انطلقت زراعات ما بعد الموسم بولاية قالمة، وسط تحديات كبيرة فرضها الوضع المناخي الصعب و التراجع المقلق لمنسوب سد بوحمدان المصدر الرئيسي للطاقة المائية بالمنطقة. و قد بدأ المزارعون في تهيئة التربة و زراعة محاصيل ما بعد الموسم مثل البطاطا و البصل و الفاصوليا الخضراء و غيرها من الخضر التي تعد من الأغذية الرئيسية للعائلة الجزائرية على مدار السنة تقريبا. و على امتداد محيط السقي قالمة بوشقوف المتربع على مساحة تقارب 10 آلاف هكتار، يعمل المزارعون على بذر أكبر مساحة ممكنة من خضر ما بعد الموسم، لدعم السوق الوطنية و تغطية الاستهلاك المتزايد للمنتجات الزراعية. و تعتمد زراعات ما بعد الموسم على الحرارة القوية و المياه، حتى تنمو بسرعة قبل حلول فصل الشتاء و موجات الجليد و رغم ارتفاع تكاليف الإنتاج، فإن هذا النوع من الزراعة قد أصبح تقليدا سنويا لدى المزارعين المحليين، الذين يعملون على تحسين الدورة الزراعية و إنتاج محصولين في السنة، حيث تستعمل حقول زراعات ما بعد الموسم في إنتاج القمح و الأعلاف و الطماطم الصناعية. و قالت مصادر من قطاع المياه في ولاية قالمة للنصر، بأن البرنامج العادي للسقي ينتهي يوم 15 سبتمبر، لكنه تم تمديده إلى نهاية أكتوبر لسقي محاصيل ما بعد الموسم، حيث تم تخصيص 8 ملايين متر مكعب من مياه السد لهذا الغرض، رغم انخفاض منسوبه إلى 33 بالمائة من الحجم الكلي للسد المقدر بنحو 185 مليون متر مكعب من المياه. و يعد قطاع الزراعة بقالمة المحرك الرئيسي للاقتصاد المحلي، حيث يشغل اليد العاملة على مدار السنة و يدعم السوق المحلية و الوطنية بالمنتجات الغذائية كالقمح و الخضر و الفواكه، لكن المساحات المسقية مازالت دون تطلعات المزارعين، حيث لم يعد محيط السقي قالمة بوشقوف كافيا لزيادة الإنتاج و لم يتوقف العاملون في قطاع الزراعة بقالمة، عن المطالبة بإنشاء محيطات سقي جديدة ببلديات لخزارة، حمام دباغ، الركنية، تاملوكة و بوعاتي محمود. و إلى جانب محيط السقي قالمة بوشقوف، موطن الزراعات الموسمية و زراعات ما بعد الموسم، يحاول مزارعو قالمة استعمال بعض المساحات الزراعية القريبة من الحواجز المائية الصغيرة بعين مخلوف و نشماية و غيرها من البلديات الأخرى التي توجد بها هذه الحواجز، لكنها غير كافية لتوسيع محيطات السقي و تطوير الزراعة المحلية و تكثيف الإنتاج و تحسين الوضع المادي للمزارعين في ظل الارتفاع الكبير لتكاليف الإنتاج.