أكد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق, المبعوث الأممي إلى الصحراء الغربية خلال الفترة ما بين (1997 - 2004), جيمس بيكر, أن قرار الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته بخصوص الصحراء الغربية, لن يحدث أي فرق في موقف المجتمع الدولي وفي حل النزاع. وقال بيكر, في مقال رأي بعنوان "اعتراف ترامب بالصحراء الغربية ضربة خطيرة للدبلوماسية والقانون الدولي", نشرته صحيفة "واشنطن بوست", أمس الخميس: "لقد تخلت الولاياتالمتحدة بشكل +غير حكيم+ عن مبادئها من أجل شيء لن يحدث أي فرق في موقف المجتمع الدولي وفي حل النزاع", مشيرا إلى أن "العديد من حلفاء الولاياتالمتحدة وغيرهم قد أدلوا بالفعل بتصريحات في هذا المعنى". وأكد أن إعلان الرئيس ترامب يشكل "تراجعا مذهلا عن مبادئ القانون الدولي والدبلوماسية التي تبنتها الولاياتالمتحدة واحترمتها لسنوات عديدة", كما يمثل ""تغييرا كبيرا ومؤسفا في سياسة الولاياتالمتحدة طويلة الأمد في ظل كل من الإدارات الديمقراطية والجمهورية". وأوضح في هذا السياق, أن "تلك السياسة تبنت دائما موقفا محايدا إلى حد ما, في دعم جهود الأممالمتحدة لتحديد مستقبل ذلك الإقليم وشعبه, بطريقة تدعم مبدأ تقرير المصير, (...) وهو المبدأ الأساسي الذي تأسست عليه الولاياتالمتحدة والذي يجب أن تظل وفية له". وأضاف السيد بيكر, قائلا: "ربما لم يفكر مؤيدو هذه الخطوة في العواقب المحتملة التي قد تترتب عن تراجعهم عن هذه السياسة, لكنها يمكن أن تكون بالغة الخطورة وبعيدة المدى. يمكن أن يكون لها تأثير على المفاوضات المستقبلية, وتشكك في التزامنا بحل يوفر شكلا من أشكال تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية, كما ورد في قرارات الأممالمتحدة التي أيدناها". كما أن "هناك أيضا خطر إرسال رسالة إلى بقية العالم مفادها أن عدم الاستيلاء على الأراضي بالقوة وحق تقرير المصير هما مبدآن انتقائيان للولايات المتحدة", على حد تعبير بيكر. اقرأ أيضا : جيمس بيكر: خطوة ترامب "المتهورة" في الصحراء الغربية ستسهم في تعطيل مسار التسوية قرار يعرض المنطقة لمخاطر أمنية كبيرة ويقول الدبلوماسي الأمريكي المحنك, في معرض تحليله, أن "الخطوة المتهورة" للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته, "المتخفية في صورة دبلوماسية, ستسهم في المأزق القائم في حل النزاع الذي طال أمده بين المغرب وشعب الصحراء الغربية بخصوص وضع تلك المنطقة, وسيكون له عواقب سلبية على الوضع العام في شمال إفريقيا, خاصة في ظل احتمال تصعيد الأعمال العدائية بين المغرب وجبهة البوليساريو الممثل الشرعي لشعب الصحراء الغربية (...). وحذر السيد بيكر, من "إمكانية استغلال تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وغيرها من الجماعات (الإرهابية) التوترات المتزايدة في المنطقة. وعلى صعيد آخر, لفت وزير الخارجية الأمريكي الأسبق (1989 - 1992), إلى أن هذا القرار "يهدد بتعقيد علاقات الولاياتالمتحدة مع الجزائر, شريكها الاستراتيجي المهم". وقال أن أي تدهور للعلاقات الأمريكية -الجزائرية, سيؤدي أيضا إلى "الإضرار بنمو العلاقات التجارية المشتركة والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب, وكذا الجهود المبذولة لتعميق العلاقات العسكرية". وبعد أن ذكّر بأن الولاياتالمتحدة ومعظم المجتمع الدولي رفضوا الاعتراف بادعاء المغرب سيادته على الصحراء الغربية منذ انسحاب إسبانيا منها عام 1975, أوضح أن موقف الولاياتالمتحدة بهذا الخصوص بدأ يشهد تغييرا منذ أكثر من عام, عندما اتصلت إسرائيل وإدارة ترامب بالمغرب لأول مرة لاقتراح "مقايضة" لاستئناف المغرب للعلاقات الرسمية مع إسرائيل مقابل اعتراف الولاياتالمتحدة بسيادتها على الصحراء الغربية. وكشف السيد بيكر أن المغرب في ذلك الوقت رفض المقايضة معتبرا أن " الاعتراف الثنائي بسيادته, حتى من قبل الولاياتالمتحدة, لن يجعله أقرب إلى هدفه المنشود المتمثل في الشرعية الدولية". وفي إشارة منه إلى تطبيع النظام المغربي وعدد من الدول العربية لعلاقاتها مع الكيان الإسرائيلي, أكد بيكر, أن "الخلط بين +اتفاقات إبراهيم+ (اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل) ونزاع الصحراء الغربية, الذي يعد مسألة تقرير المصير بشكل واضح لا لبس فيه, لن يقوي أو يوسع الاتفاقات". وقال في هذا السياق أنه "لا ينبغي لنا (الأمريكيين) ببساطة أن ندير ظهورنا لشعب الصحراء الغربية, بينما نحاول تعزيز علاقات أفضل بين إسرائيل وجيرانها العرب", متأسفا لكون أن هذا ما تم بالضبط من خلال قرار الرئيس الأمريكي. وفي ختام مقاله, دعا السيد بيكر الإدارة الأمريكية المقبلة بقيادة الرئيس المنتخب جو بايدن, إلى "إلغاء هذا الإجراء المتهور والساخر", مؤكدا بالمناسبة أن القيام بذلك "لن يقوض الاتفاقات" مع إسرائيل, على حد تعبيره.