الاهتمام بالذكاء الاصطناعي سيحوله إلى رافد للاقتصاد الوطني قال الدكتور رياض بغدادي الباحث الجزائري بجامعتي نيويورك و « أم إ تي» ببوسطن بالولاياتالمتحدةالأمريكية والمختص في الإعلام الآلي والذكاء الاصطناعي والتقاطع بين الذكاء الاصطناعي ولغة البرمجة، بأن الاهتمام بالذكاء الاصطناعي في الجزائر سيجعله يتحول إلى رافد من روافد الاقتصاد الوطني في المستقبل، ودعا في هذا الحوار الذي خص به النصر على هامش زيارته للجزائر وتقديمه محاضرة لطلبة جامعة البليدة 1 مؤخرا إلى تشجيع الشركات الناشئة في هذا المجال، داعيا الشباب إلى اقتحام هذا المجال، مضيفا بأن الاقتصاد اليوم في الدول المتقدمة مبني على المعرفة والابتكار والتكنولوجيا. حاوره: نورالدين عراب النصر: كيف ترى أهمية الذكاء الاصطناعي في الوقت الراهن في زمن الثورة التكنولوجية؟ الدكتور بغدادي: الذكاء الاصطناعي يقود حاليا الثورة التكنولوجية الحديثة، وتقريبا منذ 10 سنوات وقعت ثورة وطفرة في هذا المجال، وظهرت تقنية جديدة تعرف بتقنية التعلم العميق، هذه التقنية أحدثت طفرة كبيرة اليوم وبفضلها الذكاء الاصطناعي قفز بشكل كبير بفضلها، مثلا في الهواتف النقالة يمكن أن نستعمل اليوم تنظيمات ويستطيع فهم أوامرك، كما يمكن تقديم سؤال للهاتف النقال ويجيب، وبفضل هذه التقنية أيضا وقع تطور في السيارات ذكية القيادة، وبفضل هذه التقنية لدينا اليوم تقنيات التعرف على الوجه، وكل هذا بفضل هذه التقنية المتمثلة في التعلم العميق. النصر: ما أهمية الذكاء الاصطناعي بالنسبة للاقتصاد الوطني؟ الدكتور بغدادي: إذا نظرنا إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال 40 سنة الماضية كمثال، فإن50 بالمئة من مداخيل اقتصادها اليوم مبنية على اختراعات واكتشافات تمت خلال 40 سنة الماضية، وإذا أخذنا مثلا شركات مثل غوغل، فيسبوك، أنستغرام، ميكروسوفت وغيرها، أي كل شركات الإعلام الآلي في هذا البلد هي اليوم شركات ضخمة جدا اقتصادها أكبر من اقتصاديات دول، وهذه التكنولوجيا التي تعتمد عليها هذه الشركات تمت خلال 50 سنة الماضية، واليوم الاقتصاد في الدول المتقدمة مبني على المعرفة والابتكار والتكنولوجيا. إذن نحن اليوم إذا أردنا أن يكون لنا مكان في اقتصاد المستقبل، هذا هو المجال الذي يجب الاهتمام به، والذكاء الاصطناعي هو الذي يفتح آفاق جديدة في المستقبل، ولهذا يجب أن يكون أول شيء نهتم به، وإذا لاحظنا مثلا دولا مثل الصين، روسيا، الاتحاد الأوربي، وأمريكا كلهم يشجعون بشكل كبير التعليم في مجال الذكاء الاصطناعي ويشجعون الاستثمار في الشركات الناشئة في هذا المجال، لأنهم يعلمون أن أي استثمار صغير في هذا المجال الآن يخلق اقتصادا كبيرا وقدرة على التصدير في المستقبل. النصر: ماهي الصعوبات التي يواجهها الذكاء الاصطناعي؟ الدكتور بغدادي: الذكاء الاصطناعي اليوم كمجال هو في مجال التقويم، ولايزال في مرحلة التقييم، لا يوجد نظام للذكاء الاصطناعي، والأنظمة الحالية لها قدرات وتطبيقات محدودة، ومن أبرز المشاكل هو أن هذه التقنية تعتمد على البيانات، ولتدريب نظام الذكاء الاصطناعي يجب تدريبه مثل الطفل الصغير وتقدم له بيانات ومن خلال تلك البيانات يتعلم، ولكن يوجد نقص في هذه البيانات، مثلا إذا أردنا استحداث نظام ذكاء اصطناعي يكشف السرطان نقدم له صورا بأشعة (x) ويقول لنا هذا النظام إذا كان هذا المريض الذي له صورة أشعة (x) مصاب بالسرطان أم لا، ولهذا نحتاج إلى ملايين الصور، والمشكل اليوم يكمن في أنه يوجد نقص كبير عالمي في البيانات، ولهذا فإن البيانات تعتبر أهم خطوة في إطلاق الذكاء الاصطناعي وتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي. النصر: أنت اليوم تزور الجزائر وقدمت محاضرة للطلبة بجامعة البليدة 1 حول الذكاء الاصطناعي، ما فحوى هذه المحاضرة؟ الدكتور بغدادي: المحاضرة تضمنت مقدمة حول الذكاء الاصطناعي وأمثلة عن تطبيقاته وكذا عن مجالاته والصعوبات التي يواجهها، والهدف منها تحفيز الطلبة على التعرف على هذا المجال والمواصلة فيه، وكانت المحاضرة تحفيزية أكثر منها تقنية. النصر: قلت المحاضرة كانت تحفيزية للشباب لاقتحام مجال الذكاء الاصطناعي، ما هي رسالتك للشباب وصناع القرار فيما يخص الاهتمام بمجال الذكاء الاصطناعي؟ الدكتور بغدادي: رسالتي الأولى للشباب أنفسهم، وهي أن كل العلوم في هذا المجال متوفرة مجانا، الدروس متوفرة مجانا، المحاضرات والكتب مجانا، ونفس المحاضرات التي تقدم في جامعة « أم إ تي» مثلا يمكن للطالب الجزائري متابعتها والاطلاع عليها بكل سهولة، ولهذا أشجع الشباب على أن يستثمروا في أنفسهم في هذا المجال، لأن أهم استثمار بالنسبة للشاب هو الاستثمار في نفسه وعليه تعلم مهارات جديدة، و أولا نشجعهم على تعلم هذا المجال لأن لهم فيه مستقبلا كبيرا، والأمر الثاني الذي يجب أن يتعلموه هو أن يحاولوا إنتاج منتجات أو تطوير أفكار جديدة، هذه الأفكار يمكن أن تتحول إلى أبحاث أو إلى شركات ناشئة أو منتجات أو يمكن أن يسمح لهم بالتعامل مع مخابر أخرى في الجزائر أو خارج الجزائر . أما بالنسبة للسلطات بشكل عام أظن أن هذا المجال مهم بشكل كبير، ولو يهتم به أكثر سيتحول إلى رافد من روافد الاقتصاد الوطني في المستقبل، لو نشجعه بشكل عام ونشجع الشركات الناشئة، ومقارنة بالسنوات الماضية كانت فيه خطوات كبيرة اتجاه دعم الشركات الناشئة ودعم الذكاء الاصطناعي، وكل هذه الخطوات في الاتجاه الصحيح.