المهرّبون يلهبون أسعار المواد الغذائية يعمد المهربون بولاية تبسة إلى تجميع المواد المهربة في أماكن خاصة على طول الشريط الحدودي، منها ما هو معروف لدى السلطات المعنية ومنها ما لا يعرفه أحد باستثناء المهربين والمقربين منهم . فالمناطق المعروفة بتجميع مختلف المواد المهربة بالولاية تمتدّ من بئر العاتر جنوبا إلى الونزة شمالا المتآخمة للحدود التونسية حيث تتوفر مساكن وكازمات خاصة تحتوي على جميع المواد الطاقوية والغذائية المطلوبة من طرف التوانسة يتم مقايضتها ببعض السلع التافهة كالحلويات والعجائن والطماطم المصبرة والسكر بينما تهرب من الجزائر المواد الطاقوية بشكل تجاوز كل التوقعات. وهو ما أغرق الولاية منذ سنوات وحتى الولايات المجاورة في أزمة حادة في التزود بالوقود فضلا على دخول المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع أجندة المهربين نجم عنها ارتفاع فاحش في أسعارها كالحبوب الجافة والفواكه والقهوة وحتى الياغورت والمشروبات الغازية ،بالإضافة إلى حديد البناء ، والأجهزة الكهرومنزلية . ورغم الضربات الموجعة التي يتلقاها المهربون من حين لآخر من طرف قوات حرس الحدود وأعوان الجمارك غير أن ذلك لم يكن ليحد من إصرارهم على انتهاج طريق التهريب لما يدر عليهم من أرباح طائلة حولت المهربين في وقت قصير إلى أثرياء جدد يملكون أغلى السيارات و شيدوا مساكن أشبه بالقصور. ولعل الزائر إلى بئر العاتر90 كلم جنوب الولاية و التي تحولت إلى عاصمة للتهريب دون منازع ليقف بأم عينه على السكنات الفخمة والسيارات الفارهة الحديثة الصنع من مختلف الماركات العالمية ، في حين يعيش بقية المواطنين في فقر مدقع وأصبحوا غير قادرين على توفير متطلبات الحياة لأسرهم بسبب الغلاء الفاحش الذي تعرفه مختلف السلع بسبب هؤلاء الأثرياء الجدد الذين كانوا بالأمس القريب يعملون كأجراء لا يملكون قوت يومهم ، والأدهى والأمر أن الكثير منهم ساهم ويساهم في نشر الفساد والرذيلة والموبقات في أوساط المجتمع وأصبح بعضهم يقضي جل أوقاته في الملاهي والحانات يدفع الملايين لبائعات الهوى . لقد تحول التهريب بالولاية إلى مرض عضال ينخر جسد اقتصاد البلاد من جهة ويساهم في زيادة الغناء الفاحش بالطرق غير المشروعة من جهة أخرى حتى برزت طبقية عجيبة في الولاية التي كانت إلى وقت قريب خالية من مظاهر الغناء الفاحش الدخيلة على المجتمع التبسي كسب الأموال على حساب المواطنين التعساء . العصابات باتت تعمد إلى فرض سطوتها بالاعتداءات المتكررة على أعوان الدولة كما حدث قبل سنتين عندما هاجم مهربون مقر مفتشية أقسام الجمارك ببئر العاتر وأحرقوا سيارتين ولولا شجاعة بعض الأعوان لاقتحموا سكنات الموظفين واعتدوا على حرماتهم وقبل أيام اعتدوا على مديرية الجمارك بمدينة تبسة وأحرقوا عددا من المكاتب وزهاء 8 سيارات كانت متوقفة داخل المقر ولولا تدخل مصالح الأمن لكانت الحصيلة كبيرة ، وقبلها اعتدوا على عناصر حرس الحدود ببلدية العوينات ، ناهيك عن الاعتداءات المتكررة على أسلاك الأمن والدرك والجمارك أثناء تأدية مهامهم ، دون أن ننسى ما يتسبب فيه هؤلاء المهربون من حوادث مرور مميتة ذهب ضحيتها العشرات من الأبرياء في مختلف طرقات الولاية .