تقترح دراسة من إنجاز باحثين جزائريين مقاربة جديدة لحماية الأطقم الطبية من الإصابة بفيروس كورونا المستجد من خلال التركيز على تقوية الجهاز المناعي ومقاومة الالتهابات، فضلا عن كبح التأثيرات النفسية السلبية التي تضعف حصانة الفرد تجاه المرض. وأنجز المقال العلمي الذي يضم الدراسة والمنشور ب"دورية شمال إفريقيا للبحث في الغذاء والتغذية" كل من البروفيسور بشير بن عربة، رئيس قسم البيولوجيا وباحث بمخبر البحث في الأنظمة البيولوجية والجيوماتيك بجامعة مصطفى إسطمبولي بمعسكر ومكون دولي في البحث، والدكتور عادل قوري، أستاذ الصيدلة وباحث بمخبر التحاليل البيوكيميائية الطبية في كلية الطب بجامعة عنابة ومكون دولي في نفس المجال، حيث جاء بعنوان "علاجات وقائية جديدة للطواقم الطبية قبل التعرض لفيروس كوفيد 19 وبعده". و ورد في التعريف بالعمل أن "الطواقم الطبية تعرضت للإصابة منذ ظهور الفيروس في ووهان الصينية، كما أنها عرضة لخطر كبير، فضلا عن أن الجائحة تؤدي إلى الإصابة بالعديد من الاضطرابات النفسية مثل القلق والإجهاد والاكتئاب، وحتى اضطرابات عصبية وعقلية... وقد استدعت منا الجائحة اللجوء إلى طريقة تدخل غذائية من شأنها الوقاية من الأثر السلبي للفيروس على الطواقم الطبية أو تقليصه". وأكد البروفيسور بشير بن عربة، في تصريح للنصر، على عدم وجود علاج حقيقي للإصابة بفيروس كورونا المذكور إلى غاية اليوم، مشيرا إلى أن بعض الأنباء من الصين تتحدث عن شفاء أشخاص وإصابتهم مجددا، ما يدل على أن اللقاح يمكن أن يكون مفيدا، لكن هذه المعطيات لا تصب في هذا المنحى، مثلما قال. وأضاف البروفيسور أن المادة الوراثية للفيروس عبارة عن حمض نووي ريبوزي RNA، فهو وحيد السلسلة، ما يتسبب في وقوع أخطاء في سلسلة النسخ عند تثبته على مستقبله الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2، ويؤدي إلى بروز طفرات فيه، لذلك يمكن أن تكون نسخة الجزائر من الفيروس مختلفة عن المسجلة في إيطاليا أو الصين أو مكان آخر، مثلما أوضح. ويرى معدا الدراسة مثلما أوضح لنا البروفيسور، أن أفضل وسيلة للمواجهة تكمن في تقوية الجهاز المناعي باعتبار أن المرض فيروسي، حيث تسجل مناعة ضعيفة قبل الإصابة بالفيروس لدى أصحاب الحالات التي استعصت، بينما تقوم المقاربة التي يقترحانها على استعمال المغنزيوم والزنك ومجموعة من فيتامينات باء، تتمثل في باء 1 وباء 6 وباء 9 وباء 12. وأشار محدثنا إلى أن هذا الخليط يقوي جهاز المناعة ويقاوم الالتهابات، خصوصا وأن الوفيات المسجلة بالفيروس قد تضمنت حالات التهابية كثيرة نتيجة الإصابة به. وأوضح نفس المصدر أن الدراسات لاحظت ظهور مشاكل ذهنية وعصبية على الأطقم الطبية الموجهة لمحاربة الفيروس بسبب الخوف من التعرض للإصابة، ولكونه فيروس جديد وغير معروف، فضلا عن أن الكثير من أفراد هذه الأطقم ليست متخصصة في الأمراض التنفسية وحولت للتعامل مع المصابين بدافع الحاجة، حيث يمكن للعوامل النفسية أن تتسبب في إضعاف مناعتها، في وقت يملك فيه الخليط المقترح في الدراسة القدرة على تعزيز الجانب النفسي، مثلما يؤكد البروفيسور. وأشار نفس المصدر إلى أن ثلاثة مقالات علمية أخرى بصدد النشر، وهي من إعداد البروفيسور بن عربة، الذي يعمل كباحث أيضا في المركز القومي الإسباني فضلا عن أنه مختص في التعليم الإلكتروني على غرار الأستاذ قوري أيضا، من بينها مقال في مجلة أمريكية حول ثلاث نباتات عطرية جزائرية يمكن استخدامها في الوقاية من الفيروس والمساعدة في علاج المصابين، كما أوضح أنهما نشرا العديد من الأبحاث من قبل حول مرض السرطان. دراسات اعتبرت مناعة شعوب أقوى من غيرها وذكر البروفيسور أن بعض الدراسات ذهبت إلى أن مناعة بعض الشعوب للفيروسات أقوى من غيرها، وضرب المثال بدراسة ربطت بين نقص المعادن لدى بعض المجتمعات والإصابة بفيروس «سارس 1» الذي ظهر مطلع سنوات ألفين، موضحا أنه من الممكن أيضا أن تختلف المستقبلات بين الشعوب، في حين تحدث عن إمكانية انحسار فيروس «كوفيد 19» بطريقة طبيعية بعد أن تجعله الطفرة ضعيفا، لكنه نبه أنها قد تجعله أكثر عدوانية أيضا، ما يقدم مقاربة تقوية الجهاز المناعي. من جهة أخرى، قال البروفيسور «أننا في الجزائر لا نتعرض للشمس بصورة كافية، ما يؤدي إلى نقص المناعة»، مبرزا أن «مشكلة العالم منصبة في إيجاد علاج دوائي وسريري للفيروس، لكنه نسي أن جبهة الدفاع الأولى للإنسان هي جهازه المناعي». واعتبر محدثنا أن الجائحة قد أثبتت أنه لا يمكن لأي دولة أن تنقذ نفسها من الفيروس إلا بالاعتماد على كفاءاتها البحثية، مضيفا أن التحدي اليوم هو في تحفيز الكفاءات على البقاء في الجزائر وعدم الهجرة إلى الخارج، فرغم وجود إرادة ممثلة في الجهود الكبيرة التي تقوم بها المديرية العامة للبحث العلمي بوزارة التعليم العالي، إلا أن القوانين تبقى جامدة وبيروقراطية وغير مواكبة لسيولة ومرونة التسيير التي يستلزمها البحث العلمي، مثلما قال، ضاربا المثال بالإجراءات المعقدة التي تواجه عملية البحث في كثير من الأحيان عند الرغبة في اقتناء بعض المواد.