الجزائر تحافظ على طابع خاص في علاقتها مع الولاياتالمتحدة أكد المحلل السياسي البروفيسور إدريس عطية، أن الجزائر تحافظ على طابع خاص في علاقتها مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وهذا يعود إلى الحوار الإستراتيجي الذي بوشر منذ سنوات والقائم على ضرورة التنسيق الأمني والإستراتيجي بين البلدين وضرورة تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين، مضيفا أن الجزائر تطمح دائما إلى ترقية علاقاتها الإستراتيجية مع الولاياتالمتحدة في إطار مبدأ الندية وأيضا المصالح المتبادلة ورفض المناولة الدبلوماسية، حيث إن كل سلوكاتها الخارجية نابعة من خصوصياتها الوطنية، وقال إن الولاياتالمتحدةالأمريكية تدرك دائما أن الجزائر، هي طرف موثوق فيه ومواقفه واضحة ولا يمكن للجزائر، أن تتلاعب بالملفات الدولية ولا يمكن للجزائر أن تتاجر بهذه الملفات، فمواقفها ثابتة. النصر: كيف ترون مستقبل العلاقات الجزائرية - الأمريكية بعد مجيء إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن؟ إدريس عطية: أعتقد أن الجزائر تدرك أن إدارة بايدن سوف تكون أكثر عقلانية من إدارة ترامب، نظرا للفوضوية الكبيرة التي أطلقها ترامب في العلاقات الدولية، ونظرا أيضا للظرف الخاص الذي خلقه ترامب في العالم العربي ، إزاء مشروع القرن المرتبط بفلسطين والمرتبط بحشد التطبيع العربي لصالح الكيان الصهيوني ، و ما تم أخيرا في شهر ديسمبر الماضي وهو تطبيع المغرب وفق قاعدة المقايضة وبالتالي الجزائر أدركت حجم التوتر وهذه المخاطر . والجزائر محافظة على طابع خاص في علاقتها مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وهذا يعود إلى الحوار الإستراتيجي الجزائري الأمريكي الذي تم منذ سنوات والقائم على ضرورة التنسيق الأمني والإستراتيجي بين البلدين، والقائم في إطار آخر على ضرورة تطوير العلاقات الاقتصادية بين الجزائروأمريكا. و اليوم في ظل توجه جديد للعلاقات الأمريكية ، فالجزائر متفائلة بعد وصول جو بايدن إلى الحكم وهذا على أساس أن هناك رجلا عقلانيا في البيت الأبيض له من الحكمة الكبيرة التي تجعله يدرك و يميز بين الأشياء، سواء في إطارها الواقعي أو في إطارها الممارساتي، والجزائر تطمح دائما إلى ترقية علاقاتها الإستراتيجية مع الولاياتالمتحدةالامريكية في إطار، على الأقل ثلاثة أشياء ، مبدأ الندية على أساس أن مفهوم السيادة هو مفهوم مركزي في السياسة الخارجية الجزائرية ، المستوى الثاني هو مبدأ ذاتي يبتعد نهائيا عن الأدوار التي تسطرها الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي ترغب الكثير من الدول في أداء أدوار تحت وصاية أمريكية وبالتالي الجزائر ترفض هذه المناولة الدبلوماسية، فكل سلوكاتها الخارجية نابعة من خصوصياتها الوطنية ، في حين أن المملكة المغربية دائما ترحب بالمشاريع وتعرض نفسها للقيام بأدوار لصالح القوى الغربية ، في حين أن الجزائر ترفض ذلك ، فالجزائر بعد الحراك الذي أدخلنا في مرحلة جديدة في التحول الديموقراطي ، وهي مرحلة تعزيز الديموقراطية وتجسيد أركانها في إطار ديموقراطية وطنية جزائرية وبالتالي الجزائر تطمح إلى تحصين نفسها سياسيا واقتصاديا، بما في ذلك السعي إلى توطين التكنولوجيا والاستفادة مع كل شركائها الدوليين ابتداء من الصين شرقا إلى روسيا إلى الكثير من الدول الأخرى وأيضا هي ترى في علاقتها مع أمريكا أنها علاقة مهمة وينبغي تطويرها ومن ثم الجزائر تؤمن بتقاسم الأعباء وضرورة خلق تصور جهوي وعالمي يتناسب ومفهوم الأمن وصناعة السلام وعلى المستوى الدولي والجزائر في نهاية المطاف، ترفض التواجد الأجنبي في القارة الإفريقية وفي المحيط الجواري للجزائر . وقد شهدت سنة 2020 زيارات أمريكية كثيرة، ومنها زيارة قائد «أفريكوم « و أيضا زيارة مساعد كاتب الدولة الأمريكي المكلف بشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والعديد من المسؤولين الأمريكيين الذين زاروا الجزائر للاستئناس بالتجربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب والاستئناس كذلك بمواقف الجزائر في العديد من القضايا، لكن الشيء المهم أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تدرك دائما أن الجزائر هي طرف موثوق فيه ومواقفه واضحة ولا يمكن أن تتلاعب بالملفات الدولية ولا يمكن أن تتاجر بهذه الملفات فمواقفها ثابتة، سواء فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب أو فيما يتعلق بالتسوية السلمية للنزاعات الدولية ورفضها لأي مناولة إستراتيجية، وأخيرا رفض تواجد قواعد عسكرية أجنبية في القارة الإفريقية برمتها، إلى جانب رفض التطبيع ، فالجزائر أيضا موقفها واضح إزاء الكيان الصهيوني و هي دائما ترفع العلامة الحمراء ضد الولاياتالمتحدة خاصة عندما تريد أن تحشر أنفها في مسائل داخلية أو في أمور أخرى ، فهذا أمر واضح وأمر أصبح يشكل عقيدة وطنية جزائرية . النصر: هناك حديث عن مراجعة إدارة بايدن تغييرات اللحظة الأخيرة التي اتخذها الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب ومنها القرار المتعلق بالصحراء الغربية، كيف تقرأون توجهات السياسة الخارجية للإدارة الجديدة؟ إدريس عطية: الولاياتالمتحدة لا يمكنها أن تساند بلدا عربيا في احتلال بلد آخر ، فالرهان الصهيو أمريكي واضح وهو القائم على مقاربة تكتيكية إزاء العالم العربي وما يحتاجه هذا الحلف هو تطبيع المغرب مع إسرائيل وبايدن قد يذهب سريعا إلى طرح القضية الصحراوية في مجلس الأمن ويطلب أن يسارع مجلس الأمن في حل هذه القضية والتسريع في تطبيق مبدأ حق تقرير المصير للشعب الصحراوي وبالتالي مجهودات المغرب كلها سوف تبوء بالفشل على أساس أن هذا النظام تعود على صناعة الأوهام وبالتالي رؤيته سوف تكون محدودة وتنتهي قريبا، هذه الطموحات الجوفاء التي لا ترتبط بالواقع والتي تقوم على استغلال الآخر. وستتم عقلنة السياسة الخارجية الأمريكية برمتها في الكثير من الأشياء، بما فيها هذا التطبيع، فهم يحتاجون فقط تطبيع المغرب في حين أنهم لن يقدموا للمغرب شيئا. النصر: ما رأيكم في التطورات الحاصلة على صعيد المشهد السياسي الأمريكي بعد الانتخابات الرئاسية وانتخاب جو بايدن ؟ إدريس عطية: اليوم ينبغي التأكيد أن ترامب شكل ظاهرة أثرت على المشهد الديموقراطي في الولاياتالمتحدةالأمريكية وجعلت الديموقراطية الأمريكية في امتحان صعب جدا ، لكن الشيء الذي ينبغي تأكيده ونستفيد منه نحن في العالم العربي هو الإطار المؤسساتي، فالمؤسسات هي التي حافظت على الديموقراطية الأمريكية وبالتالي نحن أيضا في حاجة إلى تعزيز مؤسساتنا الوطنية لأن أي تطور يرتبط بهذه المؤسسات.