى تعاونية تربية النحل بقاوس، و تشير ذات المصالح أنها قامت عبر العديد من المحاولات، بإعادة بعث النشاط فيها، على غرار التحسيس و إعطاء المفهوم الحقيقي لمعنى الانخراط في التعاونيات الفلاحية و التأكيد على ضرورة فتح الباب للفلاحين و كذا تغيير مجالس تسيير تعاونيات. و في ما يتعلق بالمزارع النموذجية، فقد عملت ذات المصالح بمقتضى التعليمة الوزارية رقم 219، المؤرخة في 14 مارس 2011 و المتعلقة بشروط و طرق تنفيذ عقد الشراكة لاستغلال المزارع، إذ تبين بأن حالة المزارع مهملة بنسبة 50 بالمائة، كما أشارت ذات المصالح، إلى وجود تسع قضايا مطروحة أمام العدالة، تخص البنايات غير الشرعية التي أنجزت فوق أراضيها. كما أكد منتخبون بالمجلس الشعبي الولائي عبر تقرير لجنة الفلاحة، أن الوضعية كارثية بمختلف التعاونيات الفلاحية و المزارع النموذجية بجيجل و تتطلب من السلطات التدخل العاجل و بطرق جدية و فعالة لمحاربة مختلف الظواهر السلبية المحيطة بها. عجز في التسيير و عائلات تضع يدها على ممتلكات و ذكر رئيس الغرفة الفلاحية باقة توفيق، أن الأخيرة لم يتبق منها سوى الاسم، ماعدا التعاونية الولائية المختصة في تربية النحل بقاوس و التي لا تزال تحتفظ ببعض النشاط الذي يخدم الفلاحين المربين، من خلال بيع النحل و مواد متعلقة بهذا النشاط، فيما تعتبر باقي التعاونيات أطلالا تستغل من طرف عائلات و أفراد خارج الأطر الشرعية، دون سجلات محاسبية لا رقيب و لا حسيب و لا متابعة، فوجود إطارات مسيرة «عرجاء» غير قادرة على رسم أفق جلب منخرطين جدد بحكم العلاقة السيئة التي تربطهم بالوسط الفلاحي، جعلهم يغلقون على أنفسهم و يستغلون أملاك التعاونيات لمصالحهم و قد وجهت لهم عشرات الإنذارات، لكن غياب الصرامة في تطبيق القوانين، سهل من احتكار أملاك التعاونيات، حتى صار الفلاح يقول تعاونية «فلان». و يرى المتحدث، بأن الحلول للنهوض بها عديدة، إذ يجب مراجعة القانون الأساسي للتعاونيات، كون القانون الأساسي قديم جدا و يعرقل السير الجديد للتعاونيات، إذ من خلاله نستطيع منح صلاحية تعيين و تسير التعاونية للإدارة ممثلة في وزير الفلاحة و كذا منح الحرية للتعاونية في التعاون، أما في ما يتعلق بالمزرعتين النموذجيتين، فقال المتحدث، بأنه يمكن تقديم العديد من الحلول و من الممكن تحويلها للغرف الفلاحية لتسيرها.