العدالة تأمر بإجراء تحقيق تكميلي في أحداث سيدي سالم بعنابة أصدر قاضي الغرفة الجزائية لدى مجلس قضاء عنابة في ساعة جد مبكرة من فجر أمس الإثنين أمرا يقضي بإجراء تحقيق تكميلي في قضية أحداث سيدي سالم، في محاولة لتحديد هويات المتسببين الحقيقيين في أعمال الشغب التي شهدها هذا الحي الشعبي التابع لبلدية البوني في منتصف شهر جوان المنصرم. و هذا مع عدم مراعاة محتوى التقرير الذي كانت قد أعدته الضبطية القضائية مباشرة عقب تلك الأحداث، خاصة و أن مصالح الأمن كانت قد أوقفت 35 شخصا ممن تمت متابعتهم بالتجمهر غير المرخص، و كذا إهانة هيئة نظامية أثناء تأدية مهامها إضافة إلى الإقدام على حرق و تدنيس الراية الوطنية و حمل العلم الفرنسي عند التجمهر. علما و أن التحقيق التكميلي كان من بين المطالب التي كانت هيئة دفاع المتهمين قد تقدمت به قبيل إنطلاق جلسة المحاكمة التي خصصت للبت في الإستئناف الجماعي المقدم من طرف الأشخاص الذين تمت إدانتهم.الأمر باللجوء إلى التحقيق التكميلي كشف عنه رئيس الجلسة في حدود الدقيقة ال- 30 بعد منتصف ليلة الأحد إلى الإثنين، لأن جلسة المحاكمة دامت نحو 9 ساعات دون إنقطاع، و عرفت إلتماس النيابة العامة تأييد العقوبات بالسجن النافذ الصادرة في حق ال- 32 شخصا الذين تمت متابعتهم في هذه القضية، على إعتبار أن محكمة الحجار الإبتدائية كانت قد أصدرت في السادس من شهر جويلية المنقضي أحكاما بالحبس النافذ تتراوح ما بين عامين و 8 سنوات في حق 18 شخصا، يبلغون من العمر ما بين 20 و 35 سنة، ممن توبعوا في قضية حرق و تدنيس الراية الوطنية و كذا رفع علم دولة أجنبية في أحداث الشغب التي شهدتها ضاحية سيدي سالم ببلدية البوني ، مع تغريم كل واحد منهم بمبلغ 100 مليون سنتيم. المحكمة أدانت 6 أشخاص تتراوح أعمارهم ما بين 21 و 29 سنة بالتهم التي توبعوا بها و المتعلقة أساسا بتدنيس و إهانة و حرق الراية الوطنية و رفع راية أجنبية و أصدر في حق كل واحد منهم عقوبة 8 سنوات سجنا نافذا، في الوقت الذي صدر فيه حكم بالسجن النافذ لمدة 6 سنوات و غرامة بمبلغ 100 مليون سنتيم في حق 5 شبان آخرين ممن تمت إدانتهم بتهمة التجمهر غير المرخص به و إثارة الشغب و الإخلال بالنظام العام و قطع طريق عمومي و الإعتداء على أعوان الشرطة و إهانة هيئة نظامية أثناء تأدية مهامها، بينما صدر حكم ب 5 سنوات نافذة و غرامة بقيمة 100 مليون سنتيم في حق أربعة شبان مقابل إستفادة ثلاثة شبان آخرين من إجراءات التخفيف، فكان الحكم الصادر في حقهم يقضي بالحبس النافذ لمدة سنتين. أما الفوج الأول من المتابعين في هذه القضية، و المتشكل من 14 عنصرا فكان قد مثل أمام محكمة الحجار الإبتدائية في الثالث من نفس الشهر، و قد أدانت المحكمة جميع المتهمين الموقوفين بالأفعال المنسوبة إليهم فأصدرت حكما ب 5 سنوات سجنا نافذا و غرامة مالية بقيمة 100 مليون سنتيم في حق 11 شابا من سيدي سالم تتراوح أعمارهم ما بين 22 و 36 سنة بعد إدانتهم بتهمة المشاركة في أحداث الشغب و العنف، و التجمهر غير المرخص، و الإعتداء على هيئة نظامية أثناء تأدية مهامها و تحطيم و حرق و تخريب ممتلكات الغير و ممتلكات عمومية، في الوقت الذي صدر فيه حكم ب 4 سنوات نافذة في حق ثلاثة شبان آخرين كانوا ضمن الموقوفين بعدما تمت متابعتهم بتهمة التجمهر غير المرخص به و الإعتداء على أعوان الشرطة عند القيام بمهامهم و كذا المشاركة في تخريب مرافق و هيئات عمومية.جلسة المحاكمة لسهرة أول أمس الأحد عرفت إستدعاء المتهمين كل واحد على حدى و الإستماع إلى أقوالهم و تصريحاتهم بخصوص الأفعال التي نسبت إليهم ، سيما منها حادثة التجمهر و كذا حرق و تدنيس العلم الوطني و رفع الراية الفرنسية أثناء موجة الإحتجاجات العارمة التي شهدتها المنطقة في منتصف شهر جوان الماضي. و قد سارع المتهمون الذين تم الإستماع إليهم في بداية المحاكمة كل ما توبعوا به، متمسكين بذلك بالتصريحات التي كانوا قد أدلوا بها عند النظر في القضية على دفعتين بمحكمة الحجار الإبتدائية في أوائل شهر جوان المنصرم،حيث أنكر جميع المتهمين ضلوعهم في أعمال التخريب التي طالت مرافق و مؤسسات عمومية. و قد ذهب العديد منهم إلى حد التأكيد على أن تواجده في ضاحية سيدي سالم يوم إندلاع موجة غضب السكان كان لقضاء بعض الأمور الشخصية، و قد تزامن ذلك مع حملة الإعتقالات الواسعة التي شنتها وحدات الأمن في أوساط المتظاهرين. و هي النقطة التي ركز عليها الموقوفون و هيئة دفاع كل واحد منهم، و ذلك بالإجماع على أن عملية الإعتقالات تمت بطريقة عشوائية، دون الأخذ بعين الإعتبار ضلوع كل شخص في الإنزلاقات الخطيرة التي عرفتها المنطقة، و هو جانب كان القاسم المشترك في مرافعات ترسانة دفاع الموقوفين، لأن عائلات المحبوسين كانت قد ناشدت وزير العدل بالتدخل الفوري و العاجل لإعادة النظر في هذا الملف و تكييف تهم فردية لكل شخص تمت متابعته في هذه الأحداث، لتبلغ بعدا الأمور حد مناشدة فخامة رئيس الجمهورية بالتدخل للفصل في هذه القضية التي أخذت مجرى مغايرا، سيما و أن الأمر يتعلق بالمساس بالراية الوطنية. الأمر بإجراء تحقيق تكميلي يعد من بين المطالب التي كانت قد تقدمت بها عائلات الموقوفين منذ كشف محكمة الحجار عن الأحكام الإبتدائية الصادرة في حق جميع المتهمين، لأن الإدانة بالأفعال التي نسبت إليهم و الحكم عليهم بالحبس النافذ جعل العائلات المعنية تتحرك على أكثر من صعيد. و عليه فإن جهات أمنية مختصة من المنتظر أن تباشر عملها في الأيام القليلة القادمة بالنزول إلى الشارع في سيدي سالم، و التحدث مع المجتمع المدني و أعيان الحي بخصوص الدوافع الحقيقية التي أدت إلى إندلاع شرارة غضب السكان في منتصف شهر جوان المنصرم، مع محاولة تحديد مسؤولية كل واحد من الشبان المتواجدين رهن الحبس بالمؤسسة العقابية " بوزعرورة " ببلدية البوني منذ توقيفهم في 19 جوان الماضي، على أن تتم بعدها برمجة جلسة محاكمة للأشخاص الموقوفين وفق المعطيات التي سيتضمنها التحقيق التكميلي.للتذكير فإن أحداث سيدي سالم التي وقعت منتصف شهر جوان الماضي، فجرها سكان محتشدات " لاصاص "، لمطالبة السلطات المحلية بإجراء تحقيق على مستوى دائرة البوني لكشف مصير مشروع 3000 وحدة سكنية، التي خصصها رئيس الجمهورية لفائدة هؤلاء السكان؛ من أجل ترحيلهم على دفعات إلى سكنات إجتماعية جديدة في إطار برنامج القضاء على السكن الهش. لكن الأمور انزلقت بشكل مفاجئ و عنيف بعد غلق الطريق الوطني رقم 44 عند مدخل الحي و استهداف أعوان مكافحة الشغب بالزجاجات الحارقة، قبل أن تصل الأمور حد الإقدام بعضهم على حرق الراية الوطنية و رفع العلم الفرنسي . و أسفرت حملة المطاردة عن توقيف 35 شخصا من بينهم ثلاثة قصر، أودعوا رهن الحبس المؤقت بمجرد فتح تحقيق في تلك الأحداث قبل أن تصدر في حق 32 منهم أحكام بالسجن النافذ. و هي الأحكام التي إعتبرها المجتمع المدني بسيدي سالم و عائلات المحبوسين قاسية، مما جعل المنطقة تشهد موجة من الوقفات التضامنية مع الموقوفين .