تلتقي الحكومة بشركائها الاقتصاديين والاجتماعيين، ابتداء من اليوم الثلاثاء وطيلة يومين، لبحث خطة الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي، التي رصدت لأجلها بحسب تقديرات أولية 20 مليار دولار، حيث سيبحث الاجتماع شروط وآليات اعتماد المخطط، وكذا اقتراحات النقابات وتنظيمات أرباب العمل، كما سيناقش اللقاء تداعيات جائحة كورونا على القطاع الاقتصادي. اللقاء الذي جاء بأمر من الرئيس عبد المجيد تبون، يأتي في ظرف اقتصادي واجتماعي خاص يطبعه تداعيات جائحة كورونا التي أثرت على عديد الشركات العمومية والخاصة، لاسيما شركات النقل بأنواع البحري والجوي والبري، والمؤسسات التي تنشط في بعض القطاعات الخدماتية كالسياحة والفندقة والمقاولات التي تضررت من توقف عشرات المشاريع، ويأتي كذلك في سياق دولي صعب يطبعه تدني أسعار النفط بسبب الأزمة العالمية التي تجتاح العام جراء الوباء. وكان الرئيس تبون قد أصدر شهر جويلية الماضي، تعليمات إلى الوزير الأول، عبد العزيز جراد، بغرض تحضير لقاء حول المخطط الوطني للإنعاش الاجتماعي والاقتصادي، لضبط المخطط وبناء اقتصاد وطني جديد مدعوم بتنويع مصادر النمو واقتصاد المعرفة والانتقال الطاقوي والتسيير العقلاني للثروات الوطنية». وسجلت الحكومة انكماشا في النمو الاقتصادي بنسبة 3.9 بالمائة في الربع الأول من العام الحالي بعد نمو بنسبة 1.3 بالمائة في نفس الفترة من عام 2019، ويقول الخبراء بان النمو السلبي للاقتصاد سببه إجراءات العزل العام جراء تفشي فيروس كورونا والأداء السيئ لقطاع النفط والغاز الحيوي. وقد أكد رئيس الجمهورية, في مقابلة مع مسؤولي بعض وسائل الإعلام الوطنية، أنه سيشرع عما قريب في إحداث تغييرات جذرية على الاقتصاد الوطني لتحريره من «عقلية الريع» والمضي به نحو خلق الثروة والتنافسية والابتكار يكون فيه المورد البشري أساس التنمية. وذكر بأن جهود الدولة سترتكز أساسا على إنشاء نسيج قوي من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مدعم بشبكة من المؤسسات الناشئة المبتكرة والمؤسسات المصغرة, مؤكدا أن هذا النسيج سيكون قاطرة الاقتصاد الوطني مستقبلا. الخطة الاقتصادية الجديدة لن تكون على حساب الفئة الهشة وقال رئيس الجمهورية أن اللقاء حول خطة الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي سيكون أرضية أساسية نحو اقتصاد قائم على الابتكار والتنويع. وشدد خلال اجتماع لمجلس الوزراء، على ضرورة مراعاتها عاملي الحفاظ على الطابع الاجتماعي والقدرة الشرائية للمواطن، حيث ستعتمد هذه الخطة في تطبيقها على إصلاحات هيكلية لكل قطاع من القطاعات، حتى تسمح الهيكلة الجديدة بالاستغلال الأنجع والشفاف للقدرات والثروات الطبيعية الوطنية كاملة، بدءا بالمناجم التي تزخر بها الجزائر، وصولا إلى الأراضي بما فيها الأراضي النادرة، أي الأراضي التي تتوفر على المعادن النفيسة، قصد توفير أقصى الشروط لتعويض تراجع مداخيل الدولة. كما تعتمد الخطة الجديدة على إطلاق المبادرات وتحريرها من القيود البيروقراطية، ومراجعة النصوص القانونية الحالية أو تكييفها بروح واقعية تنطلق من المنطق الاقتصادي، وعدم التّمييز في خلق الثروة ومناصب الشغل بين القطاعين العام والخاص، قصد الوصول إلى بناء اقتصاد حقيقي جديد، دون إغفال ضرورة البحث عن آليات تضمن زيادة الدخل الوطني وخفض النفقات وزيادة الإيرادات. الخطوط العريضة لخطة إنعاش الاقتصاد وكشفت الرئاسة عن أهم البنود التي جاءت ضمن خطة الإنعاش الاقتصادي والتي تتضمن 37 بندا في عدة قطاعات، على غرار الطاقة والزراعة والمالية والصناعة. ومن أبرز البنود، البدء بعمليات تنقيب واستكشاف للاحتياطات غير المستغلة من الطاقة (النفط والغاز)، عن طريق دراسات دقيقة وموثقة في اليابسة والبحر على حد سواء. كما تضمنت الخطة، وقف كل عمليات استيراد الوقود والمواد المكررة قبل حلول الربع الأول 2021، كإحدى أدوات تعزيز الإنتاج المحلي وخفض نسب خروج النقد الأجنبي. وقرر تبون، مباشرة مراجعة معمقة لشركة المحروقات الحكومية سوناطراك بهدف حصر ممتلكاتها، وخفض عدد مكاتبها وموظفيها بالخارج، وتقليص مناصب المسؤولية فيها، كإحدى أدوات التقشف. وبخصوص قطاع الصناعة، ورد في خطة تبون الشروع في إعداد شروط جديدة لأنشطة صناعة السيارات والصناعات الكهرومنزلية، وإنتاج قطع الغيار واستيراد المركبات الجديدة، بهدف تحفيز الاستثمار محليا. ومنحت الخطة، الأولوية في الدعم المالي للمؤسسات الناشئة التي يتم إطلاقها، بتصريح بسيط دون الحاجة لملف إداري وسجل تجاري. وفي قطاع المناجم، أفاد البيان ببدء استغلال منجم الحديد بغار جبيلات بولاية تندوف، الذي يعتبر من أكبر الاحتياطات في العالم، ومنجم الزنك والرصاص بواد أميزور بولاية بجاية ، ومشروع الفوسفات بالعوينات بولاية تبسة . الشركاء يعرضون مقترحات لبعث عجلة الاقتصاد و قد قامت منظمات أرباب العمل والمركزية النقابية ببلورة وتحضير تصورات ومقترحات سيتم تقديمها خلال لقاء الثلاثية لإعادة بعث عجلة الاقتصاد من جهة وتخفيف القيود عن الشركات الوطنية العمومية والخاصة، حيث كشف رئيس الكونفيدرالية الجزائرية لأرباب العمل الوطنيين سامي عاقلي ، أمس، أن منظمته أعدت رفقة سبعة منظمات أخرى، وثيقة موحدة ستطرح خلال الاجتماع الخاص حول خطة الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي، تتضمن خطتين واحدة استعجالية لتجاوز تداعيات تفشي فيروس كورونا وأخرى مستقبلية لبناء نموذج اقتصادي غير ريعي. وأوضح عاقلي أن من أهم المقترحات المتضمنة في الوثيقة خطة مستقبلية لبناء نموذج اقتصادي عماده الرقمنة واقتصاد المعرفة وخطة ثانية استعجالية تخص مرافقة المتعامل تتضمن إيجاد حلول للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة المهددة بالإفلاس بسبب توقف الاقتصادي المتضرر بتفشي فيروس كورونا معتبرا أن الإنعاش الاقتصادي بات حتمية وليس خيارا.