الفيل الاشتراكي فرانسوا هولاند يدوس أحلام ساركوزي فاز مرشح الحزب الاشتراكي فرانسوا هولاند بالدور الأول للانتخابات الرئاسية الفرنسية الذي جرى أمس حيث حصد 28.40 من أصوات الناخبين متقدما على الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي الذي لم يتحصل سوى على 25.50 بالمئة حسب نتائج شبه رسمية أعلنت مساء أمس وهي المرة الاولى في تاريخ الجمهورية الخامسة التي يحل فيها رئيس مرشح لعهدة ثانية ثانيا ما فسر على أنه رفض للفرنسيين لساركوزي على اعتبار أن 75 بالمئة من الفرنسيين قالوا لا للرئيس وهي عقوبة قاسية لرئيس كان يمني النفس بخلافة نفسه. وسجل الدور الأول صعودا تاريخيا للجبهة الوطنية حيث نالت مرشحتها مارين لوبان 20 بالمئة من الأصوات وهي نتيجة كبيرة لم يسبق لوالدها جون ماري لوبان تحقيقها حتى حين وصل في الرئاسيات قبل الماضية إلى الدور الثاني مع جاك شيراك. من جهته حقق مرشح اليسار الراديكالي جون لوك ميلونشون نتيجة طيبة بحصده لأكثر من 11 بالمئة من الأصوات ولم يتردد في أول رد فعل له على النتائج أمس في دعوة أنصاره إلى محاربة ساركوزي وإسقاطه في السادس ماي القادم وهو نفس موقف مرشحة الخضر إيفا جولي. وبات هولاند المرشح الأقرب إلى دخول الإليزي الذي سيخرج منه ساركوزي بعد الدور الثاني الذي سيجري يوم 06 ماي القادم، على اعتبار أن المرشح الاشتراكي سيستفيد في الدور الثاني من أصوات اليسار الراديكالي والخضر، في حين لن يجد ساركوزي نصيرا في هذا الدور الحاسم رغم مغازلته المتكررة لوعاء اليمين المتطرف. وبلغت نسبة المشاركة في الاقتراع 80 بالمئة وهي نسبة كبيرة حتى وإن كان مراقبون يعتبرون تغيب نحو عشرين بالمئة من الناخبين الفرنسيين رسالة تعبر عن عدم الاطمئنان للحلول التي اقترحها المترشحون للمشاكل المعقدة التي يتخبط فيها قطاع واسع منهم جراء الأزمة الاقتصادية. ولم تكن خسارة ساركوزي مفاجئة إلا له هو الذي قال قبل أسبوع لنظيره الأمريكي باراك أوباما في مخابرة متلفزة أنه واثق من الفوز، حيث ظلت استطلاعات الراي تقدم فرانسوا هولاند فائزا في الدور منذ عدة أشهر وفوق ذلك تقدمه فائزا في الدور الثاني، وهو ما بات في حكم المؤكد إذا أخذ بالاعتبار حجم الوعاء الانتخابي لليسار وحجم الرفض الذي ووجه به الرئيس المترشح في الدور الأول، ما جعل اليسار الفرنسي بمختلف أجنحته يعلن أمس طي صفحة ساركوزي من التاريخ الفرنسي. ويحتاج مرشح الحزب الحاكم الاتحاد من أجل حركة شعبية إلى معجزة حقيقية للبقاء في الإليزي أو إلى أحداث أو حوادث خارقة قبل الدور الثاني، هو الذي كافح ولعب كل الأوراق بما في ذلك التشدد تجاه المهاجرين والمسلمين وتركيزه على ناخبي اليمين الذين توسعت قاعدتهم، لكن المتطرفين اليمينيين لم يتجاوبوا مع “تطرف” ساركوزي وظلوا أوفياء لبيتهم الأول: الجبهة الوطنية، التي أصبحت قوة سياسية لا يستهان بها. و فيما بدا أن ساركوزي لم يهضم هزيمته حاول رئيس حكومته فرانسوا فيون التقليل من وقع الخسارة بقوله أن الأمور لم تحسم بعد ونتائج الدور الأول لا تعبر سوى عن تعددية وتنوع المجتمع الفرنسي مشيرا إلى المعركة ضد الازمة الاقتصادية لا تزال جارية وكذلك ما اسماه تحديث فرنسا الذي لن يقدر عليه في نظره سوى المرشح نيكولا ساركوزي. غير أن معطيات الدور الأول وإن أجلت الحسم إلى السادس من الشهر القادم إلا أن مؤشراتها تشير بوضوح إلى أن ساركوزي سيختفي من الحياة السياسية الفرنسية وسيصبح بعد هذا التاريخ محاميا في المكتب الذي يمتلكه كما سبق و أن وعد خصومه وما تبقى من المؤمنين به في فرنسا.