كتب فريق جمعية عين كرشة صفحة جديدة في سجله، وذلك بتحقيق صعود تاريخي إلى وطني الهواة، وهي الحضيرة التي لم يحلم أكبر المتفائلين من أسرة «لاجيباك» بالتواجد فيها، لكن «المعجزة» الكروية تحققت بفضل سلاحي الإرادة والنيف، لينجح الفريق في تجسيد «حلم وردي» بعد 72 سنة من الوجود في الساحة الرياضية. روبورتاج : صالح فرطاس صعود أبناء «الكرشة» إلى الدرجة الثالثة كان بمثابة المفاجأة المدوية في بطولة ما بين الجهات، لأن المعطيات الأولية للمجموعة الشرقية كانت تضع «لاجيباك» خارج دائرة حسابات الصعود، بحكم أنها تفتقر للخبرة والتجربة في هذا القسم، على اعتبار أن الجمعية كانت تخوض أول تجربة لها في هذه الحضيرة، لكن الموازين انقلبت رأسا على عقب، وظهر الفريق كقوة ضاربة، متحديا كل العقبات، ليكون بمثابة «الحصان الأسود» للبطولة. إدراج هذا الإنجاز في خانة المفاجآت مستمد بالأساس من مشوار النادي في المواسم السابقة، لأن تشكيلة «الكرشة» ظلت من المنشطين التقليديين لبطولة الجهوي الأول لرابطة قسنطينة، وكانت في كل مرة تخسر رهان الصعود في المنعرج الأخير بطريقة «دراماتيكية»، فما كان على أسرة النادي سوى انتظار صائفة 2019 لتلقي أغلى هدية من الفاف باعتماد صعود أصحاب المرتبة الثانية في الجهوي إلى قسم ما بين الرابطات، لتستفيد «لاجيباك» من هذا الاجراء، وتتخلص بذلك من جحيم الجهوي الذي طاردها لسنوات طويلة. وعرفت الجمعية هذا الموسم استقرارا من الناحية الإدارية بمواصلة الرئيس العربي العمري قيادة النادي للسنة الثالثة تواليا، لكن مع رفع عارضة الطموحات عاليا، لأن الصعود إلى وطني الهواة أصبح الغاية المرجوة من أجل تفادي العودة السريعة إلى الجهوي، فكانت استراتيجية العمل المنتهجة مبنية بالأساس على تكوين فريق منسجم استطاع تجاوز عامل نقص الخبرة، وذلك بضم لاعبين من مستويات أعلى، في صورة شبانة، بخة، عتشوم، عقون، قرفي، سعداوي، خياط، نعمون وغيرهم، مع الاحتفاظ بالركائز من أبناء الفريق، خاصة القائد حوادسي، مقابل ترقية بعض الشبان، لأن التعداد الإجمالي لم يتجاوز 24 لاعبا، فكانت مسيرة الفريق جد موفقة، باستحواذه على المركز الريادي في أغلب الجولات، ليكون التتويج باللقب الشتوي بمثابة المؤشر الذي عبّد أكثر الطريق نحو القسم الأعلى. تألق «لاجيباك» في أول ظهور لها في قسم ما بين الرابطات، أعاد العلاقة بين الفريق وأنصاره الأوفياء، والذين جسدوا ذلك بعودتهم القوية إلى مدرجات ملعب عمار بوشوارب، التي هجروها لسنوات طويلة بسبب توالي «النكسات»، فكان «المارد الأحمر» من أبرز الحلقات التي ساهمت في صنع ملحمة الصعود، بالوقوف إلى جانب اللاعبين والمسيرين، رغم أن التشكيلة سجلت 3 تعادلات بملعبها، مقابل النجاح في حصد 15 نقطة خارج الديار، ليكون الأقوى على جميع الأصعدة، ولو أن مشكل التمويل ألقى بظلاله، سيما وأن مؤشر الديون ارتفع، بسبب تقليص حصة النادي من ميزانية البلدية بالمقارنة بالمواسم الماضية، لكن وعود «المير» بتسوية الديون جعل المكتب المسير يتفاءل بالقدرة على تجسيد مشروع رياضي مستقبلي، يسمح للفريق بالمحافظة على الإنجاز التاريخي المحقق. التعداد الرسمي للفريق لموسم 2019 / 2020: حراس المرمى: قرفي فارس – سعداوي مروان – قلقول فارس. الدفاع: جدول سيف الدين – عتشوم أسامة – زغدود عثمان – عقون أمين – سايح سيف الدين– شبانة صابر بوغرارة إسلام هباز لخضر– معنصر حمزة. وسط الميدان: حوادسي عمار – عقيني حمزة – قلوح سامي – بخة يوسف دقيش سامي آيت عبد السلام إسماعيل بوناب زين الدين. الهجوم: خياط نوفل- نعمون عمر العمري أسامة – بوعروري بومدين – معروف زهير. رئيس النادي: العمري العربي. المدرب الرئيسي: مهناوي فريد. المدرب المساعد: زللو فواز. مدرب الحراس: مفاز فيصل. الكاتب العام: غزلان أحمد. طبيب الفريق: غنام قوريش. المسيرون: عروج ميلاد – قلاتي رابح - دباش سليم – غنام سمير– هباز رمزي – العمري سلامة بن طاقة زبير هوارة خالد دباش الشافعي منيع مراد قلاتي حفيظ مصلة جمال قلاتي عزيز زيان خميسي قلاتي سامي مفاز صابر قجوح السعدي قلاتي حميد. رئيس النادي العربي العمري: حققنا «معجزة» كروية في ظرف سنتين وننتظر المكافأة - ما تعليقك على الطريقة التي حقق بها فريقكم الصعود إلى وطني الهواة لأول مرة في تاريخه؟ الإنجاز المحقق كان عبارة عن «معجزة» كروية»، تجسدت ميدانيا، كيف لا؟، وفريقنا ظل لسنوات طويلة قابعا في الجهوي الأول، يكتفي كل موسم بالتنافس على ورقة الصعود إلى قسم ما بين الرابطات، لكنه يخسر الرهان دوما في آخر منعرج، وبالتالي فإن التواجد في وطني الهواة لم يكن يخطر ببال أكبر المتفائلين بالنظر إلى «السيناريوهات الدراماتيكية» التي عشناها، وحلم الأنصار الأوفياء كان منحصرا في رؤية «لاجبياك» في بطولة ما بين الجهات، إلا أن استراتيجية العمل التي انتهجناها كانت ناجحة، وكللت بتحقيق الصعود مرتين متتاليتين، فخرج الفريق من معاناة الجهوي ليظهر كقوة ضاربة في بطولة ما بين الرابطات، فكان الصعود إلى وطني الهواة عن جدارة واستحقاق، بعد التتويج باللقب في المجموعة الشرقية، أمام فرق عريقة لها خبرة طويلة في مستويات أعلى. - وما سر هذا التغيير المفاجئ في مسيرة الفريق ونجاحه في ظرف سنتين في تحقيق ما عجز عنه لعقود طويلة من الزمن؟ ليس هناك أي سر، وكل ما في الأمر أنني عندما توليت رئاسة النادي حاولت استخلاص العبر من الدروس القاسية التي عاشها الفريق في المواسم السابقة، وقد كانت خاتمة تجربتي الأولى كرئيس قاسية، بعد خسارة رهان الصعود في الجهوي الأول لصالح شباب ميلة، بطريقة «هيتشكوكية» في الجولة ما قبل الأخيرة، إلا أن ذلك لم يحد من عزيمتنا في مواصلة العمل سعيا لتجسيد حلم الأنصار، مع انتهاج الشفافية التامة في التسيير، ولو أن خروجنا من جحيم الجهوي الأول كان بفضل قرار المكتب الفيدرالي في صائفة 2019، لأن الجمعية احتلت مرة أخرى الصف الثاني خلف شباب الميلية، فكان الصعود بمثابة أغلى هدية نتلقاها من الفاف، ليكون هذا الصعود منعرجا حاسما في مشوار الفريق، خاصة وأن مغامرتنا الأولى في بطولة ما بين الجهات تزامنت مع مشروع تطبيق نظام جديد للمنافسة، الأمر الذي زاد في إصرارنا على عدم تفويت الفرصة، والصعود إلى وطني الهواة. - لكن السباق كان ساخنا في مجموعة صعبة للغاية، فكيف كبرت طموحاتكم من الصعود إلى التتويج باللقب؟ كما سبق وأن قلت، فإن الهدف الذي سطرناه في البداية كان منحصرا في السعي لانتزاع إحدى التذاكر ضمن «كوطة» الصعود، لأن الأمر ليس سهلا في المجموعة الشرقية التي تضم فرقا قوية، لها خبرة طويلة، على غرار ترجي قالمة، شباب الذرعان، اتحاد الحجار، دون نسيان وفاق القل وأمل مروانة بعد سقوطهما من الهواة، وكل المتتبعين كانوا قد وضعوا «الكرشة» خارج حسابات الصعود، لأن فريقنا لم تكن لديه الخبرة في هذا المستوى، إلا أننا تجاوزنا هذا العامل بسلاح الإرادة، حيث شكلنا مجموعة منسجمة ومتناسقة فيما بينها، مع إلتفاف المسيرين والأنصار حول الفريق منذ البداية، مما أعطى اللاعبين المزيد من الثقة في النفس والإمكانيات، فكان تصدرنا ترتيب المجموعة في أغلب الجولات أبرز دليل على قوة التشكيلة ميدانيا، مع النجاح في التعامل مع الظروف الاستثنائية التي عشناها في أغلب المقابلات، لأن المنافسة كانت قوية جدا، والتتويج باللقب لم يكن هدية، بل ثمرة عمل ميداني جاد قمنا به، لتكون ثمار ذلك ترسيم الصعود عند التوقف الاضطراري للمنافسة بسبب جائحة كورونا، لأن «لاجيباك» كانت الفريق الوحيد الذي ضمن حسابيا الصعود في المجموعة الشرقية، وحساباتنا كانت مبنية على لقب البطولة، وقد كنا في طريق مفتوح نحو المنصة. - وكيف تنظرون إلى مستقبل الفريق بعد هذا النجاح التاريخي؟ الحديث عن المستقبل يبقى مرهونا بالجانب المادي، لأنني ومنذ إشرافي على رئاسة النادي عمدت إلى رسم خارطة طريق ترمي إلى تجسيد مشروع رياضي، يهدف بالأساس إلى المراهنة على التشبيب، ومنح الفرصة أكثر لأبناء عين كرشة، مع إعطاء اهتمام أكبر بالفئات الشبانية، لتبقى البلدية المصدر الرئيسي للتمويل، وقد تلقينا وعودا من «المير» شهر ديسمبر الفارط من أجل التكفل بإجمالي الديون في نهاية الموسم، بعدما كان الفريق على وشك التوقف، وهي الوعود التي جعلتنا نلجأ إلى الاقتراض لضمان مواصلة الفريق لمسيرته بنفس «الديناميكية»، سيما وان مؤشرات الصعود كانت قد لاحت في الأفق، لتكون حصيلة ذلك انهاء الموسم بديون 2,8 مليار سنتيم، ناتجة عن تسيير موسمين، لأن إعانة الصائفة الفارطة كانت قد خصصت لتسديد ديون الموسم قبل الماضي، والبلدية في مداولتها الأخيرة خصصت دعما بقيمة 2 مليار سنتيم، وهذا المبلغ لا يكفي لتسوية ملف الديون، مما يعني بأن المستقبل يكتنفه الكثير من الغموض، والفريق بحاجة إلى إعانة أكبر، سيما وأن حصة النادي من إعانات البلدية تراجعت بشكل ملحوظ بالمقارنة مع ما كانت عليه في السنوات الماضية، وكأن الأمور تسير في الإتجاه المعاكس، لأن الفريق لما كان ينشط في الجهوي كانت لا تقل إعانته عن الملياري سنتيم، كما أن مشكل الملعب يبقى مطروحا، بسبب التحفظات المسجلة، ومصلحة «لاجيباك» تبقى فوق كل اعتبار، ونحن نسعى لتوفير الشروط التي تمكننا من المحافظة على المكسب التاريخي المحقق، مادام البقاء في قسم الهواة لن يكون بالأمر السهل . مدرب الفريق فريد مهناوي: روح المجموعة سلاحنا - ما هي قراءتك الأولية في الإنجاز الذي حققته مع الفريق؟ موافقتي على قيادة الفريق كانت بنية تفادي العودة السريعة إلى الجهوي، لكن المعطيات تغيرت بعد اعتماد الفاف نمطا جديدا للمنافسة بعد انطلاق الموسم، فوجدنا أنفسنا مجبرين على المراهنة على الظفر بمركز ضمن النصف الأول من سلم الترتيب، والمنافسة كانت شديدة مع أندية لها خبرة طويلة في مستويات أعلى، ولو أن أهم منعرج في مشوارنا كان الفوز المحقق في الجولة الرابعة بالميلية، لأن تذوق نشوة الإنتصار خارج الديار أعطى اللاعبين الكثير من الثقة في النفس والإمكانيات، وجعل الأنصار يلتفون أكثر حول الفريق، فضلا عن الدور الكبير الذي لعبه المسيرون، فكانت ثمار ذلك سلسلة من النتائج الإيجابية، والتي نصبت الجمعية في صدارة الترتيب، سيما بعد الانتصارات التي حققناها خارج الديار ضد مروانة، تازوقاغت وبومهرة. - لكن التتويج باللقب لم يكن منتظرا،، أليس كذلك؟ عند النظر في تركيبة المجموعة الشرقية، يمكن القول بأن جمعية عين كرشة لم تكن مرشحة لانتزاع إحدى تأشيرات الصعود، إلا أن روح المجموعة كانت وراء ظهور الفريق كقوة ضاربة في البطولة، بعد التأقلم بسرعة مع أجواء هذا القسم، والدخول الموفق في الجولات الأولى كان ثمرة التحضيرات الجادة التي قمنا بها، مما ساعدنا على كسر «الطابوهات» مبكرا، والتواجد دوما ضمن رباعي الصدارة، وتتويجنا باللقب الشتوي فتح الشهية وجعلنا نرفع عارضة الطموحات، بالمراهنة على لقب البطولة، فكان النجاح حليفنا، رغم أن مرحلة الإياب كانت صعبة للغاية، لأن كل اللقاءات كانت مهمة، وكثير من الأندية ظلت تتنافس من أجل الصعود، لكن انفصالنا المسبق عن حسابات المركز الثامن خلصنا من الكثير من الضغوطات، وقد كنا نمني النفس بإكمال الموسم للتأكيد أكثر على أحقيتنا في اللقب، لأن الرزنامة المتبقية كانت تخدمنا، لكن جائحة كورونا أفسدت كل الحسابات، وحرمتنا من الاحتفال مع أنصارنا بالإنجاز المحقق. - وماذا عن مستقبلك مع الفريق بعد هذا الإنجاز؟ شخصيا لم أتحدث مع الطاقم الإداري إطلاقا بخصوص هذه القضية، ولو أنني وجدت راحتي في «لاجيباك»، بعد تكوين مجموعة متلاحمة، حظيت بدعم ومساندة المسيرين والأنصار، لكن الحديث عن هذا الأمر سابق لأوانه مستقبلي مع الفريق، لأن اللجنة المسيرة مازالت منشغلة بمخلفات الموسم الماضي، وكذا التحضير للجمعية العامة، رغم أن المعطيات واضحة، حيث أن تدعيم التعداد بلاعبين أصحاب خبرة ضرورة حتمية، لأن المنافسة في قسم الهواة صعبة للغاية، وضمان البقاء يمر عبر شروط عسيرة، تتصدرها الامكانيات المادية، التركيبة البشرية وكذا الملعب، على اعتبار أن البطولة ستكون بطابع «الديربيات»، والرؤية في المجموعة الشرقية ليست واضحة، في وجود العديد من الأندية العريقة.