* أعاني من ثالوث المرض و الفقر و التهميش أعرب عميد الأغنية الشاوية عبد الحميد بوزاهر عن أسفه لما آلت إليه الأغاني الجزائرية التي تجسد الأصالة و التراث العريق، و من بينها الأغنية الشاوية التي تملك كل المؤهلات، كما أكد، لتحقيق الانتشار الواسع داخل و خارج الوطن، لكنها لم تحظ بالتشجيع و الدعم الكافيين، و حتى بعض المغنيين الشباب الذين ينجذبون إليها، سرعان ما ينسحبون، نظرا لخصوصيتها، فهي تتطلب قوة و نقاء الصوت و طول النفس، ما جعل بعضهم يتوجهون إلى طبوع شبابية تحقق لهم الأرباح السريعة، معترفا بأن تمسكه طيلة 52 عاما بأداء الأغنية الشاوية، مكنه من نحت اسمه في ذاكرة التراث الفني و قلوب جمهوره، لكنه لم ينقذه اليوم، و هو في 75 من عمره، من ثالوث المرض و الفقر و التهميش. ابن ولاية خنشلة يرى بأن عديد الأغاني العصرية التي تجذب إليها الجيل الجديد، لا تحمل أي رسالة فنية أو اجتماعية و إنسانية ، و أغلبها تولد ميتة، حتى و إن قام مؤدوها بتسجيلها و تسويقها، عكس القديمة، و أوضح أنه قضى عقودا من الزمن في أداء الأغاني الشاوية التراثية العريقة ، و كتابة مجموعة من الأغاني بنفسه و أدائها ، محافظا في كل الحالات على روح هذا الطابع الفني و على نغمات القصبة الشاوية التي تختلف عن الصحراوية، مؤكدا أنه يحب الغناء و يبدع فيه، و لم يستعمله يوما من أجل جمع المال، بدليل أنه لم يسجل سوى سبع ألبومات، و أول أسطوانة برصيده سجلها في 1970 . أفتخر بتقمص شخصية عيسى الجرموني و يعتبر المتحدث، الشيخ علي الخنشلي، أستاذه الأول الذي صقل موهبته و علمه الفن الأصيل، ثم ضمه إلى فرقته، و بعد أن تقدم العمر بأستاذه ضمه إلى فرقته، معربا عن حنينه للعصر الذهبي للأغنية الشاوية في عهد علي الخنشلي و قبله عيسى الجرموني، مشيرا إلى أنه يفتخر بتقمصه شخصية أيقونة هذه الأغنية الجرموني في فيلم حول مساره في 1983 من إخراج عبد الرزاق هلال. و أعرب بو زاهر عن حنينه الكبير للغناء و إحياء الحفلات و الأعراس، لكن حالته الصحية لا تسمح بذلك، فهو مريض منذ أكثر من سنة، مشيرا إلى أنه دخل منذ حوالي شهر و نصف إلى مستشفى خنشلة، إثر وعكة صحية، لكنه لم يمكث به سوى يومين، لأن طبيبه الدكتور صالحي، نصحه بالعلاج في البيت، حتى لا يصاب بعدوى فيروس كورونا، و ظل يتابع حالته و يصف له العلاج إلى غاية اليوم، و قد تحسن قليلا، كما قال، بفضله، موجها إليه كل الشكر و الامتنان. و عن مشاكله الصحية الراهنة، قال الفنان، أنه يعاني من مرض في القلب و ارتفاع ضغط الدم و السكري و التهاب في المفاصل، و فند كل ما صرحت به إحدى الجمعيات بخنشلة حول رغبته في العلاج في الخارج، مؤكدا بأنه لا يسمح لأي جهة بالتحدث مكانه، و مشددا بأنه متمسك بالعلاج ببلاده عند طبيبه. أتمنى دراسة وضعية الفنانين عديمي الدخل و المرضى ضمن قانون الفنان أضاف المتحدث بأنه كرس معظم سنوات عمره للغناء الأصيل و الجميل ، و اتخذه مصدر رزقه الوحيد، يعاني اليوم من ظروف صحية، مادية و اجتماعية قاسية، فهو يعيش على الأدوية و الخبز و الجبن و المصبرات، بعد أن أنهكته الشيخوخة و الأمراض المزمنة و جحود الأقربين، كما قال للنصر، و كل ما يتمناه أن تلتفت السلطات العليا للبلاد لفنانين أسعدوا الجمهور لأكثر من نصف قرن، و لا يستطيعون مواصلة العطاء الفني لأسباب صحية، معترفا أنه ينتمي إلى هذه الفئة التي تعاني في صمت و تشعر بالألم و الإهانة، عندما تكتفي مصالح البلدية التي يقيم بها، بتقديم له قفة للمواد غذائية في رمضان . بطل «عيسى الجرموني»، الفيلم الوحيد الذي قدمه خلال مساره الفني المرصع بعشرات الأغاني الخالدة، أوضح أن آخر عرس أحياه منذ أكثر من سنة، أي قبل أن يحتم عليه المرض ملازمة الفراش، و حتى المنحة التي تلقاها منذ شهور، على غرار بقية الفنانين من قبل مصالح وزارة الثقافة، اضطر لإنفاقها في جنازة زوجته، و هو الآن دون دخل، أو مساعدة من أي جهة، لهذا يلتمس من الوصاية دراسة إمكانية تخصيص منحة لكل فنان، قدم الكثير للساحة الفنية طيلة عقود طويلة من الزمن، و أقعده المرض عن العطاء الفني و ليس له أي مصدر دخل، مضيفا بأنه يتمنى دراسة هذه الحالات في قانون الفنان الذي يجري إعداده، حفاظا على كرامة و إنسانية هذه الفئة الصامتة المهمشة.