كسبت الصناعة المحلية لمعاطف الكشمير، رهان النوعية و مواكبة الموضة و الأسعار، و بسطت هيمنتها على السوق الوطنية، حيث تستحوذ على مساحة كبيرة داخل محلات الألبسة النسوية و تحتل واجهات العرض، كما تلقى رواجا حسب ما لاحظناه و ما أكده تجار للنصر. أجمع باعة و زبان، على نجاح علامات جزائرية في تغيير الفكرة السائدة عن المنتوج المحلي، بعد أن بات المتوفر منه يلبي الأذواق، بفضل تنوع العرض و توفر المقاسات و أكد مواطنون، بأن هناك علامات نجحت في تصميم معاطف ذات جودة عالية لا تختلف عن المستوردة. ربورتاج / أسماء بوقرن تراجع حصة المنتج المستورد احتلت البضاعة المحلية لمعاطف الكشمير، حيزا كبيرا من العرض بمحلات الألبسة النسائية بقسنطينة، بما في ذلك المحلات التي كانت تشتهر ببيع البضاعة المستوردة، إذ تراجع تسويق هذه الأخيرة بشكل ملحوظ مع التوجه أكثر نحو بيع المنتج الوطني، وهو ما لاحظناه خلال جولتنا بين نقاط البيع بوسط المدينة و علي منجلي و أكده تجار تحدثنا إليهم، بينهم محفوظ وهو صاحب محل بالمركز التجاري رتاج مول، الذي قال لنا، بأنه كان يتخصص في بيع المعاطف المستوردة بمختلف أنواعها، لكنه غير من نشاطه نسبيان وانفتح بشكل أكبر على البضاعة المحلية التي استطاعت أن تكسب ثقة زبائن معينين، بعدما كانت سيئة السمعة وتعرف عنها رداءة الخامات و بساطة التصاميم. وأضاف المتحدث، الصناعة الوطنية كانت محدودة من ناحية وفرة المقاسات، وهو ما عرقل عجلة تطورها لكنها تشهد حسبه، تحولا جذريا في الثلاث سنوات الأخيرة و خاصة هذه السنة، بفضل ارتفاع عدد الورشات و احتدام المنافسة، حيث حققت علامات قفزة نوعية و تمكنت من منافسة التصاميم مستوردة، و فرض منتجات تلبي أذواق مختلف الشرائح، على غرار علامة «رياض» التي تنتج بقسنطينة، و « الأصيل» التي تنشط ورشاتها بالعاصمة مؤكدا بأنه قرر هذا الموسم الاعتماد على ثلاث ورشات وطنية لإنتاج الألبسة، بعد أن حققت بضاعتهما رواجا قياسيا الموسم الماضي، و لم تسجل كسادا أو صعوبة في التسويق، على عكس البضاعة المستوردة التي لم تعد تشكل حسبه سوى 5 بالمئة من المعاطف المعروضة في محله، بعد أن عانى خلال السنتين الماضيتين من مشكل كسادها، مشيرا إلى أنها تعرضت للتلف بسبب طول عرضها وبات من الصعب بيعها رغم تخفيضه لسعرها بحوالي ثلاثة آلاف دينار. المنافسة حركت السوق في محل «زردا فاشن» الشهير بمختلف الموديلات المحلية قال البائع، أنه يعتمد على ورشات جزائرية تنشط بعدد من ولايات الوطن بينها قسنطينة، لتموين محله، موضحا بأن هناك منافسة قوية بين المنتجين الجزائريين، أثمرت تحسنا في النوعية، حيث أصبحت كل ورشة تعمل بجهد من أجل ترك بصمتها في السوق من خلال طرح بضاعة بتصاميم استثنائية تختلف عن ما هو موجود، مع مواكبة الموضة و إضافة لمسات خاصة. و تتنوع المنتجات كثيرا ، وفق التاجر، و تعرف تحسنا في نوعية الأقمشة و اعتماد كشمير جيد، بالإضافة إلى أقمشة مضادة للمياه و نوعية رفيعة من الجلد و الفرو و غيره، فضلا عن توفير المقاسات بما في ذلك الكبيرة و تنويع التصاميم، ما خلص الكثيرات من مشكل كان يعانين منه كثيرا في السابق. وقال أيضا، إن الصناعة المحلية أخذت بعين الاعتبار معايير مدروسة تتناسب مع خصوصية و احتياجات المرأة الجزائرية، في مقدمتها شكل الجسم و دقة المقاسات الكبيرة والصغيرة، بعدما كانت المنتجات موحدة المقاسات في عمومها، كما أن هناك تطورا ملحوظا حسبه، في الاهتمام بالتعديلات النهائية و التفاصيل الصغيرة في القطعة. و بخصوص الأسعار، أكد معظم من تحدثنا إليهم من تجار بأنها في المتناول، و تتراوح عموما بين ثلاث آلاف إلى غاية 13 ألف دينار، و تختلف حسب جودة القماش و التصميم، حيث أوضح التاجر هاني، بأن المعطف الذي يقدر سعره ب 10 آلاف دينار، لا يقل جودة عن أي معطف مستورد، قد يتخطى سعره باحتساب تكاليف الشحن والنقل وفارق سعر الصرف 20 ألف دينار، مشيرا إلى أن نوعية القماش هي ذاتها المستعملة في القطعتين. وأكد بأن الورشات تقوم باستيراد الأقمشة من الصين و تركيا، مبررا زيادة الأسعار مقارنة بالسنة الماضية إلى ارتفاع سعر قماش الكشمير، و تضاعف تكاليف شحن البضاعة، مع ذلك اعتبر بأن السعر مناسب جدا مقارنة بالجودة و الدليل حسبه، هو رواج البضاعة فور عرضها و عدم اكتفاء الزبائن باقتناء قطعة واحدة، إذ أن هناك من الزبونات من يشترين قطعتين بلونين مختلفين، مؤكدا بأن السعر يعد من أهم الأسباب التي رجحت كفة المعاطف الجزائرية. توقيف الاستيراد خلال الجائحة دفع عجلة الصناعة المحلية من جانبه، أكد علي وهو صاحب محل بالمركز التجاري رتاج مول، بأن جائحة كورونا قلبت موازين السوق و حركت عجلة الصناعة المحلية للمعاطف النسائية، التي ظلت متوقفة لسنوات بسبب هيمنة المستورد، وقال إن التغيير جاء كنتيجة لإجراءات الغلق و توقيف الاستيراد حيث و جد التاجر نفسه مجبرا كما أخبرنا، على توفير بضاعة بديلة لضمان استمرار نشاطه، ولذلك تحول نحو المنتج المحلي، وهي فرصة اغتنمها المنتجون لتطوير نشاطهم. وقد كانت البداية محتشمة و مقتصرة على ورشات تعد على الأصابع كما أوضح، لكنها تطورت وتوسعت اليوم بشكل كبير جدا، بعد أن تحول تجار التجزئة إلى مصنعين وساهموا في تلبية طلب السوق، مؤكدا بأنه في حال ظلت وتيرة الإنتاج نشيطة، فإننا سوف نصل قريبا إلى مرحلة التصدير و نساهم بذلك في دعم الاقتصاد الوطني و تنويع المداخيل. زبائن لا يفرقون بين المحلي و المستورد خلال جولتنا بين محلات الألبسة النسوية، لاحظنا تفوق بعض العلامات من ناحية الجودة، لدرجة أننا لم نتمكن في الوهلة الأولى من التأكد إن كانت معاطف مستوردة أو محلية، إلا بعد الاستفسار من البائعة، التي قالت إن كثيرا من الزبائن يعتقدون بأنها معاطف تركية الصنع، لتشابه التصاميم، مؤكدة بأن الجودة أيضا متقاربة جدا و ترقى في كثير من الأحيان إلى مستوى المنافسة، خاصة فيما يتعلق بنوعية قماش الكشمير، مع ذلك يبقى المستورد أغلى من ناحية السعر. و أوضح زبائن تحدثنا إليهم، بأن مشكل انعدام الثقة في الصناعة الوطنية لم يعد مطروحا، منهم السيدة كانت بصدد شراء معطف بقيمة 3800 دج، قالت بأنها وجدت ما كانت تبحث عنه من حيث التصميم والجودة، وأن المنتجات المحلية تطورت و باتت تلبي ذوقها، مضيفة أن هناك تنوعا في الخيارات و فرقا واضحا في الأسعار بما يناسب القدرة الشرائية لمتوسطي ومحدودي الدخل حيث يمكن لكل زبونة اقتناء ما يناسب ميزانيتها. أما نبيل الذي قابلناه رفقة زوجته بمحل زردة فاشن فأوضح بأنه اشترى لها معطفا جميلا مقابل مبلغ 8 آلاف دينار، و أنه منبهر بتطور الإنتاج المحلي، و يشجع ذلك كثيرا، وقال إنه أعجب جدا بالتصميم الذي اختارته زوجته و التي لا يقل تميزا عن التصاميم المستوردة، كما أن جودة القماش جيدة مقارنة بالسعر، الذي اعتبره مناسبا جدا خاصة في ظل التهاب أسعار المعاطف الأجنبية و الأوروبية بخاصة، و التي صارت حكرا على الميسورين فقط كما علق. و أضافت أميمة التي التقيناها بمحل في وسط المدينة، بأنها قررت هذه السنة شراء قطعتين بسعر لا يفوق مليون سنتيم، مع مقاطعة المعاطف المستوردة، بعد أن اقتنت السنة الماضية معطف كشمير من محل معروف بقسنطينة بسعر 18ألف دينار، لكنه سرعان ما اهترى و تمزق قماشه الداخلي، ما يعني حسبها أن فكرة تفوق المنتجات المستوردة تعد كذبة تسويقية كبيرة. معاطف الفرو المحلية تنافس بقوة و ما لفت انتباهنا أيضا، خلال استطلاعنا، هو دخول معاطف الفرو على خط المنافسة، حيث تلقى رواجا ملفتا حسب ما لاحظناه، حيث أكد لنا التاجران علي و هاني بأن هذه المعاطف المصنوعة محليا لا تختلف عن المستوردة من فرنسا، و لا يمكن للزبون التفريق بينهما إلا عند الاستفسار أو قراءة بطاقة الوسم. و تختلف أسعار المعاطف حسب التصاميم و نوعية الفرو، إذ تنطلق عموما من حدود 4 آلاف دينار و تعتبر موضة الموسم و تنافس الكشمير.