يستعد قرابة 10 ملايين تلميذ و تلميذة لموسم دراسي جديد، في ظل ظرف وبائي يصفه الخبراء بالصعب، بسبب موجة ثالثة لفيروس متحور، لم يستثن الأطفال من عدوى قد يكون تأثيرها خطيرا، و مخاوف من تحول المؤسسات التعليمية إلى بؤر جديدة لتفشي الوباء، ما يحتم على الأولياء تدريب و تعويد أبنائهم على الالتزام بالتدابير الوقائية للتصدي لكورونا و سلالاته المتحورة. مع بداية العد التنازلي للعودة إلى المدارس، تزداد مخاوف الأولياء على أبنائهم و تطرح تساؤلات كثيرة حول الطرق المثالية لضمان سلامة أبنائهم، و حمايتهم من خطر عدوى فيروس ، تؤكد الحالات المسجلة، أنه يصيب الأطفال، كما الكبار، بعد أن كان في موجتيه الأولى و الثانية ، يضع الأطفال في خانة حاملي الفيروس الذين يمكنهم نقله لكبار السن، دون أن يؤثر عليهم، ليزاحم الصغار اليوم ذويهم في العيادات، و في تعاطي الأدوية، و حتى في العلاج و المتابعة الطبية بالمستشفيات بالنسبة لحالات كثيرة معقدة. أطفال لا يعترفون بالوباء عندما تأزمت الوضعية الصحية بسبب تفشي المتحور دلتا، وجد أولياء أنفسهم أمام مستجدات، وضعتهم في مأزق، خاصة بعد تخفيف الحجر المنزلي الجزئي و تسجيل عودة شبه طبيعية للحياة، فوجدوا أنفسهم مجبرين مرة أخرى على العودة للحيطة و الحذر بدرجة أكبر، في مواجهة دلتا المتحور، و يسعى عديد الأولياء اليوم لإقناع أبنائهم بأن الفيروس أضحى يشكل خطرا على صحتهم، فرغم تجاوز ذروة تفشي الوباء و الانخفاض التدريجي في الإصابات و الوفيات الجديدة، لا يزال موجودا بيننا لمدة غير محددة. و الملاحظ اليوم أن تراجع منحنى الإصابات،و تخفيف إجراءات الحجر انعكست على الشوارع و الأحياء التي تشهد اليوم حركية كبيرة للأطفال بشكل خاص، دون أدنى احترام لإجراءات السلامة، فحتى الكمامة التي كان يضعها الأطفال قبل أيام، تخلوا عنها ، و لم نعد نشاهدها سوى على وجوه فئة قليلة من الأطفال الذين يقصدون الطبيب، على وجه الخصوص، ما فسره الأهل برفض أطفالهم تقبل فكرة عودة الوباء، بينما قال آخرون أنهم لا يسمحون لأبنائهم بالخروج للعب مع رفاقهم خارج البيت إلا بعد وضع الكمامات، لكن العديد منهم يلقون بها وكأن شيئا لم يكن، و اعترف أولياء تحدثت إليهم النصر، أنهم يجدون صعوبة في إقناع الأطفال بارتداء الكمامة و استعمال المعقم و هم يشاهدون أقرانهم في الشارع يعيشون حياتهم اليومية بشكل عادي. و قال أولياء آخرون أنهم أجبروا أبناءهم على عدم مغادرة البيت طيلة الفترة السابقة، خوفا عليهم من العدوى، إلا أن الأمر صعب للغاية، خاصة و أنهم لا يزالوا في العطلة الصيفية و درجات الحرارة لا تزال مرتفعة، في حين قرر أولياء الاستمتاع بما تبقى من العطلة عن طريق تنظيم رحلات استجمامية و ترفيهية، إلى الشواطئ و الأماكن الترفيهية، بمعية أبنائهم، مؤجلين إقناع أبنائهم و تعويدهم على الالتزام بطرق الوقاية إلى موعد الدخول المدرسي. - أخصائية طب الأطفال الدكتورة كريمة عنيق: هكذا نضمن سلامة أبنائنا المتمدرسين.. تحذر أخصائية طب الأطفال الدكتورة كريمة عنيق، من إمكانية تحول المدارس إلى بؤر لتفشي المتحور دلتا بشكل أكبر وسط الجزائريين، في حال عدم الالتزام بإجراءات الوقاية، معتبرة المرحلة المقبلة من أصعب المراحل التي يستوجب التعامل معها بحذر كبير، داعية إلى تكاثف جهود الأولياء و الطواقم التربوية لضمان سلامة المتمدرسين و ذويهم، من خطر فيروس قد تكون عواقبه وخيمة. الدكتورة عنيق قالت للنصر، أن الوضعية الوبائية هذا الموسم، تختلف عن الموسم السابق، فهذه المرة يستعد التلاميذ للعودة إلى مؤسساتهم في ظرف وصفته بالخطير، مشددة على أهمية الالتزام بالبروتوكول الوقائي، بدءا القناع الواقي الذي قالت أن التنازل عنه ممنوع، و الالتزام به يجب أن يكون بدرجة أكبر، خاصة و أن وضعه طوال اليوم، أمر صعب، حسبها، بالنسبة للأطفال خاصة خلال ساعات التمدرس، مشيرة إلى أهمية مراقبة الأهل لهذا القناع الذي يجب أن يكون طبيا و تتوفر فيه شروط الوقاية، خاصة الطبية منها، التي تضمن حماية أكبر للصغار. و نوهت الطبيبة بأهمية تعليم الطفل عدم لمس الوجه كليا، عندما يكون خارج البيت، و تعويده على ذلك منذ اليوم ، قبل الالتحاق بالمدرسة، محذرة في ذات السياق، من مشاهد الازدحام أمام المدارس، داعية إلى وضع حد نهائي لها و الحرص على تطبيق التباعد الجسدي الذي يبقى، حسبها، من بين أهم شروط تفادي العدوى، إضافة إلى أهمية تدريب و تعويد الأطفال على الغسل المنتظم لليدين بالماء و الصابون، و استعمال المعقم، إلى جانب احترام التباعد الجسدي في ما بينهم، و عدم تبادل الأشياء و الأطعمة بين الأطفال، و كذا عدم تبادل الأقنعة أو نزعها، و شددت من جهة أخرى على أهمية تأكد الأهل من نوعية القناع و ملاءمته لوجه الطفل لضمان الفعالية و النجاعة في الوقاية. و عن أعراض إصابة الأطفال بفيروس كورونا ، قالت المتحدثة أنها تختلف من طفل إلى آخر و تتراوح بين الخفيفة و الخطيرة، مشيرة إلى أن تسجيل إصابة فرد في العائلة، يعني أن أي عرض قد يظهر على الطفل، مؤشر على إصابته بالفيروس ، سواء كان حمى، غثيان، أو آلام في المفاصل، و إن كانت آثاره و أعراضه على الصغار لا تضاهي تلك المسجلة عند الكبار. و تحذر الدكتورة عنيق من تراخي بعض الأولياء في فرض إجراءات الوقاية على أنفسهم و على أبنائهم، قائلة أنه من غير الممكن حاليا تمييز تبعات العدوى على الأطفال إذا كانت خفيفة على شكل أعراض بسيطة كالحمى، التهاب اللوزتين أو الإسهال، فهناك فئة تصاب بأعراض خطيرة ، ترغمها على دخول المستشفى للعلاج و حتى الوفاة، خاصة بالنسبة للأطفال المصابين بالأمراض و المزمنة أو السمنة، مشددة على الحذر في التعامل مع المرض، و عدم تهويل الأمر و تخويف الأطفال. من جانب آخر، توصي الطبيبة عنيق بأهمية العناية بتغذية الأطفال في هذه الفترة، و ذلك بالتركيز على شربهم كميات كبيرة من الماء، و التقليل قدر الإمكان من السكريات و الأطعمة المصنعة، فضلا عن الاعتماد على الأطعمة التي تعزز جهاز المناعة، خاصة الغنية منها بالفيتامينات «أ»، «ه»، «د» و «سي»، و توجد في الأسماك، الخضر، الفواكه، البقوليات، الحليب، التمر، كما توصي بالمرافقة الصحية بواسطة الأعشاب الطبية، في حال تسجيل وعكات صحية بسيطة لم يتبين نوعها بعد، إلى جانب منح الأطفال مقويات و فيتامينات، معتبرة أن الوقاية أهم خطوة لضمان سلامة الأبناء قبيل العودة إلى المدارس. - الأخصائية النفسانية دلال حمادة : التوعية تبدأ في المنزل و ترهيب الأطفال يهدم مناعتهم أكدت الأخصائية النفسانية دلال حمادة على أهمية توعية الأبناء بحقيقة الوضع الوبائي، و أهمية تلقينهم أساليب الوقاية قبل العودة إلى المدارس، مشددة أن الوقاية تنطلق من البيت، بطرق بسيطة تختلف من عائلة لأخرى.و أضافت المختصة أن البروتوكول الصحي أصبح شيئا بديهيا ، و الجديد في الأمر أن الفيروس أصبح يصيب الصغار أيضا، و تنصح الأولياء بالعمل على توعية أبنائهم بأهمية الوقاية عبر طرق بسيطة، بعيدا عن تخويفهم أو ترهيبهم، لأن ذلك يؤثر سلبا على سير حياتهم و يجعلهم يعيشون في خوف دائم من المرض أو الموت، كما يثبط مناعتهم و يجعل أجسامهم أكثر عرضة للمرض و العدوى. و تابعت المتحدثة أن التأثير على الأطفال و إقناعهم بضرورة الوقاية يتمان عبر تبسيط الأمور، مثلا بإقناعهم بأن فكرة الكمامة مثل المئزر، مع ضرورة إغرائهم بالموديلات الجميلة و الملونة للكمامات التي تعرض في الصيدليات و المحلات، و تحمل رسوما و نقوشات جذابة، إلى جانب صور لأبطال الرسوم المتحركة، و ذلك لحمايتهم من الفيروس و حتى من نزلات البرد أو الإنفلونزا البسيطة ، مشيرة إلى أهمية إشراك الطواقم التربوية في التوعية، خاصة المدرسين الذين هم مجبرون اليوم، حسبها، على تبسيط الأمور للأطفال، خاصة في المرحلة الابتدائية التي تبقى الأصعب لضمان موسم دراسي هادئ و آمن.